الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قراءة مخيفة في خطاب الخليفة

قراءة مخيفة في خطاب الخليفة

07.11.2016
د. وليد البني


 كلنا شركاء
الاحد 6-11-2016
أخيراً وبعد غياب قارب العامين قرر الخليفة  أمير المؤمنين  أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي أن يوجه كلمة الى رعيته في مشارق الأرض ومغاربها .
لن أدخل في تفاصيل الخطاب بل سأحاول التركيز على دلالاته وسأحاول أن أستنتج من محتواه الحالة الفصامية التي يعيشها البغدادي وأمثاله ممن ابتليت بهم شعوبنا في هذه المنطقة ،  بعد أن أصبحوا السلاح الذي يستخدمه كل الطامعين في منطقتنا  لتخريبها،  وبعد أن تسببوا بكارثة حقيقية لأهالي الدول و المدن التي سيطروا عليها في كل من سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان والصومال على مدى أكثر ربع قرن .
من ناحية الشكل فلازال السيد البغدادي يتكلم بطريقة  يحاول من خلالها  ان يتقمص شخصية خليفة حقيقي عاش قبل أكثر من الف وأربعمائة عام ، مستخدما نفس الكلمات مركزاً على السجع في عبارات طالما قرأناها في كتب التاريخ على لسان الخلفاء الراشدين الأربعة،   أو حتى امراء بني أمية وبني العباس والكثير من امراء المماليك والسلاطين العثمانيين ، الذين ورغم تحويلهم  الخلافة الى ملكية وراثية،   بقيوا متمسكين بلقب الخليفة،  للإيحاء لعموم المسلمين انهم ليسوا أكثر من خلفاء للنبي محمد عليه الصلاة والسلام،  وليضفوا نوع  من القدسية على حكمهم الذي  استولوا عليه بعد أن اسالوا انهاراً من دماء المسلمين الذي يدعون ولاية أمرهم باسم الله سبحانه وتعالى
المشكلة الكبرى ليس في حالة الفصام التي يعيشها البغدادي وأمثاله  عندما يتقمص شخصية الخليفة أو الأمير  ، بل بالكثير من ابناء منطقتنا الذين لا يزالون مستعدين لسماع هكذا خطاب ، بل وتأييد الكثير مما يقوله البغدادي أو أشباهه من الذين يسلكون سلوكه ويتقمصون دور خليفة او أمير أو يدعون النسب لسيدنا علي ابن ابي طالب ويسمون انفسهم بالاسياد ، كالسيد علي خامنئي الولي الفقيه للكثير من المسلمين ولبعض العرب ،  والسيد حسن نصر الله والكثير من اصحاب  القلوب والعمامات السوداء ،  مستغللين الدين لخداع شباب أمتنا المقهور والباحث عن هوية .
عندما نتحدث عن البغدادي فالمقصود هنا  ليس شخص البغداديي بالذات بل كل دجال أو مجذوب في منطقتنا  نجح   في خداع الكثيرين بخطابه الديني القرووسطي،  الذي يركز على مزايا الجهاد كلٌ على طريقته،  ويُزيِّن  الموت لأتباعه بإعتباره الطريق الأسهل للوصول الى الحياة الأبدية المليئة بالفرح والسعادة  والمُتع الكثيرة التي حرموا منها في حياتهم نتيجة جهلهم وفقرهم .
لقد  استطاع البغدادي وقبله الزرقاوي  وبن لادن والظواهري ، وقبلهم جميعاً الخميني وحسن نصر الله إرسال آلاف الشباب العربي والمسلم الى الموت طمعاً في هذه الحياة الأبدية التي لا يمكن الوصول اليها إلّا عبر الموت تنفيذا لأوامر هؤلاء الخلفاء او الامراء أو الاسياد ذوي العمائم السوداء، والأعجب من كل ذلك أن يستطيع البغدادي مثلاً إقناع شاب سعودي بأن قتله لسعوديين في مسجد ممكن ان يدخله الجنة لتسقبلنه الحوريات  السبعين ، اللواتي لو وضعت  واحدة منهن إصبعها في البحر لجعلته حلوا كالعسل كما وصفها مولانا المحاسني منذ مدة   ، أو أن يستطيع دجال كحسن نصر الله أن يقنع آلاف الشباب اللبنانيين المساكين بأن موتهم وهم يساهمون في دعم طاغية تقطر اياديه من دماء الابرياء  كبشار الأسد ، أو مساهمتهم في قتل اشقائهم السوريين في القصير أو الزبداني أو حلب ممكن أن يكون سببا في رضى الحسين عليه السلام عنهم وانتظاره لهم على ابواب الجنة بعد موتهم وترميل نساءهم وتيتيم أطفالهم.
إن ظاهرة البغدادي والظواهري والزرقاوي ونصر الله والخامنئي والخزعلي والكثير الكثير من الدجالين أو المرضى النفسيين أو تجار الدين الذين يتحكمون بمصير اولادنا  ، هي دليل آخر على مدى الكارثة التي تعيشها مجتمعاتنا ، ومدى اليأس الذي يعيشه شبابنا بسبب الاستبداد وجشع الحكام وغياب الامل ،   بحيث يتحولون الى صيداً سهلا يمكن استغلالهم في لعبة الأمم ببعض المال والكثير من الشحن الطائفي والخطاب الديني الضحل  .
أريد أن ادعوا كل سوري وعربي ومسلم أن يتخيل منطتنا وشعوبنا بدون الخميني وثورته وولايته كفقيه معصوم  على بعض المسلمين ، وبدون بن لادن وطالبان وأمارتهم الاسلامية التي اسسوها بمساعدة ال (سي اي ايه)   في افغانستان  . اريد من كل عراقي ان يتخيل العراق بدون البغدادي والزرقاوي والخزعلي وصبيان الخامنئي فيه ، أتمنى من كل لبناني ان يحاول تخيل لبنان بدون السيء حسن ودويلته وسلاحه وجرائمه التي طالت خيرة رجالات لبنان، والتي ارسلت أجمل  شبابه الى الموت لتنفيذ أجندة ايران في المنطقة  بدل ارسالهم الى المدارس والمعاهد  والجامعات . أريد من كل سوري ثار على طغيان مافيا عائلة الاسد ان يتخيل ثورته ووطنه  بدون البغدادي والعدناني والجولاني والعشرات من الامراء الذين يريد كل منهم ان يقيم خلافته او امارته الاسلامية الخاصة به .
لن ينتهي الاستبداد في منطقتنا قبل انتهاء الجهل ، فالجهل هو حصان المستبد دائماً ، ولن نضع أرجلنا على سكة الحرية والحضارة والسعادة في الدنيا قبل  الآخرة،  قبل التخلص من العصابات  التي تتحكم بمصيرنا بكل انواعها ، عسكرية قومية كانت  كمافيا الاسد وأشباهه من حكام منطقتنا أو ارهابية دينية كميلشيات  نصر الله والظواهري والبغدادي .