الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قنابل بوتين و"لحوم البشر"!

قنابل بوتين و"لحوم البشر"!

19.06.2013
راجح الخوري

النهار
الاربعاء 19/6/2013
لم يلتفت فلاديمير بوتين الى شواهد المقبرة الرمزية التي رفعت الرقم 93 الفاً عند مدخل "لوخ ايرن" في ايرلندا الشمالية كدعوة الى الثمانية الكبار للعمل على وقف المذبحة في سوريا، فقد كان واضحاً انه جاء ليثني الاميركيين والاوروبيين عن تسليح المعارضة السورية، التي تذبح منذ عامين ونصف بالسلاح الروسي وبتغطية سياسية فظة من موسكو.
كان في وسع ديفيد كاميرون ان يرد على بوتين بلغة تماثل قوله لا تسلّحوا آكلي لحوم البشر، فيدعوه الى عدم اختصار المذبحة في صورة، لأن أكل لحوم البشر هو ايضاً في تسليح نظام يرتكب المذابح الجماعية فيسقط براميل القنابل على البيوت ويدك الاحياء بطائرات "الميغ" والمدن بصواريخ "سكود" الروسية ويستعمل السلاح الكيميائي في الابادة، ولكن كاميرون اكتفى بالقول ان الخلافات مع روسيا كبيرة وان على الاسد ان يتنحى لوضع حد للكابوس.
كان واضحاً ان قمة الثمانية الكبار ستفشل في الاتفاق على حل للازمة السورية التي طغت على كل الملفات الاخرى، بعدما تحولت حلبة ملاكمة دولية كان ابرز ما فيها ذلك التصريح التراجيدي الذي ادلى به رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر: "كيف يمكن الروس مساندة بلطجية الاسد لاسباب خاصة بهم... ينبغي ان لا نخدع انفسنا نحن مجموعة السبعة زائد واحد، هذا هو الوضع نحن في الغرب ننظر الى المسألة بشكل مختلف للغاية".
فرنسوا هولاند بدوره نعى اي اتفاق على الملف السوري قبل بدء القمة عندما وصل مستنكراً تسليح روسيا للنظام: "يجب الا نأمل كثيراً، فكيف يمكن ان نقبل بأن تستمر موسكو في تسليح الاسد وقت لا تتلقى المعارضة المستهدفة بالقتل اليومي سوى كمية محدودة من السلاح؟"، بما يؤكد ان هناك اتجاهات غربية جادة هذه المرة لتسليح المعارضة، ربما بهدف التوصل الى توازن في القوى يزيد فرص نجاح مؤتمر "جنيف - 2".
قمة الخلاف برزت عبر ذلك الوجوم الذي سيطر على اللقاء بين باراك اوباما وبوتين الذي ظل مقطّباً امام المصورين بعدما ادرك ان الساحة السورية لن تبقى حكراً على السلاح الروسي، وان ترهات سيرغي لافروف عن ان تزويد الاسد السلاح عملية قانونية وفق اتفاقات مبرمة بينما تسليح المعارضة انتهاك للقانون الدولي، لن تحول دون تسليح "الجيش السوري الحر" وخصوصاً الآن بعدما دخلت ايران المعركة علناً وبكل أذرعها العسكرية اللبنانية والعراقية.
ما ليس مفهوماً هو اعلان اوباما وبوتين انهما مختلفان على كيفية انهاء الصراع السوري لكنهما يريدان وقف اراقة الدماء وحل الازمة وجمع الطرفين في جنيف... ولكن كيف إن لم يكن بمزيد من الصراع ليصبح مؤتمر جنيف مطلب المتصارعين؟!