الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قطار الموت يداهم حلب

قطار الموت يداهم حلب

23.06.2016
آلاء أحمد المدهون


العربي الجديد
الاربعاء 22/6/2016
هي كلمات سجلها أبو العلاء المعري، ولم يكن يعرف أن هذه الكلمات في زمن الأسد قد اندثرت، وانقلب بيت الشعر رأساً على عقب، فقطار الموت بصوته المخيف، ودخانه القاتم الذي يسد الأنفاس، جاب المدن السورية، ليشق طريقه إلى حلب الشهباء، مجتثاً منها فلذات أكبادها، وقاطعاً كل لسان يلهج بالتوحيد، لتصبح حلب للوارد ناراً سعيراً ... وهي للغادرين جنة عدن!
سبعة أيام مرت كسبع سنوات أو ما يزيد، لم يعرف فيها سكان المدينة المكلومة ليلهم من نهارهم، ولم يعرف الزاد طريقاً إلى أجساد مزق الجوع أمعائها.
 
حلب، حالها كحال المدن السورية المعارضة، نالت نصيباً وافراً من الهجمات الأسدية التي لم تُفرّق بين مدني وعسكري، وبين رجال وأطفال. البراميل المتفجرة لم تميّز بين مشافٍ أو مبانٍ سكنية، فالجميع هنا مستهدفٌ، ولسان حال البراميل تقول "السماء شركناها لكم، والأرض أخرجنا باطنها من ظاهرها لكم".
شاخت الأبصار في حلب، وكبر الطفل قبل أوانه، ونهر الدماء أخذ مجراه بين الأزقة، وأشلاء الموحّدين تناثرت على الطرقات، وما من مجيب لاستغاثات الثكالى .
مر الأسبوع كدهر، ليُختم بجمعةٍ لم يُرفع فيها آذاناً، وكانت المساجد شاهداً على مجزرةٍ مروعةٍ لم يعرف بها الجاني أدنى وجه للشفقة، وتخرج الصور الصادمة تباعاً للإعلام، لعلها تجد نخوة تحرك ضمائر اعتادت الصمت.
على مواقع التواصل الاجتماعي، كان التفاعل الأكبر الذي اندثر صداه من أرض الواقع، وصبغت الصفحات الاجتماعية باللون الأحمر، لتلفت نظر العالم أجمع عمّا يجري في حلبٍ حتى لا تكن مدينة منسية، ومع كل مشاركة في العالم الافتراضي ترى أن الخير لا زال موجوداً، ويعكس نفوس من خلفه. ولكن، هل يغفر هذا التفاعل تقصيرنا تجاه إخوان لنا، نادوا بنداء صم الآذان، وهل سيعود أهل الشام يتغنوا بفتح حلب من بطش الأسد، كما تغنى بها صلاح الدين الأيوبي، حين قال: "ما سررت بفتح قلعة أعظم من سروري بفتح مدينة حلب، واذا سقطت حلب سقط الشام كله"؟