الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كاج: "متزعمة الرجال" ونزع الكيماوي السوري!

كاج: "متزعمة الرجال" ونزع الكيماوي السوري!

22.10.2013
محمد ولد المنى


الاتحاد
الاثنين 21/10/2013
تحدث أمين عام الأمم المتحدة عن رئيسة البعثة الدولية لإزالة الترسانة الكيماوية السورية قائلاً: «إنها تشغل في الوقت الحالي منصب الأمين العام المساعد للعلاقات الخارجية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي تجلب معها ثروة هائلة من الخبرات في المنظمات الدولية والسلك الدبلوماسي، جنباً إلي جنب مع التجارب القطْرية، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط». أما «سيجريد كاج» نفسها فقالت للصحفيين إنها تشعر بالامتنان والتشريف لتوليها مثل هذا المنصب، مشيرة إلي أنها تعتزم السفر إلى لاهاي للاجتماع مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بشأن ملف السلاح الكيماوي السوري والطرق الممكنة للقضاء عليه. وقد أعلن «بان كي مون» يوم الأربعاء الماضي تعيين كاج منسقةً خاصة للبعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية، كما جاء في بيان من الأمانة العامة للأمم المتحدة أن التعيين تم «بعد مشاورات وثيقة مع مدير عام منظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، وأنه «يتماشى مع قرار مجلس الأمن الخاص بالموضوع.
وسيجريد كاج دبلوماسية هولندية في الثانية الخمسين من عمرها، تعمل مسؤولة في الأمم المتحدة، حيث كانت حتى تاريخ تعيينها رسمياً على رأس البعثة الدولية المشتركة لنزع الأسلحة الكيماوية في سوريا، يوم السادس عشر من أكتوبر الجاري، تشغل منصب مساعد الأمين العام للعلاقات الخارجية والدفاع ومدير العلاقات الخارجية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وعرف عن كاج أنها شخص عملي ومنظم، لكنها أيضاً مثالية وذات وله بالشرق الأوسط وثقافات شعوبه. وهي تتحدث ست لغات: الهولندية (لغتها الأم)، الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، الألمانية، والعربية.
بعد الانتهاء من دراستها في جامعة «زيست»، بوسط هولندا، درست كاج العلاقات الدولية في جامعتي إكستر وأوكسفورد بالمملكة المتحدة، حيث نالت درجة الماجستير في الدراسات الشرق أوسطية. وبعد ما أنهت دراساتها العليا، عملت في وزارة الشؤون الخارجية الهولندية، نائباً لرئيس قسم شؤون الأمم المتحدة. ثم عملت لاحقاً لحساب شركة «رويال داتش شل» في لندن، قبل أن تلتحق بالعمل في منظمة الأمم المتحدة عام 1994. وفي الفترة بين عامي 1998 و2004 عملت كاج في المنظمة الدولية للهجرة كمنسقة للعلاقات مع الجهات المانحة، كما ترأست مكتب العلاقات الخارجية لمنظمة الأونروا، ثم أصبحت معنية بمتابعة عمل منظمات الأمم المتحدة في فلسطين ولبنان والأردن وسوريا. وبداية من يناير 2007 أصبحت المدير الإقليمي لمنظمة «اليونيسيف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن تم تعيينها في مايو 2010 مساعداً للأمين العام ومديراً لمكتب العلاقات الخارجية والدفاع في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وبعد أن شغلت مناصب عليا في الأمم المتحدة، طوال ما يقارب العشرين عاماً، تم اختيار كاج لقيادة البعثة الدولية المشتركة من أجل تدمير الأسلحة الكيماوية في سوريا، وذلك اعتباراً لقدراتها الإدارية والمهنية ولمعرفتها بمنطقة الشرق الأوسط. «إنها مهنية ومؤهلة إلى أقصى حد»، كما قال لوكالة «فرانس برس» أحد زملائها السابقين في وزارة الخارجية