الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كسب وقت للقتل والتدمير!

كسب وقت للقتل والتدمير!

15.05.2016
منار الرشواني


الغد الاردنية
السبت 14-5-2016
بعد أيام طويلة من القصف الجوي غير المسبوق لمدينة حلب، من قبل طيران نظام بشار الأسد، ولربما الطيران الروسي أيضاً، تمكنت فصائل المعارضة السورية من السيطرة على مواقع في ريف المدينة، لاسيما خان طومان. وقد شاركت الفصائل في هجومها "جبهة النصرة" التي يفترض أن استهدافها كان الذريعة الوحيدة لمجازر حلب الأخيرة، ناهيك عن أن القضاء على "الجبهة"، إلى جانب تنظيم "داعش"، هو الذريعة الأساس للتدخل الروسي العسكري المباشر في سورية.
هكذا، تكون مجازر حلب وما تبعها من تطورات عسكرية ميدانية، دليلاً على أمرين رئيسين.
يبدو الأول في تأكيد ما كان واضحاً طوال فترة قصف طيران الأسد لحلب؛ وهو أن هدفه رفع الكلفة الإنسانية على المعارضة إلى أقصى درجة ممكنة، بعد تعليق مشاركتها في جلسة مفاوضات جنيف الأخيرة؛ وذلك عبر تعمد استهداف المساكن والمستشفيات ومستودعات الأدوية ومحطات تنقية المياه أساساً. فيما يتمثل الأمر الثاني، والأحدث، في أن أي تراجع روسي، ولو بدرجة قليلة، عن الدعم الكامل وغير المشروط لنظام الأسد، سيعني عودة هذا النظام سريعاً إلى حافة الانهيار.
يرتبط بما سبق، مع درجة أكبر من الأهمية، ماهية "قوات النظام" الموجودة على الأرض، والتي خسرت خان طومان، كما فشلت في الهجوم اللاحق على مخيم حندرات بحلب أيضا. إذ أعلنت إيران عن أكبر خسائرها من العسكريين في خان طومان، إضافة إلى مقاتلين عراقيين وأفغان، بعضهم وقع أسيراً في قبضة المعارضة، وعُرض أحدهم على الأقل، وهو أفغاني، للعالم بالصوت والصورة. أما الهجوم الفاشل على حندرات فكان عماده ما يسمى "لواء القدس" الفلسطيني الموالي للأسد. كما يُشار في هذا السياق إلى شريط الفيديو الذين تم تداوله بشكل واسع على الإنترنت، قبل فترة قصيرة، ويظهر فيه مقاتلون من حزب الله وهم يسخرون من محطة حزبهم التلفزيونية ويكذبون قولها بأن هناك "جيش عربي سوري" في المنطقة التي سيطروا عليها!
إذن، وبشكل واضح، فإن تمكين بشار الأسد من سورية، ولو ما يسمى "المفيدة" منها فقط، لا يعني أقل من احتلال روسي-إيراني متكامل تماماً؛ بحيث تعود روسيا إلى سياسة الأرض المحروقة التي مارستها بشكل واضح حتى منتصف آذار (مارس) الماضي على الأقل، فيما تدفع إيران ليس بمزيد من المليشيات الطائفية متعددة الجنسيات فحسب، بل أيضاً بمزيد من قوات جيشها، لاسيما الحرس الثوري. وإذا كان متوقعاً تماماً العودة إلى هذا السيناريو خلال الأيام المقبلة، فإن ضمان حصد نتائجه سياسياً، ببقاء شخص الأسد بمسمى رئيس جمهورية "إلى الأبد"، يعني احتلالاً روسياً-إيرانيا لمدة غير قصيرة. هذا عدا عن أن تحقق ذلك يظل معلقاً على شرط قبول دول العالم والإقليم الأخرى المؤثرة بهكذا احتلال، وغض الطرف عنه.
طبعاً، يبدو ممكناً تماما القول إن إيران تميل إلى قبول هذا السيناريو؛ إذ لم يعد لديها سواه منذ تورطت في قتل السوريين باعتبارهم جميعاً إرهابيين. وفي المقابل، يمكن افتراض أن روسيا ليست ذات مصلحة -لأسباب كثيرة ليس بينها أبداً دماء السوريين- بتبني هكذا سيناريو، لكن مع إصرارها في الوقت نفسه على أن تكون التسوية السياسية الحتمية بشروطها هي وحدها، والتي تعني العودة إلى استبداد وفساد ما قبل 2011 على أحسن تقدير. لكن موسكو بذلك لا تكسب وقتاً إلا لمزيد من القتل والتدمير؛ فليس من أحد يثق بالأسد الذي لم يقدم من عرض طوال سنوات حكمه، ومنها سنوات الثورة، غير الإبادة والاعتقال والتعذيب لكل من يعارضه، ولو سلمياً.