الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيري في الملف السوري كما في الفلسطيني جنيف - 2 بين الفرص الهابطة والصاعدة

كيري في الملف السوري كما في الفلسطيني جنيف - 2 بين الفرص الهابطة والصاعدة

26.10.2013
روزانا بومنصف


النهار
الخميس 24/10/2013
عبّر وزراء الخارجية الاوروبيون على اثر اجتماع مجموعة اصدقاء سوريا في لندن يوم الثلثاء الماضي عن اعتقادهم بان الولايات المتحدة مستمرة في التزامها السعي الى عقد مؤتمر جنيف 2 وتنفيذ مضمون مؤتمر جنيف 1 ورفض اي "دور للرئيس السوري بشار الاسد" في الحكومة الانتقالية بعدما تلقوا طمأنة اميركية بان واشنطن لم تعدل او تبدل من اولوياتها في الشأن السوري. كان ثمة حاجة الى رأب الصدع واعادة الثقة بين الحلفاء الذين اربكهم تحرك الادارة الاميركية نحو اتفاق نزع الاسلحة الكيميائية لدى النظام السوري من دون معالجة سائر الملف السوري. وقد حرص وزير الخارجية جون كيري على تبديد الانطباعات السلبية التي سادت عن اكتفاء بلاده بالاتفاق مع روسيا على نزع الاسلحة الكيميائية لدى النظام السوري وعدم حماستها تاليا لايجاد حل سياسي لا تبدو ظروفه متوافرة من خلال التأكيد على بذل الجهود لانعقاد مؤتمر جنيف 2 والتحضير له. الا ان مصادر ديبلوماسية غربية لا تخفي خشيتها من ان يكون تسلم كيري هذه المساعي مماثلا لتسلمه احياء المفاوضات على المسار الفلسطيني الاسرائيلي منذ تسلمه مهماته في وزارة الخارجية. فالرجل تسلم ملفا شائكا سبق للادارة الاميركية نفسها التي سحبت يدها منه بعد تبن مباشر له فور فوز الرئيس باراك اوباما بولايته الرئاسية الاولى بما يظهر ان الرئيس الاميركي لن يكون متبنيا على نحو مباشر لهذا الملف لكن يمكن ان يتبنى نجاح وزير خارجيته في حال اصاب هذا الاخير نجاحا ما. لكن لا اوهام حقيقية في قدرة كيري على تحقيق اي تقدم في مهلة الاشهر التسعة التي حددها لاحداث خرق في الملف الفلسطيني الاسرائيلي حتى من جانب متابعين اميركيين ومعنيين عملوا عليه في وقت سابق. لذلك تخشى هذه المصادر في ظل اولويات داخلية متقدمة ومربكة للادارة الاميركية وانجاز اتفاق نزع الاسلحة الكيميائية لدى النظام السوري والاولوية الكبيرة التي تعطيها لملف ايران النووي وتحقيق اختراق كبير على صعيد العلاقات الاميركية الايرانية كما في ضوء تعثر الوصول الى صياغة حل سياسي للازمة السورية في المعطيات الراهنة ان تنسحب جهود كيري على صعيد الملف الفلسطيني الاسرائيلي على تلك التي يبذلها في شأن مؤتمر جنيف 2 بحيث اذا اصاب كيري يكون ذلك انجازا جديدا للادارة والا فان الامر قد يكون متروكا لفترة لاحقة تختلف ظروفها.
ومن هذه الزاوية تبدو جهود مجموعة اصدقاء سوريا التي اجتمعت في لندن من اجل تقديم ضمانات للمعارضة السورية بان لا تغيير في اهداف المؤتمر الرامي الى وضع مقررات مؤتمر جنيف 1 قيد التنفيذ عبر حكومة انتقالية تنقل سوريا الى حكم لا دور للرئيس بشار الاسد فيه اقرب الى لم شمل مجموعة هذه الدول بعدما اصابها الموقف الاميركي مع روسيا بالوهن والاحباط وادى الى توتر بين بعض هذه الدول والولايات المتحدة. في حين ان صدقية هذه المجموعة في تنفيذ ما اتفقت عليه في البيان الختامي يبدو مشكوكا فيها في ظل قرارات سابقة لمجموعة الاصدقاء لم تر النور او شهدت تعثرا كبيرا في غالب الاحيان او ايضا لانها لا تملك كل الاوراق المطلوبة او القدرة على التحكم فيها. وهناك عاملان على الاقل يمسكان بارجحيةللامور وتقع على عاتقهما مسؤولية عرقلة انعقاد المؤتمر او عدم توصله الى نتائج على رغم تسليط الضوء على تصدع المعارضة او عدم موافقتها ككل على المؤتمر. العامل الاول هو الاشتراط على ايران الموافقة على جنيف 1 والمرحلة الانتقالية التي تضمنها من اجل الافساح امام مقعد لها في المؤتمر. وذلك في الوقت الذي تملك ايران من الاوراق السورية بما فيها القدرة على دعم الاسد او سحب البساط من تحت قدميه وفي الوقت الذي تخوض غمار مفاوضات حول ملفها النووي لا تبدو محسومة قبل الموعد المفترض لمؤتمر جنيف 2 في النصف الثاني من تشرين الثاني المقبل. وهو الامر الذي لن يسمح لها بالتفاوض او التخلي عن الورقة السورية او المساومة عليها بالتزامن مع المساومة على ملفها النووي وتقديم التنازلات في شانه لما قد يوحيه ذلك سياسيا بهزيمة هذا المحور فيما هو يقول انه اكثر قوة وان ايران تفاوض من هذا الموقع وليس من موقع ضعف اضافة الى الارتياح الذي بدا على الاسد بعد التسليم ببقائه على الاقل حتى نهاية ولايته في الربيع المقبل. وتاليا فان عدم مشاركة ايران التي يشكل حضورها ضرورة لا بد منها للنظام السوري كما لروسيا في مقابل مجموعة اصدقاء سوريا لن يكون عاملا مساعدا في المؤتمر. وثمة تناقض بين دول هذه المجموعة في شأن الموقف من مشاركة ايران او عدمه.
اما العامل الاخر فيتمثل في ما بات معروفا بعدم قابلية الاسد واستعداده للتنازل عن صلاحياته في ظل زوال خطر اي عمل عسكري ضده فضلا عن تصدع المعارضة السورية في ظل اخلال الدول الكبرى بتقديم الدعم اللازم لها علما ان الاسد لم يكن مستعدا لذلك في اي وقت وهو بات مستندا اكثر فاكثر الى دعم حليفيه الروسي والايراني ومطمئنا الى عدم التخلي عنه ولو طالت الحرب وخربت سوريا اكثر.
ولذلك تتقدم فرص انعقاد مؤتمر جنيف وفق مواقف بعض الدول وتنحسر وفق بعضها الاخر مما يفيد بتعقيدات كبيرة ليس واضحا اذا كان يمكن تجاوزها ام لا.