الرئيسة \  واحة اللقاء  \  غابت المصلحة.. فغاب الضمير العالمي عن سوريا

غابت المصلحة.. فغاب الضمير العالمي عن سوريا

09.06.2014
خالد عباس طاشكندي

 

عكاظ
الاحد 8/6/2014
اجتمعت مؤخرا مجموعة من المنظمات الخيرية الدولية التي تقدم المساعدات الإنسانية للشعب السوري وفق قرار مجلس الأمن رقم 2139 الذي سمح لها منذ أواخر فبراير الماضي بإيصال المساعدات الأساسية من الغذاء والماء والأدوية والبطانيات والملابس لقرابة عشرة ملايين سوري تضرروا من الحرب الدائرة في سوريا، وخرجت هذه المنظمات ببيان مشترك نشرته في صحيفة "الجارديان" الأسبوع الماضي أكدت فيه الفشل الذريع لقرار مجلس الأمن وباقي الجهود السياسية والدبلوماسية في إيصال المساعدات بسبب تجاهل القرار وانتهاكه من قبل الأطراف المتنازعة وتحديدا قوات نظام الأسد، وبالتالي حرمان الأبرياء من الحصول على المساعدات المنقذة للحياة، ولايزال المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن يقفون مكتوفي الأيدي ومتفرجين دون أي تحرك عملي لتأمين إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية، والعمل الجاد لإيجاد نهاية لهذه الكارثة والمأساة الإنسانية التي دخلت عامها الرابع دون أي بوادر للانفراج.
ووفق هذه الظروف لقي مائتا ألف سوري حتفهم منذ بداية الصراع بسبب أمراض مزمنة نظرا لعدم تلقيهم للعلاج والأدوية، وهذا العدد يتجاوز عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم كنتيجة مباشرة للحرب والذي بلغ أكثر من 160 ألف شخص، وذلك بحسب توضيح صدر مؤخرا من المفوضة الأوروبية كريستالينا جورجيفا المكلفة بالتعاون الدولي والمساعدات الإنسانية والاستجابة للأزمات.
هذا الواقع يثير العديد من التساؤلات ويؤكد يوما بعد يوم الشبهات حول تخاذل مجلس الأمن والأمم المتحدة والقوى العظمى في حلف الأطلسي بالإضافة إلى الكثيرين من أصدقاء سوريا عن حماية ملايين الأبرياء في سوريا، والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم تتحرك هذه القوى الدولية على غرار تحركها في دعم حرب ثورة 17 فبراير في ليبيا وحرب البوسنة والهرسك في العام 1995، بالرغم من تقارير لجان تقصي الحقائق عن المجازر الجماعية واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين؟! نتساءل كغيرنا من النشطاء الغربيين الذين ينتقدون سياسات دولهم التي تخاذلت عن إنقاذ سوريا، وهل يجب أن يكون لدى سوريا وغيرها من الدول المنكوبة ثروات حتى يتحرك مجلس الأمن؟!
حتى الإعلام في أوروبا والولايات المتحدة يوجه سهام النقد اللاذع للأسرة الدولية وبطء تحركها في سوريا أو عدم جدوى سياساتها، فقد نشرت الواشنطن بوست الأسبوع الماضي مقالا للكاتب مايكل جيرسون انتقد فيها بشكل جارح سياسات الرئيس أوباما في سوريا ووصفها بالغباء، وتساءل جيرسون: كيف يطلب أوباما من الأسد التنحي، ولا يفعل شيئا حيال ذلك؟ّ!
حتى قرار مجلس الأمن رقم 2139 الصادر بتاريخ 22 فبراير الماضي، والذي فرض تمرير المساعدات الإنسانية إلى سوريا من قبل المنظمات الإنسانية ومساهمة هذا القرار مبدئيا في إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في 10 مارس الماضي أنه نجح في الوصول إلى مناطق كثيرة في سوريا، من بينها ريف دمشق وريف درعا ومخيمات النازحين شمال إدلب بفضل عمليات الهدنة بين قوات الأسد والجيش الحر، لكن ظلت الانتهاكات منذ ذلك الحين كبيرة وعائقا أمام إيصال الغذاء والاحتياجات الأساسية لمن هم بحاجة ماسة إليها، وهذا عدا أن آلية اتخاذ القرار 2139 كان لها دلالات على حجم التخاذل الدولي في سوريا، حيث تقدمت به الأردن ولوكسمبرغ وأستراليا وصدرت موافقة أعضاء مجلس الأمن ال15 على مضض بعد شهرين متتاليين من المداولات، وعلى الرغم من أن القرار حمل السلطات السورية مسؤولية انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وفرض ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة، وتيسير دخول المساعدات، إلا أنه لم يحمل أي إشارة إلى عقوبات في حال عدم التنفيذ أو حتى تلويح بها، ولذلك يطرح المنطق تساؤلا: هل يجب أن يسدد أحد فاتورة تحويل الملف السوري إلى الجنائية الدولية تحت البند السابع؟!