الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قوات النظام السوري تواصل توغلها شمالاً… ومقتل 9 مدنيين بغاراتها

قوات النظام السوري تواصل توغلها شمالاً… ومقتل 9 مدنيين بغاراتها

01.02.2020
هبة محمد وإسماعيل جمال


هبة محمد وإسماعيل جمال
القدس العربي
الخميس 30/1/2020
دمشق – إسطنبول – "القدس العربي": سيطرت قوات النظام والميليشيات المساندة لها، على مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، شمال غربي سوريا، بعد انتزاعها السيطرة على نحو 29 بلدة وقرية مجاورة خلال الأسبوع الجاري، وسط مواصلة الحلف الروسي – السوري، هجماته اليومية على المناطق القريبة بهدف السيطرة الكاملة على الطرق الدولية.
ويرجع تقدّم قوّات النظام السوري في إدلب ومحيطها منذ أيار/ مايو الفائت، وحتى الوقت الحالي، بحسب مراقبين إلى مجموعة أسباب، يتصدرها غياب رد الفعل من تركيا والولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي، ما شجّع على مزيد من استخدام القوّة والعنف المفرط، لرسم واقع جديد لا يقف فقط عند تغييرات ميدانية على خارطة النفوذ والسيطرة.
وعقب إمعان موسكو في انتهاك الاتفاقات المبرمة مع أنقرة، بخصوص إدلب، وجملة الخسائر التي لحقت بمناطق المعارضة السورية، التي تدخل تحت "الحماية التركية" قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الأربعاء، إنه "لم يعد هناك شيء اسمه مسار أستانة بشأن سوريا".
الضحايا
تزامناً، قال الدفاع المدني السوري، ان حصيلة ضحايا أمس ارتفع إلى 9 مدنيين، بينهم متطوع بالدفاع المدني وأصيب 12 آخرون بينهم طفل بقصف جوي على ريف إدلب الجنوبي والشرقي حيث قتل متطوع في الدفاع المدني وأصيب اثنان نتيجة استهداف الفريق من قبل الطيران الحربي التابع لقوات النظام أثناء استجابتهم لإنقاذ مدنيين عالقين تحت الأنقاض في بلدة منطف بجبل الزاوية، كما قتل ستة رجال في بلدة حاس جنوب إدلب جراء استهداف الطائرات المروحية التابعة لقوات الأسد منازل المدنيين بالبراميل المتفحرة.
وقتل رجلان نتيجة قصف قوات النظام بلدة كفرلاته بصواريخ تحمل قنابل عنقودية، وأصيب 7 رجال في بلدة سفوهن جنوب إدلب، كما أصيب 4 مدنيين في سراقب نتيجة الغارات الجوية للطائرات النظام. وأدى قصف الطيران الحربي الروسي على قرية بزابور إلى تدمير مسجد القرية، كما دمرت مدرسة في بلدة المغارة بقصف مروحي بالبراميل المتفجرة.
اردوغان مندداً بهجوم النظام: مسار "أستانة" انتهى وصبرنا ينفد وروسيا لم تلتزم بالتفاهمات
ووثقت فرق الدفاع المدني استهداف 24 منطقة بنحو 22 غارة جوية 9 منها بفعل الطيران الحربي الروسي و 16 برميلاً متفجراً، بالإضافة إلى 290 صاروخاً، بعضها يحمل قنابل عنقودية. وطال القصف مدينة سراقب وبلدات خان السبل وداديخ وكفربطيخ بريف إدلب الشرقي، بالإضافة إلى مدينة كفرنبل وبلدات حاس ومعرة حرمة والبارة وسرجة وبينين وشنان وبزابور ودير سنبل وجبل الأربعين وأحسم والمغارة وكفرحايا وكفرلاته ومرعيان وكفرعويد ومنطف وحنتوتين وسفوهن بريف إدلب الجنوبي، ومدينة جسر الشغور وبداما غرب إدلب.
اردوغان: نفد صبرنا
إنسانياً، أرسلت الأمم المتحدة، الأربعاء، 29 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى محافظة إدلب، شمال غربي سوريا. وذكر مراسل الأناضول، أن الشاحنات المحملة بالمساعدات الأممية دخلت الأراضي السورية من معبر "جيلوة غوزو" في ولاية هطاي جنوبي تركيا. ومن المنتظر أن يتم توزيع المساعدات على المحتاجين في مدينة إدلب وريفها في وقت لاحق.
من ناحيته خرج الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن صمته إزاء الهجوم المتواصل على إدلب شمال غربي سوريا، وهاجم روسيا بشكل غير مسبوق متهماً إياها بعدم الالتزام بتفاهمات سوتشي وأستانة التي اعتبرها في حكم المنتهي، وهدد بأن بلاده سوف تقوم "بما يتوجب عليها القيام به" إذا لم تتوقف الغارات على إدلب.
وأكد اردوغان في تصريحات صحافية على متن الطائرة عائداً من جولته الإفريقية إلى أنقرة، أمس: "في الوقت الحالي لم يتبق شيء اسمه "مسار أستانة، المسار يمر بحالة صمت تام، علينا نحن تركيا وروسيا وإيران إحياؤه مجدداً والنظر فيما يمكن أن نفعله"، مضيفاً: "روسيا لم تلتزم بتفاهمات سوتشي أو أستانة".
