الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قراءة في نتائج اجتماعات فيينا

قراءة في نتائج اجتماعات فيينا

03.11.2015
العزب الطيب الطاهر



الشرق القطرية
الاثنين 2/11/2015
ثمة خلاصة مهمة أفضت إليها اجتماعات فيينا الموسعة بخصوص سوريا. يوم الجمعة الفائت. تتمثل في أنها نجحت في جمع الأطراف المتناقضة. في مواقفها تجاه الأزمة المتصاعدة فيها تحت سقف واحد. وعلى الطاولة ذاتها مما يعكس شعورا بمخاطر المرحلة التي بلغتها الأزمة. وتداعياتها الخطيرة سواء على الداخل السوري أو على الصعيد الإقليمي. أو فيما يتعلق بإمكانية أن تسهم في خلق حالة استقطاب دولي حادة. تعيدنا إلى ماقبل تسعينيات القرن الفائت وقبل تحليل نتائج هذه الاجتماعات يمكن الإشارة إلى جملة من الملاحظات السريعة:
ويعكس طول اجتماعات فيينا الموسعة والتي استغرقت ثماني ساعات مدى التعقيد التي تتسم به ملفات ومفردات الأزمة السورية.
ويمكن القول. إن اجتماعات فيينا – وذلك في مقام تحليل نتائجها - نجحت في إعادة إنتاج وثيقة جنيف 1 الصادرة في نهاية يونيو من العام 2012 . والذي شاركت فيه معظم الأطراف المشاركة في اجتماعات فيينا - ماعدا إيران - وإن كان بعبارات وصيغ مختلفة ولكنها تصب في نفس الهدف الذي سعت إليه الوثيقة الأولى. واللافت أن نتائج هذه الاجتماعات تمحورت حول ضرورة الإبقاء على سوريا موحدة وضمن ما وصف بالدولة العلمانية وفق تعبير وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والتأكيد على بقاء المؤسسات السورية كعنصر جوهري -حسبما قاله جون كيري وزير الخارجية الأمريكي- والسعي إلى وقف نار شامل وتشكيل حكومة جديرة بالثقة وغير طائفية، ولا تقصي أحدا، قبل إجراء انتخابات جديدة في هذا البلد، فضلا عن مطالبة مختلف أطراف الأزمة السورية. بالاستعداد للانخراط في عملية التسوية السياسية التي باتت مطلوبة بإلحاح إقليميا ودوليا. بل وحتى من هذه الأطراف ذاتها التي أنهكتها الحرب التي اتخذت للأسف طابع الحرب الأهلية ذات البعد المذهبي والطائفي. كما توافق المشاركون في هذه الاجتماعات على ضرورة محاربة تنظيم داعش. وعدم السماح بتمدده في الأراضي السورية وتحقيقه تحولات نوعية. قد تقفز به إلى السلطة لإقامة مايسمى دولة الخلافة الإسلامية. وهو يمكن النظر إليه في ضوء نتائج هذه الاجتماعات. باعتباره خطا أحمر إقليميا ودوليا لايمكن السماح بالقفز عليه. لا من داعش أو جبهة النصرة أو غيرهما من التنظيمات ذات الطابع الإرهابي. ولعل ذلك يفسر تزامن قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما. بإرسال قوات خاصة لمحاربة هذا التنظيم تعمل كعنصر إسناد لقوات المعارضة المعتدلة. مع انطلاق اجتماعات فيينا الموسعة. وهو أمر لم يفض إلى استياء روسي التي باتت الرقم العسكري الأول في معادلة الأزمة السورية سواء عبر التدخل المباش. رمن خلال شن غارات جوية كثيفة لم تقتصر على مواقع داعش. بل تمددت إلى تنظيمات مسلحة أخرى من بينها الجيش السوري الحر. والفصائل التي تتلقى تدريبا أمريكيا عسكريا. أو من خلال تزويد الجيش السوري بشبكة دفاع جوى بالغة التطور. وكميات ضخمة من أحدث الأسلحة والذخائر التي حققت نوعا من التحول الميداني لصالحه. وإن كان غير قادر على حسم المعارك البرية بصورة كاملة. وقد اعتبر لافروف قرار أمريكا ارسال قوات برية لسوريا يزيد من أهمية التعاون العسكري بين الجيشين ويقصد بهما الروسي والأمريكي.
ومع ذلك ليس بمقدور المراقب أن يقول أن اجتماعات فيينا حققت اختراقا واسعا. باتجاه مقاربة حقيقية لإنهاء الأزمة. فالعقدة الرئيسة ما زالت قائمة. بل ومستعصية وهي تتعلق أساسا بالموقف من بشار الأسد.