الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قراءة في التردد الأميركي تجاه الأزمة السورية

قراءة في التردد الأميركي تجاه الأزمة السورية

22.09.2013
د. صالح لافي المعايطة



الرأي الاردنية
السبت 21/9/2013
- من خلال المتابعة والتحليل لموقف الرئيس الاميركي اوباما تجاه التدخل العسكري ضد سوريا، نجده احيانا متحمسا ويضع خطوطا حمراء وأحيانا نجده مترددا ومتراجعا وغامضا، وخصوصا بعد استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة في ريف دمشق، وهذا الاحجام والتردد أعتقد أنه يعود للأسباب التالية:
* اوباما يُمثل حقبة جديدة من الحكم كظاهرة في عالم السياسة الاميركية والدولية، بوصفها النقيض لسياسة بوش التدخلية وشن الحروب الخارجية، ولهذا سيكون من الصعب على اوباما ان يُكرر السياسة التي انتقدها بحدة وبشدة في ادارة سلفه بوش.
* ان التجارب التدخلية الكبرى للولايات المتحدة في كل من العراق وأفغانستان والصومال ولبنان لم تؤد الى نتائج ايجابية تعادل اكلافها, ففي افغانستان نمت وتنمو حركة طالبان، وأصبحت طرفا لا بد من الحوار معه لبناء بلد مستقر، أما في العراق الذي لازال بعيدا عن الاستقرار، فكانت ايران الطرف الذي استفاد قبل أي طرف من الحرب الاميركية على العراق.
* إن الاصوليين «الجهاديين والتكفيريين « في سوريا والذين يصل عددهم الى أكثر من 100ألف مقاتل موزعين على جماعة النصرة المرتبطة بالقاعدة والذي يصل عددهم الى 10 آلاف مقاتل وحوالي 30 ألف مقاتل اسلامي معتدل وحوالي 20 الف مقاتل من دولة العراق والشام، هؤلاء الاصوليون يشكلون الطرف الآخر الذي ينتظر سقوط الاسد او رحيله، بالمقابل فإن إدارة اوباما لن تكون متحمسة لدعم عدو وصلت به العدواة الى ارتكاب جريمة سبتمبر 2001وهذا يقودنا الى القول ان مكونات المعارضة في سوريا بعيدة عن التجانس ومعظمها معارضة متشددة الى حد ان بعضها يُقاتل الآخر وهذا ما يقلق الغرب وإسرائيل ايضا.
* إن التدخل في سوريا قد يضع الولايات المتحدة في مواجهة مفتوحة اقليميا مع ايران وحزب ألله ودوليا مع روسيا والصين ومعروف ان اوباما يتبع في السياسة الخارجية نهجا يرتكز على التوافق وتذليل التناقضات من خلال القنوات السياسية والدبلوماسية.
* إن مصلحة اسرائيل لا تكمن في الاطاحة في نظام الاسد، لأن البدلاء قد يكونون أشد عداوة لإسرائيل، علما ان المعارضة السورية لم تعلن موقفها عن مستقبل العلاقات السورية الاسرائيلية بعد رحيل الاسد.
* إن الغرب بما فيه الولايات المتحدة يمر في اسواء اوضاعه الاقتصادية والمالية منذ أزمة 1929، وهذا لا يشجع على تحمل وتكبد المزيد من الانفاق العسكري، كما أن بعض دول الاقليم تُعاني ايضا من أزمات وثورات وحروب اهلية.
* الادارة الاميركية الحالية من الناحية الاقتصادية والسياسية والعسكرية متجهة نحو آسيا والمحيط الهادي في ظل تراجع الاهتمام والشرق الاوسط، لذلك للحد من النفوذ الروسي في منطقة بحر قزوين الغني بالموارد الطبيعية، إضافة الى مواجهة الصين ايضا في آسيا والمحيط الهادي، لأن الحروب القادمة هي حروب موارد او «ما يُسمى الجغرافيا الجديدة للنزاعات.
* ما يحصل حاليا في سوريا هو لعبة امم مصغرة، وهو معركة سياسية في خريطة موازين القوى في الشرق الاوسط، كما في نوعية العلاقات الدولية حيث افرط الرئيس الروسي بوتين في الرهان على عجز الادارة الاميركية والرئيس الاميركي لدرجة الاستهتار في قمة العشرين الاخيرة التي عُقدت في روسيا.
* في هذا السياق اقول ان هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام وتعثُرها في كل من العراق وأفغانستان تُعتبر محطات لتغيير حسابات السياسة الاميركية وتدخلاتها العسكرية المباشرة مما أدى الى تبني استراتيجية الحروب بالوكالة والتمهيد لانقلابات وانشقاقات عسكرية في قائمة طويلة من الدول والأنظمة المختلفة في العالم، وصولا الى استراتيجية الاحتواء المزدوج التي ارسى قواعدها في نهاية سبعينات القرن الماضي مستشار الامن القومي الاميركي «بريجن سكي».
Dr.saleh1-1@hotmail.com