وقال اردوغان: "هناك اتصالات مع المسؤولين الروس حول هذه المسألة، قلنا لهم بوضوح يجب وقف الغارات على إدلب، ولكن في حال لم توقفوا القصف وغيره فإن صبرنا ينفد وسوف نقوم بفعل ما يتوجب علينا القيام به". وأضاف: اردوغان "روسيا تعلم ما يتوجب عليها القيام به، إما أن تسلك طريقاً آخر مع النظام السوري، أو تواصل طريقها مع تركيا، لا يوجد طريق آخر"، مشدداً على أن تركيا "ليس لديها أي أطماع في الأراضي السورية وهدفها حماية المواطنين هناك".
وتابع اردوغان: "روسيا تدعي دائماً أنها تحارب الإرهاب، من هم الإرهابيون؟ الذين يحاربون من أجل حماية أراضيهم؟ هؤلاء مقاومون وليسوا إرهابيين، في تركيا 4 ملايين لاجئ سوري هربوا من ظلم الأسد"، لافتاً إلى أن بلاده ما زالت تأمل أن تمارس روسيا الضغط اللازم على النظام السوري لوقف هجماته ووقف تدفق اللاجئين نحو الحدود التركية.
ونتيجة الهجمات والتقدم البري التدريجي للنظام السوري خلال الأشهر الماضية، حاصر النظام السوري نقطتي مراقبة تابعتين للجيش التركي في إدلب من أصل 12 نقطة منتشرة في المحافظة ومحيطها بموجب اتفاق أستانة والتفاهمات مع روسيا وإيران.
ويحاصر النظام السوري حالياً نقطة المراقبة التابعة للجيش التركي في مورك شمال حماة، ونقطة ثانية في الصرمان جنوبي إدلب، ومع التقدم الحالي في معرة النعمان جنوبي إدلب باتت نقطة المراقبة في معرحطاط شبه محاصرة وساقطة عسكرياً من قبل قوات النظام السوري.
ورغم حديث الرئيس التركي عن إيصال رسالته إلى روسيا "بأنّ صبر أنقرة نفد على انتهاك الاتفاقيات الدولية الخاصة بإدلب". لكن هذا التصريح بحسب ما يقول الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي "لا يعني استجابة روسيا او إيران فعلاً للضغوط أو التحذيرات" إنما العودة إلى الاحتواء عبر احتمال إعلان هدنة، ومن ثم الاستمرار في سياسة المناورة العسكرية وقياس مدى وجود رد فعل حقيقي يتطابق مع تلك التحذيرات.
تسارع الأحداث
من جهته قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تقدماً جديداً حققته قوات النظام بإسناد جوي وبري مكثف، شمال مدينة معرة النعمان ضمن المنطقة الواصلة إلى بلدة سراقب، حيث تمكنت من السيطرة على القاهرية والجرادة والرويحة وأجزاء واسعة من بلدة خان السبل، وبذلك باتت قوات النظام على مسافة نحو 9 كلم من بلدة سراقب الاستراتيجية، وسط استمرار المعارك في خان السبل.
ويعود تسارع سيطرة قوّات النظام السوري في شرق إدلب على مزيد من المناطق إلى جملة من الأسباب الداخلية والخارجية، والتي تحدث عنها عاصي لـ"القدس العربي"، وقال إنها تتداخل مع بعضها أحياناً بشكل مركّب. ويمكن إجمال هذه الأسباب بضعف خطوط الدفاع التي تم إنشاؤها شرق وجنوب إدلب منذ تشكيل حدود التماس في المنطقة في الثلث الأوّل من عام 2018. ويعكس ذلك سوء تقدير وفاعلية الخطط الدفاعية للفصائل المسيطرة على المنطقة واستنزاف المقدّرات العسكرية للفصائل المسلحة خلال العمليات القتالية التي جرّت في الحملة العسكرية الثالثة بين شباط/ فبراير وآب/ أغسطس 2019، وامتناع هيئة تحرير الشام حتى الآن عن إعادة السلاح الثقيل الذي استولت عليه وصادرته خلال المعارك السابقة بين الطرفين، ناهيك عن حالة الضعف والاستنزاف الذي تعرّضت له الفصائل نتيجة لاعتداءات الهيئة عليها.
وتحدث الباحث السياسي عن امتناع هيئة تحرير الشام عن الزجّ بكامل قوّتها في العمليات القتالية، حيث يبدو أنّها ترى أنّ معركتها الأساسية تتركز في شمال الطريق الدولي بين حلب واللاذقية "ام 4" إضافة إلى شحّ الدعم العسكري الخارجي الذي يتم تقديمه لفصائل المعارضة، مقابل امتلاك قوات النظام لغطاء جوي روسي كامل، ودعم لوجستي كامل من طرف حلفائه، والطبيعة الجغرافية السهلية التي تسمح لقوّات النظام السوري بالتقدّم السلس في ظل أفضلية الغطاء الناري الصاروخي والمدفعي والجوي الذي تقدّمه روسيا وإيران فضلاً عن غياب المؤشرات حول قدرة أو رغبة تركيا على تقديم تنازلات كبيرة لصالح روسيا والتي قد تتجاوز ملف وقف إطلاق النار في سوريا، ما يعني استمرار خيار الحسم العسكري وعدم إفساح المجال أمام فصائل المعارضة لترتيب صفوفها ودفاعاتها في المناطق السهلية سابقة الذكر.