الرئيسة \  تقارير  \  قمة أردوغان وبوتين.. هل تحسم ملف إدلب وصفقة صواريخ "إس 400" جديدة لأنقرة؟

قمة أردوغان وبوتين.. هل تحسم ملف إدلب وصفقة صواريخ "إس 400" جديدة لأنقرة؟

30.09.2021
زاهر البيك


زاهر البيك
الجزيرة
الاربعاء 29/9/2021
أنقرة – اضطلعت لقاءات القمة التي عُقدت بين أردوغان وبوتين في السنوات الأخيرة بدور حاسم في حل الملفات العالقة بين الطرفين المتعلقة بسير الأحداث في سوريا.
وعلى وقع مقتل 11 من مسلحي المعارضة السورية بقصف روسي في منطقة مشمولة باتفاق وقف إطلاق النار تم برعاية تركية روسية؛ تأتي قمة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء في تصعيد يرى مراقبون أنه يحمل "رسائل ضغط" قبل اللقاء المرتقب.
وقال أردوغان "لن نتحدث عن إدلب وحدها بل سنناقش أيضا العلاقات الثنائية بين روسيا وتركيا والوضع في سوريا، وما وصلنا إليه في سوريا وما سنحرزه هناك في المستقبل".
تفاهمات إدلب
وحسب صحيفة حرييت التركية، فإن قضية ملف إدلب والمشاكل التي تعترض المنطقة ستناقش في قمة أردوغان بوتين، مشيرة إلى أن الشروط المنصوص عليها في اتفاق إدلب لم تُنفذ بالكامل.
وكان قد توصل الطرفان الروسي والتركي إلى اتفاق موسكو في مارس/آذار 2020، ونص على وقف إطلاق النار وإنشاء ممر آمن، وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي (إم 4)، تبدأ من بلدة الترنبة (شرق إدلب) حتى عين الحور (غرب) آخر منطقة تحت سيطرة فصائل المعارضة.
لكن هذا الاتفاق يتعرض لخروق متواصلة، وقصف من قبل النظام السوري وروسيا يتركز على مناطق جبل الزاوية (جنوب إم 4).
وفضلا عن موضوع سوريا، أشارت تقارير تركية إلى أنه ستتم مناقشة صفقة جديدة من صواريخ "إس-400" (S-400) التي أدى شراؤها من روسيا إلى فرض عقوبات أميركية على الصناعات الدفاعية التركية، إذ تجري محادثات الآن بين تركيا وروسيا بشأن احتمال شراء دفعة ثانية، كما ستناقَش مشاريع الطاقة والسياحة بين الطرفين في الاجتماع.
ومعظم قمم الرئيسين عُقدت في روسيا، وفي مدينة سوتشي تحديدا التي ستعقد فيها قمة اليوم الأربعاء، حيث خرجت تلك القمم باتفاقات من شأنها إنهاء توترات بين قوات النظام وفصائل المعارضة، أو بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش الوطني السوري المدعوم تركيًّا.
الأسد واللاجئون
وصعّدت طائرات روسية من قصفها لمناطق في إدلب (شمال غربي سوريا) قبل قمة بوتين أردوغان، الأمر الذي قد يتسبب في موجة جديدة من اللاجئين السوريين، وتتخوّف تركيا من تدفق مزيد من اللاجئين نحو حدودها، وصرّح أردوغان -في كلمة له الثلاثاء الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة- أن بلاده لم تعد تستطيع تحمّل موجات هجرة جديدة.
وتبدو التنازلات التي ستضغط روسيا للحصول عليها في اللقاء المرتقب بين بوتين وأردوغان مختلفة هذه المرة، فيظهر أن حسابات بوتين تتجاوز مسألة السيطرة على منطقة محددة، أو حتى افتتاح الطرق الدولية المارّة من إدلب أمام حركة العبور.
وذكرت وسائل إعلام تركية أن روسيا ستدفع إلى محاولة إقناع تركيا للقبول بالجلوس مع نظام بشار الأسد، وذلك بغية استكمال المخطط الرامي إلى تعويم ذلك النظام مجددا.
وتعوّل روسيا على الحساسية التركية من ملف اللاجئين السوريين، وكذلك على التوجه التركي الجديد نحو تحسين العلاقات المتوترة مع دول عدة في المنطقة (الإمارات، مصر، السعودية)، لدفع أنقرة إلى تليين مواقفها من نظام الأسد.
استمرار التنسيق
ويستبعد بدر ملا رشيد الباحث في الشؤون الكُردية أن يتوصل بوتين وأردوغان إلى حل نهائي بشأن محافظة إدلب مرجحا الاستمرار بآليات التنسيق، ومراعاة أهمية ذلك لدى الجانب التركي.
ويقول للجزيرة نت إن "روسيا مدركة للواقع الصعب الذي تعيشه تركيا في المناطق التي سيطرت عليها في سوريا، فسيطرة أنقرة وتدخلها العسكري في سوريا بعد 2016 كانا بشكل خاص لدواع أمنية وعسكرية تتعلق بالداخل التركي، وليس بالتغيير السياسي في سوريا، وهي نقطة تستغلها روسيا عبر عقد اتفاقيات أمنية تمنحها إمكانية المراوغة في مواجهة المناطق المحررة، والإغارة عليها".
ويضيف الباحث الكردي في مركز عمران "مع ما تواجهه أنقرة من تأزم في علاقتها مع واشنطن، تتجه إلى الدخول في صفقة صواريخ جديدة مع روسيا، وتدرك أنقرة أن كثيرا من الملفات الداخلية والإقليمية أصبحت مرتبطة إلى حد لا يسمح لها ولواشنطن بالعودة لحالة الشراكة المعتادة، وهو ما سيدفع باتجاه استمرار تركيا في إيجاد توازن في العلاقة مع روسيا".
تقارير تركية أشارت إلى أن الرئيسين سيناقشان حصول تركيا على صفقة جديدة من صواريخ "إس-400" (الجزيرة)
العلاقات التركية الروسية
تتداخل المصالح الروسية التركية في ملفات إقليمية ودولية متعددة، من بينها الملفان السوري والليبي، فضلا عن الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، وصولا إلى التطورات المتعلقة بملفي أوكرانيا وبولندا، كما يسير الطرفان أيضا في صفقة لشراء منظومة الصواريخ الروسية "إس 400" (S400).
وهناك تقاطع اقتصادي واسع أيضا، يتعلق جزء كبير منه باتفاق مشروع خط الغاز الطبيعي "السيل التركي"، لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا، وهو الذي يركّز عليه الساسة الأتراك والروس تركيزا كبيرا، ويتداول ذكره كثيرا أردوغان وبوتين.
ويجد الباحث ملا رشيد صعوبة في تأطير العلاقة التركية الروسية، فهي من جهة ليست علاقة عداء شاملة، ومن جهة أخرى ليست بعلاقة تحالفية أو شراكة، لذا ففي الوقت الحالي يمكن وصفها بأنها علاقة تنافسية لملء الفراغات الأمنية والعسكرية التي شكلها انهيار أنظمة تقليدية، أو لإنشاء توازنات جديدة في الجغرافية التي تغير واشنطن فيها من سياساتها، ومن ثم تحكمها سياسة عض الأصابع أحيانا، وإرخاء الحبل أحيانا أخرى.