الرئيسة \  واحة اللقاء  \  غياب فلسطين والسد الإثيوبي واليمن وسوريا عن قمة الدول الصناعية 

غياب فلسطين والسد الإثيوبي واليمن وسوريا عن قمة الدول الصناعية 

17.06.2021
إبراهيم نوار


القدس العربي 
الاربعاء 16/6/2021 
تعرضت القضية الفلسطينية لضربتين في بداية هذا الأسبوع، فقد غابت عن البيان الختامي لقمة الدول الصناعية، كما غابت عن أولويات الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي فازت بثقة الكنيست يوم الأحد الماضي، بأغلبية صوت واحد فقط. الأولويات التي أعلنها نفتالي بينيت تتضمن إصلاح التعليم، وتعزيز الرعاية الصحية، وتحسين بيئة إنشاء الشركات والأعمال، والبدء في تنفيذ برنامج للإسكان الاجتماعي، والبناء في "أرض إسرائيل" خصوصا المنطقة ج، والانفتاح على فلسطينيي الداخل، وتوسيع نطاق تطبيع العلاقات مع الدول العربية. وتهدف هذه الأولويات إلى بناء قاعدة شعبية انتخابية مؤيدة للتحالف الحكومي الجديد. 
وعلى الرغم من غياب القضية الفلسطينية تماما عن البيان الختامي لقمة الدول السبع، التي انعقدت في كورنوال في إنكلترا، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي كان في ضيافة ملكة بريطانيا بعد انتهاء القمة، بعث برقية تهنئة إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، مؤكدا الالتزام الثابت بأمن إسرائيل والتشاور معها على كل المستويات، في ما يتعلق بالرسائل الإقليمية. 
وقد تناول البيان الختامي للقمة عددا من قضايا الشرق الأوسط والقرن الافريقي، ليس من بينها سد النهضة الإثيوبي، على الرغم من جهود الوساطة التي يقوم بها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويعكس غياب أزمة سد النهضة حقيقة تدني مستوى الاهتمام بها دوليا، على الرغم من جهود الدبلوماسية المصرية والسودانية. وتسود في الدوائر الأمريكية والأوروبية والأمم المتحدة، قناعة بأن الخلاف بشأن السد، هو موضوع يمكن حله بالتفاوض بين الدول المعنية وبمساعدة الاتحاد الافريقي، مع استعداد الأطراف الثلاثة لتقديم مساعدات فنية لتسهيل المفاوضات، أو صياغة الحلول. ومن المستبعد أن يكون سقوط أزمة سد النهضة من جدول أعمال القمة، بسبب خلافات بين الدول السبع حول طريقة حلها. كذلك غاب عن البيان الختامي، أي ذكر للأزمة اليمنية، على الرغم من الجهود التي تقوم بها الولايات المتحدة، كما لم يتضمن إشارة إلى الأزمة في سوريا، والموقف من الوضع هناك بعد الانتخابات الأخيرة، التي أجراها بشار الأسد. الشرق الأوسط كان غائبا أيضا عن مائدة الاجتماعات، التي شاركت فيها وفود من خارج مجموعة الدول الصناعية الكبرى تمثل، كوريا الجنوبية وجنوب افريقيا، إضافة إلى الهند التي شاركت عن بعد. 
