الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قدر الزيت السوري المحترق!

قدر الزيت السوري المحترق!

30.05.2013
منار الرشواني

الغد الاردنية
الخميس 30/5/2013
ليل اليوم، يتحدث بشار الأسد عبر قناة "المنار" التابعة لحزب الله. وإذا كان من الممكن القول سلفاً إنها مقابلة لن تحمل جديداً في المضمون، بحتمية العودة إلى التأكيد على أن ما جرى ويجري في سورية منذ أكثر من عامين هو محض صراع ضد "منظمات إرهابية تكفيرية"، ومؤامرة كونية، لا مجال للتعامل معها بغير الحديد والنار؛ إلا أن هذه المقابلة تنطوي في الشكل على مؤشر مهم بشأن مآلات الأزمة السورية، في المستقبل القريب على الأقل.
فإذا كان قد سبق للأسد أن أعطى، منذ اندلاع الثورة، مقابلات لصحف ومحطات تلفزيونية متعددة؛ تتراوح بين العريقة والمغمورة، إلا أن ظهوره على قناة "المنار" اليوم يأتي مع تحول حزب الله إلى طرف مقاتل علناً في سورية مع النظام. وهو الأمر الذي سبقه تولي أمين عام الحزب، حسن نصرالله، مهمة الناطق الرسمي باسم هذا النظام؛ يعلن مواقفه وخطواته وردات فعله، حتى بشأن أهم القضايا السورية الوطنية، كما ظهر جلياً تماماً عقب العدوان الإسرائيلي الأخير على دمشق، وسواه من أحداث. وطبعاً، يضاف إلى كل ذلك الدور الإيراني الذي يمتد من الحديث عن "سورية النظام" كمحافظة إيرانية، وصولاً إلى ما يكاد يكون مؤكداً عن إدارة ضباط إيرانيين للعمليات العسكرية بشكل مباشر على الأرض السورية.
وبناء على كل هذه المؤشرات، فإن افتراض قدرة نظام الأسد على سحق الثورة السورية عسكرياً الآن، بعد أكثر من سنتين، وفقط نتيجة لدور إيران وحزب الله الميداني المباشر، إضافة إلى الدعم الروسي بالسلاح والمستشارين العسكريين، هذا الافتراض لا يعني إلا نتيجة واحدة، وهي: انتصار إيران، وإخضاعها سورية، كما لبنان والعراق، لسيطرتها المباشرة وليس أقل من ذلك.
وإذا كانت هذه النتيجة معروفة تماماً حد البداهة، فإن السؤال هو حول ما إذا كانت الولايات المتحدة وأوروبا، فضلا عن دول المنطقة، ستقبل بهذا الانتصار، أو ستسمح به أصلاً. وفي حال عدم تبني فكرة وجود "مؤامرة أميركية-إيرانية-إسرائيلية-روسية!"، يكون الجواب الأقرب إلى المنطق والمعطيات المعروفة والمتاحة هو النفي.
لكن ذلك لا يفتح مباشرة على احتمالية التدخل الخارجي الغربي، الذي ما يزال خياراً مؤخراً، إنما ليس مستبعداً، وذلك إلى حين الحاجة عند استنفاد قوة وتأثير الخيار الآخر المطبق حالياً، والمتمثل في "حرب الاستنزاف" التي تخوضها أطراف الصراع في سورية ضد بعضها بعضاً، بتكلفة لا تكاد تذكر على الغرب.
فاليوم، يبدو وضع سورية أقرب إلى قدر الزيت الذي يحترق داخلياً، ملتهماً بنيرانه كل أعداء أميركا والغرب، وحتى روسيا في بعض الجوانب؛ النظام وحزب الله وإيران وجبهة النصرة. ومن المنطقي توقع دعم حرب الاستنزاف هذه أطول مدة ممكنة، إلى حين توقع امتداد ألسنة النيران إلى الخارج بشكل غير قابل للسيطرة، أو انجلاء قدرة طرف ما على حسم الصراع عسكرياً. وفي الحالة الأخيرة، فإن التدخل الخارجي الغربي سيكون محتملاً جداً في حال رجحان كفة حزب الله-إيران، كما أنه سيكون أقرب إلى الخيار الوحيد المعدة سيناريوهاته في حال رجحان كفة الثوار وبروز دور مهيمن بين فصائلهم لتنظيم "القاعدة" ومشتقاته.
بالنتيجة، يظل القاسم المشترك المؤكد بين كل سيناريوهات الصراع المستقبلية، ومبادرات حله المزعومة، هو غياب سورية والشعب السوري اللذين دفعا ويدفعان الثمن الأكبر.