الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كفا لعبا ..من يحمي الاكثرية في سوريا

كفا لعبا ..من يحمي الاكثرية في سوريا

29.04.2013
خالد هنداوي

الشرق القطرية
الاثنين 29/4/2013
بعد أكثر من عامين على همجية آلة القمع الأسدية التي أحرقت الأخضر واليابس في معظم سورية استجابة للمحتل الصهيوني وأعداء العروبة والإسلام لم يعد الحديث عن فكرة حماية الشعب المذبوح ذا جدوى فالذي يراد منه أن يكون الحامي هو هو الحرامي الذي لا يدخر جهدا مهما كان نوعه وتحت أي ذريعة كي يسرق وينهب ويحرز مصالحه الدنيئة على حساب حقوق الناس ودمائهم، ويجب أن لا ندس رؤوسنا في التراب إخفاء لهذه الحقيقة وتدسيم بعض ما عرض ويعرض علينا من أفكار بل وألاعيب من خصوم الشرق والغرب ناسين قول عمر رضي الله عنه: لست بالخب ولا الخب يخدعني، فكل ذلك يطحطحنا ويدعثرنا كي نصبح أيادي سبأ، وإن من جملة أهم هذه البروق الخلبية ما نحاول أن نقنع به أنفسنا أننا كثرة ولابد للأكثرين أن يغلبوا الأقلين في النهاية سيما أن الشاعر قال: وإنما العزة للكاثر، وننسى أونتناسى أن مجرد لعبة الكثرة في الحلبة من دون قوة السماء وقوة الأرض الرادعة يلغيها ما حذرنا الله منه كما في غزوة حنين [إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئا] (التوبة:25) وأن الفهم السوي هو ما يعلمنا أن القلة الممتنعة بالقوة المادية أو المعنوية أو بهما هي الغالبة في الحياة بظواهر السنن الكونية في الزمان على الوجه الراجح وإذ وجد الاستعمار والصهيونية المتلونان منذ القرن الماضي من يكونون جنودا أوفياء لهما في هذا المجال دون أن تبقى جيوشهما في بلادنا فقد عملا على تمكينهم نيابة عنهما لنعرف حقا أن المعضلة بالمستبد أخطر حتى من المحتل وهو ما أحسسناه زمن زين العابدين في تونس ومبارك في مصر والقذافي بليبيا وصالح في اليمن ولا زال الأسد في الشام ندعكه ويدعكنا حتى يرحل الاستبداد الذي هو أشد من الاحتلال حتما فإن المستعمر لم يشن ما شنه ويقوم به السفاح من غارات ودمار ومجازر تشيب لهولها الولدان ولا مجيب ولا حامي أبدا في البلاد العربية والإسلامية فكيف ببقية العالم أجمع وإن ما يلهى به شعبنا مما لا يسمن ولا يغني من جوع في الداخل والمهجر إنما هو مجرد مسكنات لذر الرماد في العيون وستر السقوط الأخلاقي المريع الذي مني به المجتمع الدولي أمام هذه الثورة الفاضحة الكاشفة أكاذيبه وألاعيبه حيال بلدنا المكلوم وإن المخلصين من العلماء والمفكرين والساسة يعرفون جيدا أن من أنبل العظائم في هذه الثورة أنها تجاوزت كل الحساسيات المفترضة في نسيج شعبنا العظيم وخصوصا مسألة الأقليات حيث تناغمت معها كما هي تماما عبر التاريخ المديد فكانت "الجمعة العظيمة" عن المسيحيين و"جمعة صالح العلي" عن العلويين إلى أن وصلت الجمعة السابقة إلى عنوان "حماية الأكثرية" أي الطائفة السنية المكون الأساسي في البلاد لتعلم القاصي والداني أنه في عهد حافظ القاتل أمس وبشار الجزار اليوم لم تكن البتة دولة وطنية بل سلطة وطغيان وعصابة تطييف عائلية أقلوية، وإن الذي تم اللعب به على وتر المواطنة ما كان إلا لتحقيق مصالحهم الضيقة ونحن كسوريين يعرف الصغير منا قبل الكبير كيف دام التمييز الدنيء الفاضح في كل مرافق الحياة على هذا الأساس مع طائفة المنافع بل الايديولوجيا معها، وطبعا فقد قرب من أهل السنة من تماهى معهم ولو في الحكومة تزييفا ولعبا على الشعب، ولكن بدلا من أن تستغل هذه الأقلية بشيئ من الفهم دين الأكثرية وعروبتها ألغت اسم المذهب من جوازات السفر وتحالفت مع إيران ضد العراق وهي تدعي نصرة القومية العربية مع أنها منها براء، وبحجة الممانعة والمقاومة سلمت الجولان للصهاينة وقتلت من العرب اللبنانيين المسلمين والمسيحيين ونكلت في تل الزعتر وسواه بالفلسطينيين ونسائهم بشنائع فظيعة وذلك خلال وصايتها على لبنان مدة ثلاثة عقود، وانحاز معها الحزب القومي السوري اللبناني المؤيد للأقليات وذو الشعارات الفارغة من محتواها وقد قاتل ضد الثوار الآن مع جنود حزب نصر الله المصطف مع الظالم ضد المظلوم ورفع بندقية ولاية الفقيه في إيران، فيا للعجب من هذه المقاومة العلمانية القميئة والفارسية الحاقدة التي فضحت بتصريح أحد كبارها أن سورية هي المحافظة الخامسة والثلاثون في إيران وأنه لا إيران بغير سورية، وإننا نتذكر منذ كنا شبابا وعقد القاتل حافظ أسد مع إيران تحالفا استراتيجيا أنه سيكون وارء الأكمة ما وراءها من خطر داهم مستقبلا وهو ما نراه اليوم.
 
