الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كويرس تقع في فيينا

كويرس تقع في فيينا

15.11.2015
سميح صعب



النهار
السبت 14/11/2015
وقائع الميدان السوري لها هذه المرة وقع أكبر على اجتماع فيينا الدولي الذي يفترض انعقاده اليوم بنسخته الثانية. وليس ميزان القوى داخل سوريا وحده الذي سيرسم ذهاب النقاش في هذا الاتجاه أو ذاك، بل ان تحطم طائرة الركاب الروسية فوق سيناء ومعنى ان يكون سبب الكارثة الجوية عبوة ناسفة، لم يعد في الامكان فصلها عن مفاعيل المشهد السوري. وكذلك يصح القول عن احتشاد القوى الاقليمية والدولية الرافضة للدور الروسي في سوريا وفي مقدمها الولايات المتحدة التي لم يعد ارسال قوات برية الى الاراضي السورية أمراً من المحرمات في سياسة ادارة الرئيس باراك أوباما.
 
ولن يصادف أي اقتراح سياسي القبول من كل الاطراف إلا اذا كان هذا الاقتراح انعكاساً لحال الميدان. فالغرب لن يقبل بأي أفكار روسية للحل إلا اذا وجد نفسه مضطراً الى ذلك تحت وطأة تطورات عسكرية تفقده الامل في امكان فرض واقع ميداني يعزز الفكرة الاصلية التي ينادي بها منذ أكثر من أربعة اعوام وهي المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الاسد.
وعلى أهمية المكاسب التي حققها الجيش السوري النظامي تحت الغطاء الجوي الروسي مثل فك حصار عمره سنتان ونصف سنة عن مطار كويرس في ريف حلب الشرقي وتقدم الجيش في ريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية الشمالي، فإن الدول المطالبة برحيل الاسد ليست مقتنعة بان ما تحقق منذ بدء الغارات الروسية في 30 أيلول كاف ليجعلها تُدخل تعديلات على استراتيجيتها.
ومن هنا الربط المحكم بين الميدان والمحادثات الجارية في فيينا. ولن يشرع في عملية سياسية جدية إلا بناء على زخم العمليات العسكرية والمدى الذي يمكن ان تصل إليه. وعليه فإن صورة الحلول السياسية ترتسم على الأرض أكثر منها في المحادثات والمشاورات الجارية بحد ذاتها. ولا يعود مستغرباً عندها تصعيد أميركا ودول الخليج العربية وتركيا دعمها للمعارضة السورية وانشاء ائتلافات جديدة من فصائل مختلفة على غرار "قوات سوريا الديموقرطية" أو "قوات سوريا الجديدة" وارسال مستشارين عسكريين أميركيين الى الارض.
وبين "جنيف 1" و"فيينا 1" مسافة طويلة تخللتها معارك وتبدلات ميدانية وصولاً الى التدخل الروسي الجوي الذي أقنع الولايات المتحدة بتقديم تنازلات لا ترقى الى حد إحداث انقلاب في موقفها بما يتفق بنسبة كبيرة والموقف الروسي. حتى الان لا يزال الاختلاف جوهرياً حول مصير الاسد. ووحدها الخريطة العسكرية يمكنها ان تقنع واشنطن بتليين موقفها من هذه المسألة.
يبدو ان الأمر يحتاج الى أكثر من كويرس!