الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قيادات عسكرية سورية تشكك بدور طهران .. إيران تعتبر الأسد جسراً للعبور الطائفي

قيادات عسكرية سورية تشكك بدور طهران .. إيران تعتبر الأسد جسراً للعبور الطائفي

27.12.2014
علي البلوي



اليوم السعودية
الخميس 25-12-2014
عملياً، هناك وفد من المعارضة السورية متواجد في القاهرة، إضافة إلى عماد الأسد ابن عم الرئيس السوري، وهناك إشارات دبلوماسية سورية، تؤكد احتمالية أن تلعب القاهرة دوراً مهماً في الأزمة السورية، والآن هناك صفاء قطري - مصري برعاية سعودية، ووقف للجزيرة مباشر، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل تأخذ القاهرة ضوءاً أخضر للتقدم بخطوات نحو دمشق، في إطار مجموعة الحلول المطروحة إقليمياً ودولياً لحل المشكل السوري.
المعلومات بدأت تتكشف من دمشق وتظهر أن قتلى مجمع الأمن القومي عام 2012 وبخاصة مقتل اللواء آصف شوكت، كانت عملية مدبرة وبطلب إيراني، لأن شوكت بحسب اللواء مناف طلاس، كان مع محاورة المعارضة السلمية والمسلحة، في الوقت الذي كان فيه اللواء قاسم سليماني في دمشق، وكان شوكت يمثل هاجساً للأسد وإيران وحزب الله لحجم المعلومات الأمنية التي بحوزته، وهذا الكلام ترويه اليوم وول ستريت جورنال .
قلنا، إن طهران أحكمت حلقاتها على صناعة القرار السوري منذ تلك العملية، وهو ما يقر به مناف طلاس بأن طهران بدأت تتحكم بدمشق، وهذا الخناق له أهدافه، ولعل من بينها إبعاد دمشق عن عمقها العربي وجعلها أكثر ارتباطاً بطهران، وهي تعلم أن آل الأسد ليسوا هم أدوات السياسة الإيرانية مستقبلاً، بل هم جسر العبور لولادة المكون الطائفي على شاكلة حزب الله، فقد تجاوزت الأزمة الراهنة آل الأسد، ولم يعد أي منهم جزءاً من الحل، ولهذا أكملت طهران حلقات بناء حزب الله السوري، وبالتالي يكون لدينا حزب الله اللبناني والعراقي، واليمني ( جماعة الحوثي)، ووفقاً لهذا المنطق فهي ليست حريصة لا على الدولة العراقية أو السورية، قدر حاجتها لكانتونات تؤدي أغراضها وأهدافها.
هذا الواقع يجري في سوريا والعراق ولبنان واليمن، ومن يخالف التوجهات الإيرانية يجري إعدامه بعدة طرق، سواء بالتصفية المادية أو إسقاطه اجتماعياً وإعلامياً، وحجب المساعدات عنه، وإسقاطه من خلال نزع تابعيه ومريديه عنه، فمن يتبع يحتاج إلى إطار ومسرح يقف عليه سواء كان دينياً أو سياسياً، وهذا يحتاج إلى دعم مالي، ودعم في الحصول على المكانة والدور والسلطة ، ومن يخالف تُزل عنه الأغطية واحداً بعد الآخر، إن لم تزل دفعة واحدة، كما حصل مع المرجع الصرخي في العراق .
وبحجة تشويه المعارضة الإسلامية دفعت دمشق لفتح أبوابها للتنظيمات المتطرفة، وبحجة التنظيمات المتطرفة السنية، صدرت طهران فائض المقاتلين إلى سوريا ليكونوا نواة حزب الله السوري، بعدما أجبرت دمشق على منح الجنسية لخمسة آلاف ما بين عراقي وأفغاني وباكستاني، وألفي احوازي، لأنها ترى بأن الأسد بات جزءاً من الماضي وليس المستقبل، وأن قوة النفوذ الإيراني في سوريا ستكون مرتكزة على قوة الطائفة وقدرتها على التأثير ، إذا ما تم تأسيس ملامح النظام الجديد على أسس ومحاصصة طائفية.
