الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قبل وبعد جنيف الثانية

قبل وبعد جنيف الثانية

24.10.2013
صالح القلاب


الراي الاردنية
الاربعاء 23/10/2013
وراء ستارة مسرح الأزمة السورية، أي «الكواليس»، هناك مساومات وبيع وشراء وهناك مناورات وألاعيب ومؤامرات تنخرط فيها دول متعددة وجهات كثيرة مع أنَّ «الدهاقنة» الأساسيين يكادون ينحصرون في الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الإتحادية وبعض دول الإتحاد الأوروبي، التي مع تقادم الوقت أصبحت هامشية وبلا حول ولا قوة، ومع هؤلاء جميعاً إيران، التي إنْ بقيت الأمور تسير على هذا النحو وفي هذا الإتجاه وإذا بقيت إدارة باراك أوباما مصابة بكل هذا الإعياء السياسي في الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية، فإنه من غير المستبعد أنْ تنتج الأسلحة النووية وأن تصبح لاعباً دولياً تشكل إلى جانب روسيا والصين وبعض دول أميركا اللاتينية كتلة عالمية تمتلك القرار الدولي المتعلق بشؤون هذه المنطقة والعالم بأسره.
هذا بالنسبة لما وراء ستارة مسرح الأزمة السورية أما على خشبة المسرح نفسه فإنَّ هناك نظاماً غدا متهالكاً بالفعل وغدا كالملاكم المنهار الذي غدا قبل السقوط على أرض الحلبة يخبط خبط عشواء وبات يستجمع كل قواه ليتماسك ولو للحظة واحدة وعسى أن يتمكن من إصابة رأس خصمه بإحدى هذه اللكمات العشوائية ليفوز في النهاية بالنقاط وليسجل لنفسه إنتصاراً وهمياً ربما هو في حقيقة الأمر أسوأ كثيراً من أيِّ هزيمة «مُشرِّفة»!! وأسوأ من إستسلام بدون أنفٍ راعف ووجنات متورمة ونهاية محتمة لعلاقته بهذه اللعبة المكلفة.
وأما على خشبة المسرح أيضاً فإنَّ هناك معارضة مستنزفة ومثخنة بطعنات غدرٍ معظمها ممن يلبسون لباس الأصدقاء وهم أشد مكراً من الأعداء وإن هناك لعبة دولية لا يهمها همُّ سوريا ولا همُّ الشعب السوري وإنَّ هناك تقاسمَ غنائم وتوزيع أدوار ودولاً كبرى تتبادل عض الأصباع كما أنَّ هناك تسديد حسابات قديمة وجديدة.. وربما..ربما أنَّ هناك «سايكس-بيكو» أخرى ستمزق منطقتنا العربية أكثر مما مزقتها «سايكس-بيكو» الأولى تلك المؤامرة القذرة التي حبكتها عشية الحرب العالمية الأولى دولتا الإستعمار القديم فرنسا والمملكة المتحدة البريطانية.
كل الأنظار تتجه الآن إلى جنيف الثانية وإلى مسرحية إستدراج إيران لحملها على التخلي عن مشروع إنتاج الأسلحة النووية وأيضاً إلى «ملهاة» تدمير أسلحة نظام بشار الأسد الكيمياوية وغض النظر عن إستخدامه لهذه الأسلحة في الحادي والعشرين منْ أغسطس (آب) الماضي ضد الأطفال السوريين وضد المدنيين وأبناء الشعب السوري... وهذا بينما هذا النظام ومعه إيران وحزب الله وفيلق :»أبو الفضل العباس» يواصل مذابحه بدوافع طائفية قذرة وبأسلحة روسية لم يتوقف وصولها إلى فرق الموت النظامية، وعلى نحو ثلاثين شهراً، ولا للحظة واحدة.
ومقابل كل هذا فإن ألاعيب «الكواليس» تشير إلى سعيٍ دؤوب لعقد إجتماع «مصالحة» في إسبانيا إنْ هو تمَّ وأغلب الظن أنه سيتم فإنه سيجمع كل أطياف المعارضة السورية بما فيها معارضة الداخل التقليدية المُدجَّنة لصاحبها :»نظام حزب البعث وصاحبه بشار الأسد وباقي ما تبقى من رموز الزمرة الحاكمة» وإنه سيجمع أيضاً الروس والأميركيين وبعض العرب وإلى جانبهم «العجم» ومع هؤلاء جميعاً بعض «الديكور» الأروبيو»الرفاق» من الصين الشعبية.
هناك الآن عمليات ضغط هائل على المعارضة السورية الفعلية المتمثلة أساساً في «الإئتلاف الوطني» وفي «الجيش الحر» ويأتي في إطار هذا الضغط كل هذه الإنشقاقات التي يجري الحديث عنها وكل هذا التكاثر «البكتيري» لتنظيمات لا يوجد منها على أرض الواقع إلا الأسماء وإلاَّ البيانات الإنشقاقية ويأتي في إطار هذا الضغط أيضاً ما تقوم به روسيا وما تقوم به الولايات المتحدة وكل هذه الحملات الإعلامية التي تجعل بشار الأسد يتحدث عن أنه سيتخلى عن «الخصخصة» لمصلحة القطاع العام خلال الأعوام العشرة المقبلة والتي تجعل زوجته لا تنظر إلى كل هذا الذي يجري حولها وتنشغل بكيفية إعداد إبنها الذي يحمل إسم جده :»حافظ» ليكون خلفاً لوالده وبالطريقة نفسها التي خلف فيها هذا الوالد «والده»!
وهكذا فإنَّ هناك لعبة دولية تجري الآن على مسرح الأزمة السورية إنْ وراء الستارة في «الكواليس» وإنْ على خشبة هذا المسرح وإنَّ هناك مؤامرة قذرة إنْ هي حالفها النجاح فإنَّ تفتتاً هائلاً سيضرب سوريا وإن العراق لن يبقى موحداً وإن هذه العدوى قد تنتقل إلى العديد من الدول الشرق أوسطية حتى بما في ذلك تركيا.. ولذلك فإنه على كل الذين يشعرون بكل هذا أن يبادروا إلى الوقوف إلى جانب المعارضة السورية، العلمانية المعتدلة، وأن يضمنوا لها الإنتصار لأن عدم إنتصارها سيعني أن هذه الصورة المأساوية المشار إليها آنفاً ستكون تحصيل حاصل!