القرن الافريقي 
تناولت الفقرة 54 من البيان الختامي للقمة الوضع في إقليم تيغراي، والصراع المستمر هناك، الذي أدى إلى مأساة إنسانية تتسع يوما بعد يوم، وتتخذ أشكالا متعددة، منها انتشار المجاعة بين عشرات الآلاف من السكان، بسبب النزوح وتداعيات القتال. كما كشفت تقارير متابعة الأوضاع الإنسانية، أن آلاف النساء تعرضن لاعتداءات جنسية على نطاق واسع بواسطة الأطراف المتحاربة. وقد أدان البيان كل أشكال العنف والاعتداءات التي يتعرض لها السكان، وطالب بالوقف الفوري للقتال والانتهاكات، كما طالب بضرورة انسحاب القوات الإريترية من إقليم تيغراي، وبدء عملية سياسية تعيد الاستقرار إلى الإقليم. ونظرا للصعوبات التي تواجهها مهمة مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في تيغراي، فإن البيان ناشد كل الأطراف باحترام مهمة مسؤولي الأمم المتحدة، وتسهيل أدائهم لواجباتهم، خصوصا في ما يتعلق بفتح منافذ تتيح وصول المساعدات الإنسانية إلى كل مناطق الإقليم. ووجهت القمة نداء إلى القيادة الإثيوبية بالشروع في عملية سياسية شاملة تعيد الثقة إلى مواطني تيغراي، وتساعد على اندماجهم في النظام السياسي. 
ويعكس غياب أزمة سد النهضة حقيقة تدني مستوى الاهتمام بها دوليا، رغم جهود الدبلوماسية المصرية والسودانية 
الإرهاب في افريقيا 
اهتم البيان في الفقرة رقم 55 بقضية مواجهة الجماعات الإرهابية النشيطة في دول الساحل الافريقي، وهي قضية تحتل أولوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خصوصا فرنسا، التي تشارك بقوة كبيرة في عمليات المكافحة. وأكد البيان التزام الدول الصناعية الغربية ببذل كل الجهود الضرورية لتحقيق الانتصار على الإرهاب، وتخفيف معاناة السكان المدنيين، وأشادت بقمة مجموعة دول الساحل وفرنسا، التي انعقدت في العاصمة التشادية نجامينا في شهر فبراير الماضي، وهي القمة التي أكدت على أهمية دور القوى المدنية في صنع الاستقرار والسلام، كما أبدت ثقتها في دور الاتحاد الافريقي في هذا السياق، بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لغرب افريقيا، التي تقدم المساعدات لتعزيز القدرات الاقتصادية وتحقيق التنمية لهذه الدول، خصوصا في كل من تشاد ومالي، وما تم بذله من مجهود لإصلاح الأوضاع الدستورية والسياسية للقضاء على أسباب عدم الاستقرار في كل منهما. 
ليبيا 
احتل الوضع في ليبيا مساحة كبيرة من المناقشات بين قادة الدول السبع، نظرا لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية بالنسبة لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خصوصا ألمانيا، التي تحاول أن تلعب دورا دبلوماسيا حيويا، يساعد على إعادة توحيد ليبيا، وتوفير ظروف الاستقرار فيها، بما يزيل احتمالات تجدد القتال، ويقود إلى بناء سلطة سياسية منتخبة قبل نهاية العام الحالي. وقد أكد البيان على أهمية إنجاح عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تقوم على ما تم التوصل إليه في مؤتمر برلين للسلام في يناير من العام الماضي. وتضمنت الفقرة رقم 56 من البيان الختامي، التأكيد على ضرورة إجراء انتخابات شفافة ونزيهة في موعدها المقرر في 24 من ديسمبر المقبل، كما أكد أيضا على أهمية احترام اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في اكتوبر من العام الماضي، والالتزام بكل بنودها التي تشمل ضرورة انسحاب كل القوات الأجنبية، وقوات المرتزقة من كل أنحاء ليبيا. وأعاد البيان التأكيد على ضرورة احترام دول العالم، وكل الأطراف المتورطة في الصراع الليبي بقراري مجلس الأمن رقم 2570 و 2571 لعام 2021 بشأن العملية السياسية وضرورة انسحاب القوات الأجنبية بدون تأخير. 