وإننا نقول للعرب في هذا الصدد ما قاله الباحث رضوان السيد: إن بقاء المشرق العربي مرهون بانتصار الثورة السورية أو قد لا نرى عربا وعروبة بعد ذلك. وإن فكرة الانفصال عن العروبة إنما حدثت هزتها بانفصال سورية عن مصر على يد ضباط من الأقليات عام 1961م ثم الانفصال عن العروبة والإسلام في الثامن مارس عام1963  لمعاداة الأكثرية العربية السنية وليصبح حافظ بعدها عام 1970 الرئيس غير السني المسؤول عنها وعن حماية الأقليات المسيحية والعلوية والدرزية والكردية كما زعم، ولكنه وعصابته استأثروا بالحكم في الداخل ولم يسعوا أبدا لتحرير الجولان ولا كذلك ابنه وعصابته رغم الشعارات الدعائية وأنى للشركاء أن يتخاصموا؟ وبقيت هذه الطغمة من القلة تظلم وتقهر الكثرة الكاثرة على كل صعيد وكانت السيدة أمريكا تعمل على تعديل سلوكها في النظام لا تغييره كما تفعل اليوم تماما وتبيع الحمقى وبعض من ينسبون إلى السياسة كلاما معسولا، كما ظل الأب والابن ضمن لعبتها على تحالف مع روسيا في عهديها السوفيتي والاتحادي، إن المهم لدى اسرائيل وأمريكا وايران وروسيا ليس إلا إلغاء الهوية السورية الوطنية الدينية وخصوصا من الأكثرية ولو أدى إلى الدخول في مشاريع التقسيم التي تحفظ عبيدها المستبدين، وبذلك يكون السعي لجعل الأكثرية أقلية، ولا ننسى في هذا الصدد ماذا كان يقال للسجناء من الأكثرية من قبل الأقلية العلوية: أنتم أكثر منا بكثير ولكننا سوف نجعل الألف منكم واحدا، وهكذا يعملون اليوم بسلاح الدم والسجن والتشريد والتدمير لبنى سورية التحتية وإرجاعها كما كانت فرنسا تريد أن تبقى دمشق وحلب كيانين ثم يجري التقسيم، ولكنها لم تفلح وقت ذاك لتناقضات عشائرية معروفة ووجود التمسك القوي بالدين وظهور جهاد وجهود رجال عظماء حالوا دون المؤامرة، وإن ثورتنا المجيدة ستفوت مكر الجميع بعون الله وتعتمد على النفس والخبرة وإسناد الدول العربية .