الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قرارات أممية من دون مخالب في سوريا

قرارات أممية من دون مخالب في سوريا

28.02.2018
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 27/2/2018
تبنّى مجلس الأمن الدولي يوم السبت الماضي قراراً بالإجماع تحت الرقم (2401)، يطالب بوقف الأعمال العسكرية في سوريا دون تأخير لمدة 30 يوماً، إفساحاً في المجال من أجل إيصال المساعدات الإنسانية، وتقديم الخدمات الطبية، وإخلاء الحالات الإنسانية الحرجة، استناداً إلى القانون الدولي.
القرار الأممي الجديد سبقه 16 قراراً تمّت الإشارة إليها في نص الديباجة المتعلقة به، وجميعها دون استثناء تمّ توظيفها من حيث المآل لخدمة نظام لأسد بشكل مباشر أو غير مباشر. لا تعود المشكلة في هذا السياق إلى الاستنسابية في تطبيق ما يرد في هذه القرارات فقط، وإنما إلى غياب قوة قاهرة تتحدث باسمها وتجبر نظام الأسد على الالتزام بها.
لطالما تلاعب نظام الأسد بموضوع المساعدات الإنسانية سماحاً ومنعاً، واتخذه في مرحلة من المراحل كوسيلة لكسب الشرعية والتفاوض مع المسؤولين الدوليين والمؤسسات الدولية حوله، وهو أمر قبلته المؤسسات الدولية بذريعة أن لا وسيلة ناجعة لديها لإيصال المساعدات من دون التنسيق مع نظام الأسد.
في كثير من الحالات، كانت القرارات الدولية تفرض إيصال المساعدات الإنسانية، لكن نظام الأسد أفرغها من مضمونها عبر التعامل معها بشكل انتقائي، فسحب الكثير من المواد التي كان من المفترض لها أن تدخل إلى المناطق المحاصرة، لا سيما المواد الأساسية للأطفال، والمواد الطبية للجرحى والمرضى، وكان يترك المواد التي لا تقدّم أو تؤخّر كما يُقال.
أما الدعوة إلى وقف إطلاق النار، فغالباً ما استغلها نظام الأسد لتحقيق المزيد من التقدم على الأرض، والسيطرة على المزيد من الأماكن، وقتل المزيد من المدنيين. الدعوات العلنية لوقف إطلاق النار، كانت وما زالت تقترن دوماً بضوء أخر يتيح للأسد وحلفائه حصراً متابعة عملياتهم العسكرية وعدوانهم على المدنيين بدعوى وجود مجموعات إرهابية.
وبالإشارة إلى موضوع الجماعات الإرهابية، لا يعرف أحد بالضبط لماذا لا ينطبق هذا التوصيف وما يلحق به من تبعات قانونية في القرارات الصادرة عن مجلس الأمن إلا على "داعش" والقاعدة وجبهة النصرة، ويستثني باقي الإرهابيين. هذا الاستثناء لم يخدم أحداً بقدر ما خدم نظام الأسد وحلفاءه، وسمح لهم بإضفاء الشرعية على كل الأعمال الإجرامية التي قاموا بها بذريعة المساهمة في محاربة الإرهاب الذي خلقوه هم في البداية، ويا لها من مصادفة!
المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة وبعض المنظمات المنبثقة عنها، متورطة بمساعدة نظام الأسد على قتل الشعب السوري بثلاث طرق مختلفة، هي المشاركة والتغاضي والتبرير، وإضفاء الشرعية على إجرامه وسلطته. لقد أثبتت العديد من التقارير الموثّقة هذه الأدوار المختلفة للمؤسسات الدولية، ولم يسجّل التاريخ، منذ الحرب العالمية الثانية، سماح المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي لسفّاح بأن يسفك دماء المدنيين لسبع سنوات متواصلة دون كلل أو ملل أو محاسبة كما يتم السماح للأسد.
ومن المهازل الموصوفة مؤخراً في هذا السياق، قيام اللجنة الخاصة المعنية بتنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، والمعروفة باسم "لجنة الـ 24"، بانتخاب مندوب نظام الأسد الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري مقرراً لها، وزيد على هذا الهراء تقديم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الثناء على عمل الهيئة.
كيف يمكن تصوّر نظام يرتكب يومياً جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين منذ سبع سنوات باستخدام كل الأسلحة بما في ذلك الأسلحة المحرّمة دولياً كالسلاح الكيماوي، ويستجلب كل أنواع الاستعمار والاحتلال لسوريا، ثم يُنصّب مندوبه في هيئة تسمح له بالادعاء بأنه في موقع الدفاع عن الشعوب!;