الرئيسة \  واحة اللقاء  \  غرق المعارضة السورية في السلبية دفع بها إلى مآل التهميش

غرق المعارضة السورية في السلبية دفع بها إلى مآل التهميش

11.03.2021
العرب اللندنية


العرب اللندنية 
الاربعاء 10/3/2021 
بيروت - لم تتمكن المعارضة السورية على اختلاف مكوّناتها خلال عشر سنوات من عمر النزاع من توحيد صفوفها وتقديم بديل جدي عن نظام بشار الأسد، وعلى وقع خسائر ميدانية متتالية، باتت غارقة في السلبية وصوتها خافت وقياداتها مشتّتة وتتحرّك وفق أجندات داعميها ما شكّل خيبة أمل حقيقية للناشطين و”الثوّار”. 
وفشلت مجموعات المعارضة السياسية المقيمة بغالبيتها في المنفى في بناء جسور مع الداخل، وغالباً ما اتُهمت بعدم تمثيلها لصوت الناس والفصائل المقاتلة، التي تمكنت في سنوات الحرب الأولى من السيطرة على نحو ثلثي مساحة سوريا، ما يدفعها نحو مآل التهميش مستقبلا. 
ويؤكد الناشط الحقوقي البارز مازن درويش، الذي اعتقل لنحو أربعة أعوام في سجون النظام وخُطف عدد من فريق عمله قرب دمشق، أن “المعارضة هي إحدى الخيبات”. 
ويشير إلى أن بعض المعارضين يعملون كسفراء لدول أخرى ويمثلون مصالحها في سوريا وتعاملوا مع النظام كما لو أنه سيسقط خلال أشهر وكان الهم الأساسي من سيحظى بمنصب “بينما كنا نحلم بتغيير النظام والحريات وحقوق الإنسان”. 
وبالنظر، إلى المسار، الذي سلكته المعارضة يتضح أنه منذ أن عقدت أولى اجتماعاتها مطلع يونيو 2011 في مدينة أنطاليا التركية، بعد أسابيع من بدء التظاهرات الاحتجاجية، لم يكن مجديا خاصة وأنها تضم جماعة الإخوان المحظورة في سوريا. 
وازدادت التعقيدات مع مجموعة “إعلان دمشق” التي ضمت هيئات وشخصيات معارضة في الداخل والخارج، وشخصيات كردية وشبان يشرفون على تنظيم التظاهرات. 
وبعد اجتماع أكتوبر 2011 في تركيا تم تأسيس المجلس الوطني السوري. وتحالف بعد عام مع مجموعات أخرى أبرزها لجان التنسيق المحلية التي دأبت على الدعوة وتنسيق التظاهرات أسبوعياً والمجلس الوطني الكردي تحت مسمّى “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، الذي يترأسه نصر الحريري. 
وبات يُنظر إلى الائتلاف الذي أعلن عنه من الدوحة على أنّه الأكثر تمثيلاً للمعارضة، وفيما منيت قوات النظام بخسائر متلاحقة في الميدان، حظي الائتلاف باعتراف رسمي من أكثر من مئة دولة غربية وعربية في مؤتمر “أصدقاء سوريا” نهاية العام 2012 بوصفه “ممثلاً وحيداً للشعب السوري”. 
في هذه الأثناء، بدأت سلميّة التظاهرات تتحطم بعد قمع عنيف تطوّر إلى نزاع مسلح دخلت على خطه تدريجياً دول عدة، خليجية كقطر والسعودية أرسلت مالاً وسلاحاً للمعارضين، وغربية وعربية صدحت ببيانات مطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد. 
ومع عسكرة النزاع، تعدّدت الفصائل المقاتلة التي تلقت دعماً من جهات ودول لها أجندات خاصة، ولم تحظ بدعم عسكري كاف لدحر قوات النظام كما توقّعت، لخشية الغرب من تكرار سيناريو الفوضى الليبي. 
وأسهم تصاعد نفوذ التنظيمات المتشددة لاسيما تنظيم داعش منذ 2014 بإضعاف المعارضة سياسياً وعسكرياً. ومع استقطابه الآلاف من المقاتلين الأجانب وتنفيذه هجمات دامية في الخارج، انصبّ تركيز المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة على دعم الفصائل الكردية، التي بقيت خارج تكتل المعارضة، وحلفائها لمواجهة الجهاديين عوضاً عن دعم خصوم الأسد. 
وشارك الائتلاف في مطلع 2014 مع وفد من النظام في جولتي مفاوضات بإشراف الأمم المتحدة سعيا لإيجاد حل للأزمة، من دون إحراز تقدم. وبرعاية سعودية، تشكلت نهاية 2015 الهيئة العليا للمفاوضات، التي ضمّت أطيافاً واسعة من المعارضة أبرزها الائتلاف وفصائل مقاتلة، تمهيداً لبدء مفاوضات جديدة مع النظام في جنيف. 
وظهرت لاحقاً منصات أخرى تتحدث باسم المعارضة، مثل منصة القاهرة التي ضمت معارضين من الداخل والخارج، ومنصة موسكو برئاسة نائب رئيس الوزراء الأسبق قدري جميل. 
وفي داخل سوريا، نشطت مجموعات معارضة، بعضها مقبول إجمالاً من النظام، ضمت أحزاباً قومية ويسارية وكردية وشخصيات وطنية، لم يسلم بعض أعضائها من الاعتقال، وأخرى محسوبة على دمشق. وقد دعيت جميعها إلى جنيف. 
ومع انطلاق جولات المحادثات في عام 2016، وجدت مجموعات المعارضة نفسها مطالبة بتوحيد وفدها رغم تباين موقفها خصوصاً من مصير الأسد، لتتأسس في نوفمبر 2017 هيئة التفاوض العليا على وقع ضغوط دولية للتخلي عن الشروط المسبقة، لاسيما تنحي رئيس النظام السوري، قبل بدء التفاوض. 
وبعد خسائر ميدانية أبرزها في مدينة حلب نهاية 2016، ثم الغوطة الشرقية قرب دمشق في أبريل 2018، بدا واضحاً أن الدول التي دعمت المعارضة واستقبلت قياداتها باتت تتعاطى بواقعية أكبر مع بقاء الأسد. وبدءاً من 2017، طغت محادثات أستانة برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة، على مسار جنيف وأضعفته. 
وبعدما كانت المعارضة تفاوض النظام في جنيف على مرحلة انتقالية بعد رحيل الأسد، تمهيداً لتسوية سياسية، باتت المحادثات تقتصر اليوم على لجنة دستورية تضمّ ممثلين عن الطرفين لبحث تعديل أو وضع دستور جديد، لكنّها لم تحقق تقدماً بغياب “نية للتسوية” باعتراف الأمم المتحدة.