الرئيسة \  واحة اللقاء  \  غرق طفل.. أم غرق أمة ؟!

غرق طفل.. أم غرق أمة ؟!

06.09.2015
إبراهيم محمد باداود



المدينة
السبت 5/9/2015
غرق طفل.. أم غرق أمة ؟! لا أعلم لِمَ قفز إلى مخيّلتي وتذكّرت وأنا أشاهد صورة جسد ذلك الطفل الطاهر البريء على شاطئ البحر غريقًا، صورة الطفل محمد الدرة وهو مسجّى خلف والده قتيلًا برصاص الغدر والعدوان الصهيوني، لا أعرف ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين الصورتين، ولكن كل ما أعرفه هو أن كلتا الصورتين تؤكدان بأننا نعيش وسط أُمّة عربية ميتة.
يأبى الله عز وجل بين فترة وأخرى إلا أن يقدم لنا برهانًا واضحًا ودليلًا ساطعًا ليس على موت هذه الأمة، فقط بل وعلى موت العالم بأسره، كيف لا وقد أصبحنا نرى كل يوم القذائف وهي تتساقط على رؤوس الأطفال وسكان البيوت وطلاب المدارس لتهدمها وتقتل من فيها ليل نهار على مرأى ومسمع من العالم كله، ولكن لا حياة لمن تنادي!!.
إن موت هذا الطفل البريء بهذه الصورة المؤلمة يختزل معاناة وآلام مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من بطش طاغية الشام، والذين يعانون منذ عدة سنوات من الصراع الدائر في بلادهم، فهم إن بقوا في منازلهم سقطت عليهم البراميل المتفجرة، وإن هاجروا وفروا من مناطق الصراع بحثًا عن ملجأ أو مستقر لقوا حتفهم بالموت، سواء غرقًا أو اختناقًا أو قتلًا من بعض الجماعات الإرهابية الموجودة هناك، فهم يفرّون من موتٍ إلى موت، وما ذاك إلا شهادة تأكيد على موت الضمير العالمي.
إنها مأساة بمعنى الكلمة، لا تُختصر في قتل أو غرق الأطفال، بل في موت الضمير العالمي الذي كُتبت شهادة وفاته منذ زمن بعيد، فها هي المأساة تلو الأخرى تتكرر يومًا بعد يوم دون أن يتحرك العالم، بل إن في هذا الموت دعوة لكل الطغاة والظلمة والمفسدين أن واصلوا طغيانكم وبطشكم وظلمكم فلن يقف أحد أمامكم لأن الضمير العالمي قد مات منذ زمن!!.
ليست المأساة فقط في أن يموت طفل صغير لا يتجاوز عمره 3 أعوام غرقًا في البحر مع والديه وهم يفرّون من جحيم الطاغية، بل المأساة الأكبر أن ترى أمة بأكملها ترى وتسمع وتعاني من الظلم والقهر والجبروت الذي يصيب شعوبها ولا تملك أن تحرك ساكنًا