الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "فكفكة" التعامل مع اللجوء السوري تفتح أبواب الحل

"فكفكة" التعامل مع اللجوء السوري تفتح أبواب الحل

25.04.2016
ثريا شاهين


المستقبل
الاحد 24-4-2016
تتباين المواقف السياسية والديبلوماسية حيال مسألة مستقبل وجود النازحين السوريين في لبنان، والقلق مما إذا كانت هناك خطط معينة لإبقائهم في الدول التي تستضيفهم. وتقوم الشخصيات الدولية التي تزور لبنان بتطمين المسؤولين إلى أن هؤلاء سيعودون إلى ديارهم وأن هناك حلاً سياسياً في سوريا سيساهم في ذلك.
وتطرح أوساط ديبلوماسية بارزة تساؤلات، أولها: هل هناك مؤامرة خارجية متكاملة ومدروسة ومكتوبة لتوطين اللاجئين السوريين في لبنان؟ تنفي المصادر ذلك، وتؤكد أن هذا غير موجود.
وهل إذا تم توطينهم في لبنان ستنزعج الدول الأجنبية؟ طبعاً لا، تؤكد المصادر، بحيث يخف الضغط الوجودي وما يتبعه عنها، وليست من مشكلة لديها أينما وجدوا.
وهل بعدم قبول لبنان بالمساعدات الإنسانية الدولية للاجئين ينتفي خطر التوطين، أم أن المساعدة مرتبطة حكماً بوجود المؤامرة؟ إنها غير مرتبطة، تقول المصادر، وأي مساعدة لا تعني وجود مؤامرة.
وهل هناك إمكان لعودة السوريين إلى بلادهم؟ تشدد المصادر على أنهم يريدون العودة لأنهم يحبون بلدهم، لكن عودتهم مرتبطة بالأمن، وبإعادة الإعمار، ووجود مجالات للعمل والمعيشة، والعائق الأمني هو عائق أساسي أمام عودتهم، فضلاً عن انعدام مجالات العمل ووجود المسكن، الذي يأتي إيجاده ضمن إطار المساعدات الإنسانية لمرحلة ما بعد وقف النار وإعادتهم.
من خلال قراءة الموقف الدولي حول اللاجئين السوريين وكذلك ما هو وارد في القرار 2254، فإن هناك القول بالعودة الطوعية. قالوا ذلك لأنه ليست لديهم مؤامرة، لكن الاعتبار الأول في القانون الدولي هو عدم القبول بالعودة الزجرية التي تتعارض والطوعية. حتى إن لبنان لا يمكنه القول أيضاً بالعودة الزجرية، طالما هناك إمكانية لحصول اضطهاد وسجن في سوريا، لا يمكن أن تكون العودة إلا طوعية. إنما إذا استتب الأمن وجاء نظام غير ظالم، فمن الطبيعي أن تحصل عودة طوعية، وهذا هو المبدأ الذي تعتمده كل الدول. والتعامل الأفضل مع موضوع العودة هو العودة "الآمنة".
القرار 2254 ينطبق أيضاً على اللاجئين السوريين في أوروبا. إلا أن الأوروبيين يقومون بالاتفاق مع تركيا على إعادة هؤلاء إلى سوريا. فهل يمكن للبنان القيام بذلك؟ تؤكد المصادر أنه يجب على لبنان أن يحاول إيجاد حلول، ليست هناك من مؤامرة قائمة إنما شبه تضافر عوامل قد تؤدي إلى ما يخاف لبنان من حصوله، ولكن إمكان عودة هؤلاء قائمة، وأي عودة الآن تعتبر زجرية لأن هناك عنفاً وتوتراً وخطراً، وبالتالي هي ليست طوعية، لكن السؤال لماذا لم تكن عودة آمنة؟
معظم السفراء الأجانب في لبنان يعتبرون أن السوريين سيعودون إلى ديارهم، وفقاً للمصادر. ويبدو أن الأمر مرتبط بوجود وإرساء الحل في سوريا. كل ذلك لا يلغي دور لبنان في ضرورة وجود خطة تمنع التوطين. حتى لو كان هناك مؤامرة أو شبه مؤامرة، فإن لبنان يجب أن يعمل في إطار فكفكة هذه المسألة. وإذا حصل ذلك، فإنها ليست معقّدة، بل لها أبواب عديدة للحل، وليست مصيبة حتمية بالضرورة.
هناك فارق كبير بين اللاجئين السوريين واللاجئين الفلسطينيين. ويكمن الفرق في أن لدى السوريين بلداً وأرضاً الأمر الذي لا يتوافر للفلسطينيين. إنما يبرز السؤال الآتي: هل الخوف من توطين السوريين يفترض أن يؤدي بالدولة اللبنانية إلى رفض المساعدات؟ المسألة اليوم هي، بين وجود موقت لهم وغير متوتر من دون مساعدات، أو وجود هادئ وغير متوتر مع مساعدات (ليكونوا أقل توتراً) مع انتظار العودة، أم لا يأخذوا مساعدات في مرحلة الانتظار هذه، فيصبحوا مضطرين وعدائيين. في كل الأحوال، إنهم يحصلون على المساعدات، ولكن يجب ألا نعتبرها من أجل التوطين، بل يجب الحصول على ما يناسب لبنان مع التأكيد دوماً أنه مع ضرورة عودتهم إلى ديارهم. ولكن يمكن للبنان تطبيق مبدأ السيادة إذا وجد أن هناك مسار توطين، وعدم انتظار العودة الآمنة والطوعية. يصعب على لبنان أن يطبق العودة الزجرية للسوريين، إنما أي قرار يتخذه مجلس الوزراء ويحظى بقبول شعبي حول إعادتهم، يمكن أن يمر. لكنه مهما تحدث ضد التوطين فلا يمكن له أن يعيدهم زجرياً، أو مثلما تفعل الدول الأوروبية.