الهولندية، والذي أضاف: «كانوا يبحثون عن شخص لديه خبرة في إجراء اتصالات سياسية وسيضمن تنظيم العملية بأفضل طريقة مع دول الجوار ومجلس الأمن الدولي»، ليقع الاختيار أخيراً على كاج. وكانت لكاج بالفعل زياراتها السابقة لسوريا، عندما كانت مسؤولة في برنامج الأونروا، وحين كانت مديراً إقليمياً لليونيسيف. كما سبق أن التقت «أسماء» زوجة الأسد. أما هذه المرة فربما لن تلتقي بها، ليس تجنباً لأي تأثيرات شخصية على المسارات الموضوعية لإنجاز المهمة، ولكن أيضاً لأن المهمة ذاتها معقدة وشاقة وتتطلب تركيزاً وجهداً خاصين. فعلى رأس فريقها المكون من مئة خبير، والذي سيكون مقره الرئيسي في قبرص، يتوجب على كاج الانتهاء قبل 30 يونيو المقبل من تفكيك الترسانة الكيماوية السورية، والتي تعتقد مصادر الاستخبارات الغربية أنها تحتوي على أكثر من ألف طن من الأسلحة الكيماوية ومعدات إطلاقها.
وللقيام بذلك ولخوض أول تجربة لها بهذه الدرجة من الحساسية والخطورة، في بلد في حالة حرب، قالت كاج إنها سوف تترك وراءها زوجها الفلسطيني وأطفالهما الأربعة. وقد سبق أن قالت أيضاً في مقابلة نادرة، إنها تفضل الحديث عن عملها على التطرق لحياتها الخاصة، وإن تحدثت في نفس المقابلة عن زوجها، السفير الفلسطيني السابق في جنيف، وابنتيهما (جنى وإيناس) وابنيهما (آدم ومكرم)، حيث قالت: «زوجي أنيس، الذي التقيته عندما كنت في فلسطين وكان ينشط في المعارضة، يلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على عائلتنا معاً»، مضيفةً أنه يساعدها في تحقيق أفضل اتساق بين بيئة عملها وحياتها الأسرية.
هذا، وتوصف كاج بأنها «متزعمة الرجال الحداثيين»، وإن كانت متحررة من الميول السلطوية، وتؤمن بإسهامات الجميع في إحقاق السلام والأمن، وإيجاد عالم خال من أسلحة الدمار الشامل. وهي تؤدي مهمتها الحالية في سوريا وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 الصادر في 28 سبتمبر الماضي، والذي يلزم نظام الأسد بإزالة جميع أسلحته الكيماوية خلال أقل من سنة، ويدعو للعمل مع منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية على نشر فريق لمراقبة الأسلحة الكيماوية السورية وتدميرها.
وقد جاء القرار الأممي بعد اتفاق روسي أميركي بغية تجنب تدخل عسكري في سوريا هددت به واشنطن وباريس رداً على هجوم بالأسلحة الكيماوية في ريف دمشق، أو ما عرف بمجزرة الغوطة في 21 أغسطس 2013، والتي راح ضحيتها المئات من سكان المنطقة. وهو الهجوم الذي حدث بعد ثلاثة أيام من وصول بعثة المفتشين الدوليين إلى دمشق، وتبادل النظام والمعارضة المسلحة الاتهامات بالمسؤولية عنه. وبعد 20 يوماً على الهجوم قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن لديها أدلة تشير بقوة إلى أن هجوماً بغاز سام على مقاتلين من المعارضة السورية نفّذته قوات الحكومة السورية، وإنها توصلت إلى تلك النتيجة بعد تحليل روايات شهود ومعلومات عن المصدر المرجَّح للهجمات وبقايا للأسلحة التي استخدمت وسجلات طبية للضحايا. وفي يوم 16 سبتمبر 2013، صدر تقرير لجنة التفتيش التابعة للأمم المتحدة الذي أشار إلى أن غاز السارين أطلق بواسطة صواريخ «أرض-أرض». وفي تعليق على التقرير، قال الأمين العام للأمم المتحدة: «هذه جريمة خطيرة ويجب تقديم المسؤولين عنها للعدالة في أقرب وقت ممكن». أما مهمة كاج الحالية في سوريا، فهي الوصول إلى مكونات الترسانة الكيماوية السورية والتخلص منها جميعاً، حتى لا تتكرر مأساة الغوطة ولا يتعرض الأمن الإقليمي لمزيد من الأخطار والتهديدات!