الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "قتلُ الطبيب قتلٌ للآلاف".. لماذا سافر دكتور أميركي سبعيني إلى حلب لمساعدة السوريين؟

"قتلُ الطبيب قتلٌ للآلاف".. لماذا سافر دكتور أميركي سبعيني إلى حلب لمساعدة السوريين؟

20.11.2016
هافينغتون بوست عربي


السبت 19/11/2016
حصل الطبيب الأميركي السوري زاهر سحلول مع الطبيبين الأميركي جون كالير والأميركي السوري سامر العطار على جائزة “chicagoans of the year” التي تمنحها المدينة الأميركية للمتميزين الذين قدموا خدمات ساهمت في تطوير وخدمة العالم.
فما الذي قدمه الأطباء الثلاثة ليحصدوا هذه الجائزة لهذا العام؟
رحلات لإنقاذ المدنيين في مدينة حلب قام بها الأطباء الثلاثة كانت محفوفة بالمخاطر وتوقع الموت بأي لحظة.. قصة تقدم الوجه الإنساني والمعنى الحقيقي لمهنة الطبيب.
قتلُ الطبيب..قتلٌ للآلاف
الدكتور زاهر سحلول الذي هاجر من سوريا إلى أميركا في 1989 بعد تخرجه في كلية الطب جامعة دمشق، ودرس اختصاص الأمراض الصدرية والعناية الفائقة في أميركا يقول لـ”هافينغتون بوست عربي”: “إن النظام السوري يرتكب كل يوم الكثير من الجرائم ضد الإنسانية في سوريا ومنها مدينة حلب، ولا يستهدف حياة المدنيين فقط، وإنما الكوادر الطبية وعندما يقتل الطبيب فمعنى ذلك أن الآلاف من المدنيين لن يتم إنقاذهم، وبالتالي فإن قتل طبيب واحد يعني قتل الآلاف من المدنيين يحتاجون إلى مساعدة هذا الطبيب”.
ووثقت جمعية Physician Human Rights (وهي جمعية تعنى بحقوق العاملين في المجال الطبي) أنه منذ بداية الحرب قام النظام السوري بقتل 750 طبيباً وعاملاً من الكوادر الطبية والصحية وأن أكثر من 300 مشفى قد قصف ولذا كان لابد أن يكون لنا دور في إنقاذ حياة الأبرياء السوريين في حلب وغيرها من المدن السورية، حسب تصريح سحلول لـ”هافينغتون بوست”.
خمس رحلات إلى حلب
ويقول سحلول، “كان للجمعية السورية الأميركية “SAMS”، دور مميز في تقديم الدعم الطبي والصحي للمشافي والمستوصفات الميدانية وقد قمنا بـ 14 رحلة إلى سورية لهذا الغرض وخمس رحلات إلى حلب لمعالجة المرضى والمصابين من المدنيين”.
انطلقت أول رحلة في 2013 عندما استهدف النظام المدنيين بالقرب من حلب، يضيف المتحدث، “فقمنا بزيارة للمنطقة لمعرفة احتياجات الكوادر الطبية، وكيفية توعيتهم لمواجهة وإنقاذ المدنيين في حالة استهدافهم من قبل النظام بالأسلحة الكيماوية والمحظورة دولياً وآخر زيارة كانت في شهر يونيو 2016 قبل أن يطبق النظام حصاره على حلب وأهلها”.
جثث متعفنة على طريق الموت
لم يكن الدخول إلى حلب سهلاً كما يقول الطبيب الأميركي “رغم أننا دخلنا بشكل قانوني من خلال تركيا لكن الطريق إلى حلب لم يكن سهلاً لأن القصف الجوي مستمر، وهناك الكثير من السيارات والباصات المدمرة على جانبي الطريق تنبعث منها روائح الجثث المتعفنة، التي لا يستطيع الناس دفنها لصعوبة الوصول إلى هذا الطريق.
الموقف الإنساني أهم من السياسة
من واجبنا نحن كأطباء أميركيين من أصل سوري أنا والدكتور سامر أن تقوم بإنقاذ المصابين والمرضى في حلب لأننا تعلمنا في سوريا على حساب الشعب السوري ومن خير سوريا صرنا أطباء”، يقول سحلول.
أما ما يدفع الطبيب الأميركي الثالث وهو جون كالير
للذهاب والمجازفة -خاصة أنه أميركي عمره 70 عاماً- وكثيراً ما طرح الناس والأطباء في حلب هذا السؤال عليه فكان يجيبهم بالقول” إن لم أستطع تغيير سياسة حكومة بلدي تجاه القضية السورية وحماية المدنيين يمكن أن يكون لي دور في إنقاذهم كطبيب”.
وأوضح الطبيب السوري أنه كان للدكتور جون دور كبير ولايزال في دعم جهود الجمعية السورية الأميركية في المهام الطبية وتقديم الدعم الطبي والصحي حيث عمل في مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان واليونان لمساعدة اللاجئين السوريين.
