الرئيسة \  تقارير  \  قبيل الذكرى 11 للثورة السورية.. أي تأثير للحرب في أوكرانيا على سوريا؟

قبيل الذكرى 11 للثورة السورية.. أي تأثير للحرب في أوكرانيا على سوريا؟

15.03.2022
عمر يوسف


عمر يوسف
الجزيرة
الاثنين 14/3/2022
شمال سوريا- تقترب الذكرى الـ11 لاندلاع الثورة على النظام السوري، وسط متغيرات دولية كبرى للفاعلين في ملف سوريا؛ أبرزها قيام روسيا -الحليف الأبرز لنظام الأسد- بالهجوم على أوكرانيا، والرد الغربي بفرض عقوبات اقتصادية واسعة على موسكو.
وتعالت أصوات شعبية في الشمال السوري تدعو لاستغلال انشغال الروس في حربهم بأوكرانيا، والأزمات الاقتصادية التي تعصف بمناطق سيطرة النظام السوري، لإشعال الجبهات من جديد.
في حين يعتقد مراقبون أن هزيمة روسيا -إن تمت- ستعزز من موقف المعارضة السورية سياسيا وعسكريا، وستدعم مطالبها.
تحاول الجزيرة نت في هذا التقرير الإجابة عن أهم الأسئلة المتعلقة بالانعكاسات المتوقعة على سوريا جراء الحرب الروسية على أوكرانيا، وإبراز تفاعل السوريين في هذه الحرب كطرف غير مباشر فيها.
هل تستغل المعارضة السورية انشغال روسيا في أوكرانيا وتهاجم النظام؟
تشهد خطوط الجبهات بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من جهة وقوات النظام السوري من جهة أخرى هدوءا حذراً، يتخلله قصف واشتباكات متقطعة خفيفة في نقاط التماس بمناطق ريفي إدلب وحلب شمالي غربي سوريا، والتي تعتبر إحدى أبرز الجبهات التي شهدت معارك ضارية خلال سنوات الثورة التي تستكمل عامها الـ11.
وتعتمد قوات النظام السوري على الحليف الروسي بوصفه قوة عسكرية كبرى، إذ تمتلك موسكو أسطولا كبيرا من الطائرات الحربية في قواعدها بسوريا، أبرزها قاعدة حميميم العسكرية قرب الساحل السوري.
ومؤخرا، كثر الحديث عن إمكانية استغلال المعارضة السوري الانشغال الروسي في معارك أوكرانيا لمهاجمة قوات النظام وتحقيق مكاسب من هذه "الفرصة" إن صح التعبير.
ومن المبكر الحكم على نتائج معركة أوكرانيا، إن كانت لصالح الروس أو ضدهم، وفق القيادي السابق في فصائل المعارضة السورية العقيد عبد الجبار العكيدي، الذي قال إنه من الصعب أن تقوم المعارضة السورية المسلحة بعمل عسكري ضد النظام السوري، خصوصا أن الموقف التركي لم يتبلور بعد وغير واضح حتى الآن.
وأشار العكيدي، في حديث للجزيرة نت، إلى أن اتفاقات "سوتشي" و"أستانا" بشأن سوريا قائمة، ولا تستطيع فصائل المعارضة خرقها والقيام بأي عمل عسكري، معتبرا أن فصيل "هيئة تحرير الشام" هو الأمين على هذه الاتفاقيات الدولية، ويمكن أن يمنع القيام بأي عمل عسكري ضد النظام السوري في جبهات إدلب أو الساحل السوري.
وبحسب العكيدي، فلا تغييرات عسكرية لروسيا في سوريا من شأنها تحوّل موازين القوى لصالح المعارضة، مؤكدا أن روسيا لا تمتلك قوات برية في سوريا، وبإمكان طائراتها الحربية من "ميغ" و"سوخوي" تغطية الأجواء السورية، والاستمرار في استهداف وقصف مناطق سيطرة  المعارضة شمالي غربي سوريا.
هل هناك مكاسب سياسية في الملف السوري من الحرب الأوكرانية؟
يكثر الحديث عن فرص للمعارضة السورية على الصعيد السياسي للاستفادة من الحرب الروسية على أوكرانيا، ومن الموقف الدولي الرافض لها، لا سيما وأن موسكو دولة مؤثرة إلى حد كبير في الملف السوري.
وعبّرت المعارضة مؤخرا، عبر الائتلاف الوطني السوري، عن توجّهها إلى انتزاع مقعد سوريا في الأمم المتحدة، وباتت تطالب به رسميا، رفضا لسياسة النظام السوري وموقفه المخالف للإدارة الدولية المعارضة للهجوم الروسي.