أفغانستان 
دعا البيان أطراف الصراع في أفغانستان إلى تقليل حدة العنف، والاتفاق على خطوات تساعد على تنفيذ وقف دائم وشامل للقتال، والانخراط في عملية سياسية تحقن الدماء، وتفتح الباب لتحقيق الاستقرار في البلاد. وتضمنت الفقرة 57 من البيان الختامي تحديدا لأهداف العملية السياسية المطلوبة وكيفية تحقيقها. وقال البيان إن التسوية السياسية الشاملة، هي الحل الوحيد لتحقيق سلام دائم وعادل، يستفيد منه كل الأفغان. وأكد البيان أن مجموعة الدول الصناعية مصممة على التزاماتها بتقديم كل المساندة العاجلة للشعب الأفغاني، بما يلبي الاحتياجات الأمنية والإنسانية لجميع المواطنين، خصوصا الأطفال والنساء ومجتمعات الأقليات، والمحافظة على حرياتهم وحقوقهم، التي اكتسبوها بتضحيات كبيرة خلال السنوات الماضية. 
إيران 
جاءت المسألة الإيرانية في الفقرة رقم 61 من البيان الختامي للقمة، التي تضمنت تعهدا واضحا من جانب دول المجموعة، بعدم تمكين إيران من تطوير سلاح نووي. وفي هذا السياق فإن الدول المعنية، رحبت بالمناقشات بين دول الاتفاق النووي وإيران، وكذلك تلك التي تجري بشكل منفصل مع الولايات المتحدة، لحثها إيران على الالتزام بنصوص الاتفاق النووي، وضمان أن تكون أنشطتها النووية ذات طابع سلمي، كما طالبها البيان بأن تلتزم التزاما كاملا بنصوص الاتفاق الأصلي، واستمرار التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتضمن البيان إدانة للأنشطة التي تقوم بها إيران في المنطقة عن طريق وكلائها، التي تمدهم بالمساعدات والأسلحة ومن ضمنها الصواريخ المتوسطة المدى. 
العراق 
تناولت الفقرة 62 في البيان الأوضاع في العراق، ووجهت التحية إلى القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية، لنجاحهما في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، وتعهدت بمواصلة مساعداتها للعراق من أجل تحقيق النصر الكامل. كما أعربت الدول الصناعية عن تأييدها لوحدة العراق وسيادته وسلامة أراضيه، ومساندتها لقرار مجلس الأمن رقم 2576 الذي يدعو إلى إرسال مراقبين دوليين للانتخابات المقررة في شهر أكتوبر المقبل، ودعت العراقيين إلى المشاركة بقوة في هذه الانتخابات. كما أعلن البيان مساندة جهود الحكومة العراقية في محاسبة الجماعات المسلحة غير القانونية، بسبب الهجمات التي تشنها على مواطنين عراقيين وعلى أفراد تابعين لقوات التحالف، وهي القوات الموجودة بدعوة من الحكومة العراقية، للمساعدة على مواصلة القتال ضد داعش. 
وقد تضمن البيان عددا من المسائل المهمة التي تتصدر جدول السياسة الخارجية للدول الصناعية، على رأسها العمل على إنهاء خطر فيروس كورونا بحلول نهاية العام المقبل، وتقديم ما يقرب من مليار جرعة مجانية من اللقاحات إلى الدول الفقيرة، ومواجهة التداعيات الاقتصادية للجائحة بزيادة موارد صندوق النقد الدولي. وفي ما يتعلق بمواجهة التحدي الصيني، تم إعلان خطة منافسة لمبادرة الحزام والطريق التي بدأت الصين تنفيذها منذ 8 أعوام في مناطق كثيرة من العالم منها، إيطاليا عضو مجموعة الدول الصناعية، واليونان عضو حلف الأطلنطي. ومع أن البيان أكد على ضرورة استمرار الحوار والتعاون مع الصين في مجالات المصالح المشتركة مثل المناخ والمحافظة على التنوع البيئي، فإن السياسة العامة إزاء الصين تكرس الحرب الباردة، ومن شأنها أن تضعف النظام الدولي المتعدد الأطراف.