الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيف أخفق الأخضر الإبراهيمي؟

كيف أخفق الأخضر الإبراهيمي؟

20.05.2014
م/ عبدالله بن يحيى المعلمي



المدينة
الاثنين 19/5/2014
كيف أخفق الأخضر الإبراهيمي؟لم تعرف الدبلوماسية العربية ولا الدولية رجلاً بمثل كفاءة الأخضر الإبراهيمي وخبرته وحنكته، ومع ذلك فها هو الآن يخرج من الساحة بعد أن أخفق في آخر مهامه العملية وهي تحقيق السلام في سوريا، ولا شك في أن السيد الإبراهيمي كان يتمنى أن يختم سجله الحافل بالإنجازات بتحقيق نجاح كان يمكن أن يكسبه جائزة نوبل للسلام، وامتنان الشعب السوري وعرفانه، وهي الجائزة الأهم والأثمن، فلماذا لم يحقق الإبراهيمي النجاح الذي كان يطمح إليه؟
ذكر الإبراهيمي سبعة عوامل أدت إلى إخفاقه في مهمته كان من بينها الخلاف الروسي الأمريكي وغياب الوحدة بين صفوف المعارضة وعدم التفاهم بين القوى الإقليمية وتعنت النظام حول البحث في تشكيل حكومة انتقالية وغير ذلك من العوامل، ولكن ما لم يشر اليه السيد الإبراهيمي هو نوعية الدور الذي سعى إلى القيام به في الأزمة السورية.
لقد كان تعيين الأخضر الإبراهيمي ومن قبله الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان منطلقاً من قرارات محددة اتخذتها الجامعة العربية والجمعية العامة للأمم المتحدة، هذه القرارات حددت خارطة الطريق لكيفية معالجة الأزمة السورية ووضعت ملامح الحل الذي اتفق عليه الجميع فيما بعد في بيان جنيف (1) وكان أهم بنوده هو تشكيل سلطة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية واسعة تتولى إدارة شئون البلاد والتمهيد لإتاحة الفرصة أمام الشعب السوري ليرسم طريقه ويقرر مصيره ويبني مستقبله.
السيد الإبراهيمي يبدو أنه تجاهل الولاية التي أسندت إليه وبدلاً من أن يمارس دور المبعوث المشترك انتهج لنفسه دور الوسيط وحاول أن يحافظ لنفسه على مصداقية الوسيط وحياديته، ولعله نسي أو تغاضى عن أن الوسطية بين الحق والباطل والحيادية بين القاتل والقتيل والمسافة المتساوية بين الجلاد والضحية، أن مثل هذا المنهج يفتقر إلى المبرر المعنوي والأخلاقي وأن نتيجته تتمثل في معظم الأحيان في إضفاء الشرعية على الطرف الباغي ومساعدته على إنجاز مهمته عن طريق التسويف والمماطلة وإعطاء المهلة تلو الأخرى.
في أزمة كوسوفو يقول الوسيط الدولي الرئيس الفنلندي الأسبق أتيساري إنه واجه ذات يوم الرئيس الصربي ميلوسيفتش وقال له: سيدي الرئيس، لقد فقدت الحق الأخلاقي في الاستمرار في حكم كوسوفو!! وأظن لو أن السيد الإبراهيمي قد واجه الرئيس بشار الأسد بعبارة شجاعة مماثلة فلربما كنا اليوم أقرب كثيراً إلى الحل.