خلال رحلاتنا التي قمنا بها إلى حلب ومنها الرحلة الأخيرة -يواصل الطبيب- لم تكن هناك ساعات محددة للعمل وكلما اشتد القصف زاد عدد الضحايا”. وتابع الدكتور زاهر “أذكر أنه في يوم واحد قصف فيه النظام المدنيين في حلب دخل الدكتور سامر إلى غرفة العمليات لإجراء عمليات لأربعين شخصاً بعضهم تمت عملياتهم على الأرض ومنها بتر ساق مصاب نتيجة القصف، ولم تكن هناك معدات وأسرّة للمرضى لأنها امتلأت جميعاً”.
ويروي المتحدث أنه خلال أيام فقط قام الدكتور جون بالكشف على 150 طفلاً سورياً مصابين بأمراض متعددة، “والوضع هناك مأساوي ولا يمكن تصديقه”، حسب الدكتور.
 أسوأ سيناريو
واعتبر الطبيب الأميركي-السوري أن أسوأ ما كان يتوقعه هو أن يطبق النظام حصاره على حلب وهذا ما حصل بالفعل بعد الخروج من حلب في نهاية شهر يونيو الماضي حيث حوصرت المدينة بشكل كامل وهناك اليوم 300 ألف مدني يتعرضون لعملية إبادة سواء بالقصف والجوع والكوادر الطبية الموجودة هناك 30 فرداً فقط لإنقاذ 300 ألف مدني.
ولم يستطع سحلول نسيان حالتين علقتا في ذهنه، الأولى لطفل اسمه أحمد حجازي عمره خمس سنوات تم انتشاله من تحت الأنقاض بعد قصف البراميل المتفجرة وكان يتنفس بصعوبة لأن شظية أصابت النخاع الشوكي وقد توفي بعد عدة أيام. وكان من الممكن إنقاذه لو كان في مستشفى تتوفر فيه الأجهزة اللازمة.
والحالة الأخرى كانت لعائلة حلبية، الأم فاطمة عمرها 25 سنة وكانت في الشهر الثالث من الحمل ونتيجة القصف والنزف فقدت الجنين واثنين من أطفالها عبدو 9 سنوات وإيلاف 3 سنوات وتم إنقاذ الطفل الثالث محمود وعمره 7 سنوات، يحكي الطبيب.
 لو فتح الحصار على حلب سنعود
لو فتح الحصار المفروض على حلب سأعود مع الدكتور سامر وجون لأن إنقاذ النفس البشرية هو الأساس الذي قامت عليه الجمعية الطبية السورية الأميركية وفقاً لقوله عز وجل ((ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا))”، يقول الدكتور سحلول قبل أن يتابع: “منذ سنوات خلت اختيرت مدينة حلب من قبل منظمة اليونسكو ضمن أجمل مدن العالم وأكثرها تاريخاً وحضارة ولكن للأسف الشديد من يرى حلب اليوم كأنه يشاهد مدينة في فيلم خيالي يصور العالم بعد الحرب العالمية الثالثة”.
وبأسى شديد تابع الطبيب حديثه وهو يتذكر معالم المدينة قائلًا: “كيف تدمر المدن وتصبح خاوية، حلب القديمة مهدمة والسوق الشعبية مهدمة، المئذنة التاريخية للجامع الأموي في حلب والتي يعود تاريخها لأكثر من ألف سنة دمرها النظام، وكذلك المكتبة التاريخية الملحقة بالمسجد الأموي في حلب والتي تضم الكتب النادرة التي تعود إلى ما قبل ألف سنة أيضاً أحرقت من قبل النظام، وهذا كله لا يمكن تعويضه”.
 الجائزة الحقيقة هي إنقاذ حياة طفل سوري
يختتم الدكتور سحلول حديثه لـ”هافينغتون بوست عربي” بالقول “من يستحق الجائزة هو الدكتور جون لأنه أميركي وليس سورياً مثلنا وأيضاً يستحقها كل الأطباء والعاملون في المجال الطبي في حلب”.
وبأسى شديد تابع الطبيب حديثه وهو يتذكر معالم المدينة قائلًا: “كيف تدمر المدن وتصبح خاوية، حلب القديمة مهدمة والسوق الشعبية مهدمة، المئذنة التاريخية للجامع الأموي في حلب والتي يعود تاريخها لأكثر من ألف سنة دمرها النظام، وكذلك المكتبة التاريخية الملحقة بالمسجد الأموي في حلب والتي تضم الكتب النادرة التي تعود إلى ما قبل ألف سنة أيضاً أحرقت من قبل النظام، وهذا كله لا يمكن تعويضه”.
الجائزة الحقيقة هي إنقاذ حياة طفل سوري
يختتم الدكتور سحلول حديثه لـ”هافينغتون بوست عربي” بالقول “من يستحق الجائزة هو الدكتور جون لأنه أميركي وليس سورياً مثلنا وأيضاً يستحقها كل الأطباء والعاملون في المجال الطبي في حلب”.
وتابع قائلًا “لكنه شعور جميل أن تحصل على جائزة نتكلم. عن القضية السورية ومعاناة الأبرياء في حلب وغيرها وخاصة الأطفال والنساء، ولكن الجائزة الحقيقة بالنسبة لي أن يتم إنقاذ روح طفل سوري، وجوائز الأرض كلها لا تنقذ روح طفل سوري واحد”.