هل إيران واثقة بنظام الأسد ؟ مقربون من دمشق يؤكدون أن الأسد يدرك الآن أن طهران أصبحت تستخدمه كورقة مؤقتة، وأنها تؤسس لجيش وحزب في سوريا على غرار حزب الله في لبنان، وأن الإشراف الكامل عليه يتم عبر قيادات من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وليس للقيادة السورية سلطة عليه إطلاقاً، وهذا ما أكده المعارض السوري ناصر النقرى لوكالة آكي الإيطالية للأخبار، وأن هذا الجيش يضم متطوعين سوريين وعلويين وعراقيين وباكستانيين وأفغانا، فطهران ترغب بوجود عقائدي طائفي، وهذا لا يقوى عليه الأسد ولا يرغب به الآن ؟
الرئيس السوري بشار الأسد، سبق وأن أسر لمقربين له بأنه يستشعر ثقل التواجد الإيراني في مساحة القرار السوري، وأن بعضاً من قيادات الجيش بدأ يستشعر ثقل وجودهم وتحكمهم في المفصل الأمني، ولكن لا سبيل لتجاوزهم هذه الفترة، فلا وجود لبديل آخر، رغم محاولته إحداث توازن في العلاقات مع موسكو وطهران، وسعيه لإبقاء منافذ العلاقة مفتوحة مع العرب، فالروس غير منخرطين في المواجهة المباشرة مع الشارع السوري كالإيرانيين، إضافة إلى أن قيادات في الجيش السوري رغم السيطرة العلوية لا زالت ترى بأن الحل في سوريا عربي وأن لا عمق لدمشق غير علاقتها العربية ؟
وصول عماد الأسد رئيس الأكاديمية البحرية السورية في اللاذقية على متن طائرة خاصة تقل خمس قيادات سورية، تؤكد بأن الأمر له علاقة كبيرة بالوفد السوري المعارض المتواجد في القاهرة، وله علاقة بالنشاطات التي يجريها أحمد الخطيب رئيس الائتلاف السوري السابق في موسكو، وله علاقة بالمتغير الخليجي المصري، والسؤال: هل ستكون القاهرة الطريق نحو استعادة سوريا، وفقاً للحراك الذي تقوم به موسكو، خاصة وأن المعارضة السورية في الداخل والخارج تعارض الدور الإيراني في احتمالات المصالحة. ؟
لهذه الأسباب، تستعجل طهران قيام حزب الله السوري ، بعدما حاول المشرفون على هذا الحزب العسكري نقل ملفات وذاتية الدولة المدنية والأمنية إلى مناطق تحت إشرافه، إلا أن هذا الأمر يلقى رفضاً من قبل قيادات أمنية سورية علوية ترى بعدم وضع كامل البيض السوري في السلة الإيرانية، فالموضوع ليس دفاعاً عن سوريا، بقدر ما هو ممارسة للهيمنة والنفوذ واختزال السلطة في سوريا لصالح إيران.
استعادة العراق وسوريا تطرح سؤالاً وخياراً علينا ألا نستحي من طرحه علانية، فالأول أن علينا عدم التفكير بأسلوب سياسي قاصر يرى بأن كل الشيعة العرب عملاء لإيران، وألا يجذبنا خطاب الفتنة الرافضي والناصبي، فهذا المنطق سعت إيران لتعظيمه دائماً، أولاً، لدفع الشيعة لأحضانها، ولإبعادهم عن دولهم ومجتمعاتهم ثانياً، ولتعزيز مبدأ عدم الثقة والقطيعة بين العرب على أسس طائفية ومذهبية، وثالثاً، السياسة ليست إيديولوجيا خالصة، فهناك إمكانية لاستعادة سوريا، وسوريا حتماً لن تكون كما كانت بالأمس، ولكن يمكن استعادة سوريا الوطن والمجتمع والمكونات والدولة والمؤسسات، وحرمان القوى الإقليمية من التدخل وإنفاذ مخططاتها، فطهران لا تختلف عن أنقرة، وكلا الطرفين له مصالحه القومية التي يرغب في إنجازها باستثماره الأزمة السورية والعراقية، ولا يغرنا الإسلاميات التي يجري توزيعها كقطع الحلوى.
استعادة سوريا والعراق وليبيا واليمن، تعني استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعني جهوداً موحدة في الحرب على الإرهاب والطائفية، وتعني السلام والسلم الأهلي، وهي تأكيد بأن سياسة التدخل الخارجي لن تحقق أهدافها.