الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قلق دولي على لبنان

قلق دولي على لبنان

22.07.2013
علي بردى

النهار
الاثنين 22/7/2013
على رغم كل الإنعكاسات الخطرة للصراع الدموي الدائر في سوريا منذ زهاء 28 شهراً، قاوم لبنان حتى الآن الغرق مجدداً في حرب أهلية. غير أن هذه "المعجزة" اللبنانية قد لا تصمد طويلاً ما لم يتخذ اللبنانيون، وخصوصاً "حزب الله" المدعوم من ايران وكذلك القوى الإسلامية السنيّة المدعومة من السعودية، قراراً شجاعاً بالإنسحاب قبل فوات الأوان من الأزمة السورية.
عاش لبنان طويلاً في ظل معادلات سوريا القوية. جاء البعث محمولاً على مد قومي. رأى صلاح الدين البيطار أن الإسلام "وثبة العروبة الى الوحدة والرقي". اعتقد حافظ الأسد أن لبنان وفلسطين والأردن وبعض العراق أجزاء "مسلوخة" من بلاد الشام. انتهى الأمر بأن تصف صحيفة "النيويورك تايمس" الأميركية بشار الأسد بأنه "أمير حرب" هو الأقوى بين أمراء الحرب الحاليين في سوريا. معقله جبال العلويين وساحلهم. ساعد "حزب الله" الأسد الإبن على صنع معادلة جديدة. لم يتمكن الآخرون - على المقلب الآخر من هذا الصراع الدموي - حتى من اقناع أطراف المعارضة السورية بالإجتماع تحت خيمة سياسية واحدة. سوريا القوية انتهت. الشقاق الشيعي – السني أصرح وأقدم من أي "مؤامرة" أميركية وغربية. لنكف - ولو مرة - عن الرياء.
أدرك "حزب الله" والأطراف الآخرون حكمة النأي بالنفس. وقع الجميع اعلان بعبدا. وظف الرعاة الإقليميون أطرافاً لبنانيين للمساهمة في الحرب بالوكالة على الأراضي السورية. صار لبنان على كف عفريت. بيد أن أي حرب أهلية فيه تحتاج الى طرفين. لا طرف جدياً يجرؤ على "حزب الله"، على رغم الحوادث الخطرة التي شهدتها طرابلس وصيدا والضاحية الجنوبية لبيروت.
رعت سوريا الأسد المتشددين الإسلاميين الذين حاربوا الغزاة الأميركيين للعراق. ارتدت هذه اللعبة على النظام السوري مثلما ارتد "المجاهدون" الإسلاميون في أفغانستان على الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. الآن صارت الحرب على الإرهاب بين ظهرانينا. يجب على مجتمعات "الربيع العربي" أن تأخذ نصيبها في الحرب العالمية على الإرهاب. يحتاج العرب الى "ثورة ثقافية ومعرفية" (رحم الله غسان تويني) للتخلص من هذه الآفة، بعدما بلغت الوحشية مستويات تقشعر لها الأبدان.
لبنان ليس بمنأى عن المعادلة الجديدة مع أن ديبلوماسياً غربياً رفيعاً في الأمم المتحدة ينظر بإعجاب الى لبنان، الذي اجترح حتى الآن "معجزة مقاومة الأزمة". صار البلد الرقم واحد عالمياً في استضافة اللاجئين، الذين يمثلون زهاء 25 في المئة من عدد السكان.
في "مجتمعات مذهبية" لبنانية لم تعد تقيم وزناً للإنصاف، يستحق المندوب اللبناني الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام تنويهاً بمقاربة موفقة. خاطب رئيسة مجلس الأمن لهذا الشهر القائمة بأعمال البعثة الأميركية ماري روز ديكارلو بأن عدد اللاجئين في لبنان يوازي نسبياً وجود 75 مليون لاجىء في الولايات المتحدة. لهذه المقاربة أثر، لأن القلق الدولي جدي على لبنان.