الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قٍصَر النظر

قٍصَر النظر

07.07.2015
علي نون



المستقبل
الاثنين 6/7/2015
يذهب "حزب الله" إلى الزبداني ويتابع سيرته المعنونة بقصر النظر.. وهذا، ما كان الظن يوماً، أنه يمكن أن يكون على هذا القدر من العدمية والعبث.
يكسب في معارك متفرقة لكنه يخسر الحرب! إلا إذا كان يفترض (ويحسب) أن غالبية الشعب السوري ستستسلم للتيه والمنفى، وستقبل في نهاية المطاف ما ترفضه في بدايته، وستعود إلى الإذعان لحكم أقلوي فئوي فاجر، أو أن المحيط العربي والإسلامي الأكبر سيرضى، وأياً كانت الأثمان، برعاية نكبة سورية مشابهة لنكبة الشعب الفلسطيني، بل هي في مطارح عدة، أشد مضاضة منها، وأمرّ!
قِصَر النظر عنده بدأ في القصير.. والواضح أنه يحاول أن يكمل في الزبداني ما بدأه في تلك المدينة المنكوبة التي منع أهلها من العودة إليها ومسح أبنيتها بالأرض: يبني فاصلاً في الجغرافيا والديموغرافيا بين الخط الحدودي الممتد من الساحل الشمالي إلى الجنوب، وباقي أرجاء سوريا، ويحاول حماية دمشق من الجهة المطلّة على لبنان، وينخرط، في واقع الحال وحتى نخاعه، في تحضير بديل تقسيمي تفتيتي عن سقوط سيطرة السلطة الأسدية على عموم سوريا.. ثم يتولى، منتشياً! تظهير البُعد المذهبي التام للمشروع الإيراني في الديار العربية.
.. يتصرف في سوريا، تماماً مثل أي محتل لأرض غيره، ويعتمد سياسة الأرض المحروقة من خلال تدمير المناطق التي يسيطر عليها لمنع عودة أهلها إليها، لكنه يتجاهل حقيقة أن بين هؤلاء من هم الآن وسيكونون في المستقبل، أكثر شراسة وبأساً منه، عندما كان يقاتل المحتل الإسرائيلي في الجنوب اللبناني!
وإذا كان يشكك في ضراوة التشبيه فمصيبته أكبر من تغاضيه، عن واقعة، أن إسرائيل هجّرت الفلسطينيين إلى خارج كيانها، فيما هو يهجّر السوريين إلى داخل لبنان!
الأنكى من ذلك، أنه يعتمد خيارات ثابتة في عالم متقلّب وخطوات ذات طابع استراتيجي في واقع يتبدّل على مدار الساعة. ولا يضع في حسبانه، أنه لاعب صغير في ملعب كبير. وأن مطاحن الدول تحركها مصالحها وليس عصبياتها وأن هذه كفيلة بقلب عاليها سافلها وجعل الشيطان ملاكاً! أو العكس.. وأن العالم المُقرّر قلّص "مساحة" المشروع الإسرائيلي ولا يزال يعلن أنه يبحث عن حل قائم على هذه الثابتة! وأنه في الاجمال لا يمكنه أن يتغاضى عن تمدد "مساحة" المشروع الإيراني خصوصاً إذا أظهر إشارات الى تحوّله من خانة الاستنزاف إلى خانة الكسب!
.. وذلك كله، إذا ما بقي ذلك المشروع على ما هو عليه، وبقيت إيران من الداخل على ما هي عليه، بعد الاتفاق النووي أو من دونه!