الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كمين القاعدة-حزب الله

كمين القاعدة-حزب الله

27.04.2013
منار الرشواني

الغدة الاردنية
السبت 27/4/2013
في خطابه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، حذر الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، تنظيم القاعدة من أنه "وقع في كمين نصب له للقتال في سورية". وإذ كان باعث هذا الإشفاق الغريب على "القاعدة" هو الدفاع عن نظام بشار الأسد، فيكون صحيحاً أن نصرالله لم يكن يتوقع أن يقوم حليفه بالإجهاز على "القاعدة" بعد استدراجها إلى الكمين، وإنما كان يتوقع تدخلاً عسكرياً خارجياً يقوم بالمهمة، بعد أن هيأ الأسد كل ظروف إنجازها.
اليوم، وبعد قرابة خمسة أشهر على إطلاق نصرالله "نصيحته" للقاعدة للنجاة بنفسها وترك السوريين لمواجهة مصيرهم على يد الأسد، ورغم مرور أكثر من عامين على الثورة السورية وسط صمت العالم الذي صار ينظر إلى مجازر النظام بعين الاعتياد، ويرفض حتى دعم الثوار، ناهيك عن التدخل عسكرياً؛ فإنه لا يمكن القول أبداً إن الأمين العام لحزب الله كان مخطئاً تماماً. بل لعله اليوم يبدو أقرب إلى الصحة في استشراف الكمين "الغربي"، إنما في مقابل عجز عن تبين الأدوات المستخدمة لتحقيق أهداف هذا الكمين.
فبذريعة "القاعدة" والجماعات الإسلامية المتطرفة، وحماية المراقد الشيعية المقدسة، بات انخراط حزب الله علنياً ضد الشعب السوري إلى جانب نظام الأسد. وليكون بذلك هو من يتولى تنفيذ أهداف الكمين الغربي للقاعدة. لكن الحزب بتورطه هذا إنما يخلق كميناً خاصاً به، تُستنزف فيه قواه هو أيضاً على يد "القاعدة"، إضافة إلى إهدار نفوذه وحضوره وسمعته شعبياً.
ومثل هذا الاستنزاف الشعبي لا يتصل أساساً بالشعب السوري الذي ثبت الآن أن حزب الله لم يبال به يوماً؛ لا في زمن الرخاء، ولا حتى عندما كان بإمكانه التدخل إيجابياً في بداية الثورة لحقن الدماء وإنقاذ الأسد. الاستنزاف الأكبر والأخطر هو في الداخل اللبناني الذي يزداد تصدعاً على أسس دينية ومذهبية، بسبب سياسات حزب الله في سورية تحديداً، والتي لا يمكن النظر إليها إلا طائفياً.
هكذا، ووفق أفضل السيناريوهات للحزب، فإنه يظل هو الخاسر الأكبر في مرحلة ما بعد الثورة السورية. ففي حال بقاء الأسد، وفق هذا السيناريو، وشروعه على نحو ما هو متوقع بسياسات الانتقام والتنكيل بالشعب السوري، لضمان استمرار حكم الأسرة لأربعين سنة مقبلة أخرى على الأقل، يغدو السؤال في المقابل: ماذا سيفعل حزب الله في لبنان بعد "انتصاره" إلى جانب الأسد؟ هل سيكون بمقدوره الحديث عن سلاحه الموجه فقط إلى الإسرائيليين، بعد أن تم استخدامه لأول مرة منذ العام 2006 ضد السوريين فقط؟ أم سيقوم الحزب بإخضاع كل اللبنانيين لسلطته المسلحة؛ ما يعني غالباً نقل الحرب الأهلية من سورية إلى لبنان؟
وبناء على خيار الإخضاع العلني، ولأن حزب الله ما كان ليتورط ضد الثورة السورية بدون أوامر الولي الفقيه، لأجل المصالح الإيرانية فقط، يكون السؤال الأهم: هل ستكتفي إيران بهيمنة حلفائها في لبنان وسورية والعراق؛ أم سيكون ذلك مجرد البداية لخلق الاضطراب ومن ثم بسط النفوذ الإيراني في دول الخليج العربية أيضاً؟