الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قمة "أنقرة" حول إدلب.. الفرص والتحديات

قمة "أنقرة" حول إدلب.. الفرص والتحديات

17.09.2019
فراس فحام


نداء سوريا
الاثنين 16/9/2019
تتجه أنظار سكان شمال غرب سوريا إلى العاصمة "أنقرة" التي ستحتضن في السادس عشر من شهر أيلول/ سبتمبر الحالي قمة ثلاثية بين تركيا وروسيا وإيران من أجل مناقشة مصير إدلب، التي تشهد وقفاً هشاً لإطلاق النار منذ مطلع الشهر.
الخيار التركي القديم المتجدد يتمثل في الرغبة بإعادة الهدوء إلى المنطقة، وإيقاف التصعيد العسكري الذي أدى لنزوح قرابة مليون نسمة توجهوا إلى الشريط الحدودي شمال إدلب، وكسب الوقت من أجل العمل بهدوء ووفق رؤيتها على حلحلة العقدة الأساسية في المحافظة المتمثلة بـ"هيئة تحرير الشام"، حيث تفضل أنقرة تفكيكها وإدماج عناصرها السوريين ضمن التشكيلات الوطنية، ثم التعامل مع ملف المقاتلين الأجانب بشكل منفرد دون الخوض بمواجهة مفتوحة، وإنما عمليات جراحية عند اللزوم.
بالإضافة إلى ملف "هيئة تحرير الشام" واستخدامها من قِبَل الروس كذريعة للتصعيد العسكري، فثمة تحدٍّ آخر يعترض طريق الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في القمة المرتقبة يتمثل في عودة التنسيق الروسي – الإيراني بملف إدلب، والذي تجسد في دخول قوات "حزب الله" على خط المواجهات جنوب شرق المحافظة، بالإضافة لدفع إيران بتعزيزات لميليشيات "الرسول الأعظم" إلى مطار "منغ" شمال حلب الذي تسيطر عليه ميليشيات الحماية، في رسالة واضحة من طهران إلى أنقرة، نتيجة تصاعد تنسيق الأخيرة مع واشنطن في ملفات عديدة منها عدم خرق العقوبات الأمريكية على إيران، وهذا مشهد لا تفضله تركيا كثيراً، حيث عملت العام الماضي على تحييد الموقف الإيراني قبيل قمة "سوتشي" التي شهدت ولادة اتفاق صمد لعدة أشهر.
وبالمقابل فهناك فرص تلوح بالأفق تعزز احتمالية التفاهم حول تهدئة لفترة زمنية ليست قصيرة، حيث إن إيقاف العمليات العسكرية الروسية بداية شهر أيلول/ سبتمبر الجاري رغم حالة التفوق الميداني التي أحرزتها، ترك علامات استفهام حول سبب القرار، مع احتمالات أن يكون قد جاء استباقاً لتحرك دولي واسع ضد روسيا، ظهرت بوادره في استعداد الكويت وبلجيكا لطرح مشروع قرار في مجلس الأمن، والاتصال بين الرئيسين التركي "أردوغان" ونظيره "ترامب" عشية القرار الروسي، أو أن يكون دافعه عدم رغبة روسيا في دفع تركيا للمزيد من التنسيق مع الولايات المتحدة، وتفضيل التفاوض مع أنقرة من أجل تحقيق الوصول إلى صيغة حل مرضية للطرفين عبر طاولة المفاوضات.
الرئيس التركي استبق القمة بالتأكيد على نقاط جوهرية، وهي الاستمرار في عدم الاعتراف بنظام الأسد أو التنسيق معه بخصوص نقطة المراقبة التاسعة في بلدة "مورك"، والاكتفاء بالتواصل مع روسيا، والإصرار على استمرار تواجد نقاط المراقبة الـ12 في المنطقة.
مما لا شك فيه أن المعارك العسكرية التي استمرت لقرابة أربعة أشهر، أدت إلى حالة استنزاف في صفوف الطرفين، وبالأخص قوات النظام السوري التي فقدت آلاف المقاتلين بين قتلى وجرحى؛ الأمر الذي أجبر روسيا على الزج بقواتها الخاصة في المعارك لسد الفراغ البشري، وهذا يعزز من فرصة التفاهم حول تهدئة جديدة لكنها ليست دائمة، خاصةً أن نظام الأسد احتاج فترة طويلة من الزمن من أجل الحشد للمعارك السابقة، وهو يحتاج بطبيعة الحال لفترة زمنية كافية لإعادة ترتيب صفوفه.
على الصعيد المحلي فإن فصائل الجيش السوري الحر مطالبة باستثمار التهدئة الحالية أو المحتملة بعيد قمة أنقرة من أجل تعزيز جبهات القتال والسعي لتكرار نموذج "كبينة" التي صمدت أمام عشرات المحاولات لاقتحامها من قِبَل روسيا بإمكانات بسيطة اعتمدت بشكل أساسي على التحصينات.
إن الحاضنة الشعبية أيضاً يوجد دور ملقى على عاتقها يتمثل في تصعيد ضغطها على "هيئة تحرير الشام" التي تهيمن على الموارد المالية في المنطقة، ولا توظفها في تحصينها ضد حملات عسكرية محتملة، حيث يعتبر قطاعها الذي تشرف عليه خاصةً الممتد من منطقة أبو الضهور حتى سراقب، من أكثر المناطق هشاشة على صعيد التحصينات الهندسية، وستكون جبهة مفضلة لروسيا والنظام من أجل تسخينها في حال العودة إلى التصعيد، بالإضافة إلى جبهة غرب حلب.