ويعتقد مدير مركز جسور للدراسات محمد سرميني أن لدى المعارضة هامشا لا بدّ من الاستفادة منه لإعادة التعريف بدورها في العملية السياسية، في ظل انشغال روسيا بالصراع في أوكرانيا، وتراجع اهتمامها بكثير من الأدوات الدبلوماسية التي لجأت إليها قبل أعوام في سوريا، كالضغط على الدول العربية من أجل إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري.
ورأى سرميني -في حديث للجزيرة نت- أن على المعارضة السورية، إذا أرادت تفعيل الدور العربي في العملية السياسية والمعطّل منذ عام 2015 إعادة ترميم ومن ثم تعزيز العلاقات مع الدول العربية وحتى العمل على تشكيل مجموعة اتصال عربية لدعمها.
وإن كانت نتائج الحرب في أوكرانيا لصالح روسيا، فسينعكس ذلك سلبا على العملية السياسية في سوريا، وفق سرميني "لأنّ النظام سيصبح أكثر تمسكا بفهمه ورؤيته لتطبيق القرار 2254 (2015) التي تتطابق أو لا تتعارض كثيرا مع رؤية روسيا".
ما تأثير الحرب الأوكرانية على الحياة الاقتصادية في سوريا؟
يعاني السكان في مناطق سيطرة النظام من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية وعدم تناسبها مع الدخل، تزامنا مع انهيار قيمة الليرة السورية ووصول سعر الصرف إلى أكثر من 3800 ليرة سورية للدولار الواحد.
ومنذ الهجوم الروسي على أوكرانيا، بدأت تصريحات حكومة النظام تسير في سياق التأثيرات القادمة على الاقتصاد السوري، الذي يعاني أصلا من تبعات الحرب والفقر المدقع الذي يقع فيه أكثر من 90% من الشعب السوري، حسب تقديرات الأمم المتحدة.
ويعتقد المستشار والخبير الاقتصادي أسامة القاضي أن الضغط الاقتصادي غير المسبوق على روسيا سيؤثر لا محالة في إمكانية تحركه اقتصاديا في الشأن السوري، لافتا إلى أن الروس لم يساعدوا النظام في ملفي القمح والنفط لعدم امتلاك النظام المال لدفعه للروس، وذلك قبل الحرب في أوكرانيا.
ويرى القاضي أن روسيا واقعة تحت ضغوط تنذر بشلل الاقتصاد، وليس لديها الرفاهية لدعم اقتصاد النظام السوري بالقمح والنفط، مما سيضغط على النظام بشكل أكبر، ويؤدي إلى فقدان الكثير من السلع في الأسواق، وخاصة القمح ومشتقات النفط.
ويقول القاضي للجزيرة نت إن "النظام السوري اليوم ليس لديه معين، سواء من روسيا ولا حتى إيران المنكفئة على نفسها والواقعة في مشاكل اقتصادية أيضا، ولا تستطيع دعم النظام السوري ماليا إلى ما لا نهاية".
ما حقيقة انخراط سوريين في القتال الدائر على جبهات أوكرانيا؟
رغم التقارير التي تحدثت عن تجنيد روسيا مقاتلين سوريين من مناطق سيطرة النظام للقتال إلى جانب قواتها في أوكرانيا، فإن هناك تشكيكا في ذلك حتى الآن.
فوفق، تقرير لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، المختصة بمراقبة حقوق الإنسان، فإن ضباطا روسا طلبوا من أجهزة الأمن التابعة للنظام السوري تسجيل أسماء المقاتلين المتمرسين بحرب المدن، فيما يبدو أنه تحضير لنقلهم للقتال في أوكرانيا.
لكن جويل ريبورن المبعوث السابق لوزارة الخارجية الأميركية الخاص بالشؤون السورية، قال إنه "لا أدلة على أن قوات النظام السوري لديها مقاتلون ماهرون في القتال المتحضر، أو لديها مهارات من أي نوع باستثناء تهريب المخدرات"، مضيفا أن "المقاتلين المهرة سيتوجهون إلى نهاية سريعة إذا ما تقدموا للقتال في أوكرانيا".
وشبّه الباحث في معهد "الشرق الأوسط" تشارلز ليستر، عبر تويتر، جلب سوريين إلى أوكرانيا "بإحضار سكان المريخ للقتال على القمر، فهم لا يتحدثون اللغة، والبيئة مختلفة تماما".
المصدر : الجزيرة