الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كي تردعوا إيران.. اكبحوا جماح الأسد

كي تردعوا إيران.. اكبحوا جماح الأسد

12.09.2013
ستيفن هادلي



الاتحاد
الاربعاء 11/9/2013
أدت "اليقظة العربية الثورية" المفاجئة إلى خلق أزمة مستعصية في الشرق الأوسط قد يتطلب حلها سنوات، إلا أن هناك مشكلة ينبغي حلّها خلال أشهر، لا سنوات. ويتحتم الآن على كل أميركي يريد منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية أن يدعو الكونجرس للموافقة على طلب إدارة أوباما استخدام القوة العسكرية ضد نظام الأسد.
وينطوي تنصيب الرئيس الإيراني الجديد على بعض الأمل في التوصل إلى حل دبلوماسي يمكنه أن ينفي التوقعات بقرب تحول إيران إلى دولة نووية. إلا أن روحاني يحتاج إلى موافقة خامنئي الذي اختار أن يجعل من نصب العداء للولايات المتحدة العنصر الأساسي لسياسته في الحكم. ولن يجبر خامنئي على القبول بصفقة حول برنامجه النووي إلا الضغط الشعبي الداخلي المترافق مع التهديد بعمل عسكري من جانب الولايات المتحدة. وهذا هو السبب الذي دفع أوباما ومن قبله بوش وكلينتون، إلى التأكيد بأن كل الخيارات مطروحة على الطاولة بما فيها خيار اللجوء إلى القوة العسكرية.
ولقد تجرأ بشار بشكل متكرر وفاضح على تجاوز "الخط الأحمر" عندما عمد إلى استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه. وإذا امتنعت الولايات المتحدة عن القيام بعمل عسكري، فأي مصداقية ستبقى للتهديد الأميركي بشن حملة عسكرية إذا واصل النظام الإيراني تمسّكه بتطوير الأسلحة النووية؟ وإذا كان هذا التهديد "مجرّد كلام"، فلن يبقَ لأمتنا إلا أشهر قليلة حتى تجد نفسها مرغمة على القبول بوجود إيران جديدة متدرّعة بالأسلحة النووية، أو أن تلجأ إلى القوة العسكرية لمنعها من ذلك.
ولو أن إدارة أوباما عملت بشكل جدي على تدريب وتسليح العناصر المعتدلة من المعارضة السورية خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، لما كانت أميركا بحاجة للقيام بعمل عسكري الآن. وكان على الولايات المتحدة، وبالتزامن مع هذا الإجراء، ألا تغفل عن توجيه إنذار إلى النظام السوري من أن تجاوز الخطوط الحمراء لن يمر من دون عقاب.
ولا يمثل تجاوز الخط الأحمر لاستخدام الأسلحة الكيميائية، التهديد الوحيد لمصالح الولايات المتحدة في سوريا، بل إن هناك دواعي أخلاقية نتجت عن كارثة بشرية أدت إلى مقتل أكثر من 100 ألف سوري وتشريد 2 مليون لاجئ في دول الجوار ونزوح أكثر من 4 ملايين مواطن داخل سوريا ذاتها، ومازال اللاجئون يتدفقون إلى دول الجوار وبما يرجح أن يؤدي هذا الصراع الوحشي إلى تهديد الاستقرار في لبنان والأردن وتركيا، وأن يشعل حرباً ضروساً بين السُنّة والشيعة. وهناك توقعات حقيقية بأن يكون تنظيم "القاعدة" بصدد أن يجعل من سوريا موطئ قدم ينطلق منه لتنفيذ هجمات ضد حلفاء الولايات المتحدة والمواطنين الأميركيين. أو أن تنجح إيران وحليفها "حزب الله" في إنقاذ نظام الأسد وتشكيل دائرة نفوذ أكثر اتساعاً في الشرق الأوسط، يمكنها أن تهدد حلفاء الولايات المتحدة بمن فيهم إسرائيل.
وإذا كان للولايات المتحدة أن تحمي مصالحها، فإن من الضروري أن يتجاوز العمل العسكري فكرة إطلاق عدد قليل من الضربات الصاروخية الهادفة إلى ردع النظام السوري أو الحدّ من قدرته على شنّ المزيد من الهجمات بالأسلحة الكيميائية. وينبغي أن تكون الضربة كافية لإنهاء التفوق العسكري للنظام السوري على الأرض.
وهذا لا يعني أن ندفع بجنود أميركا إلى الأرض على شاكلة ما حدث في الحملة العسكرية على كوسوفو، بل إنه يعني ضرب الطائرات وأنظمة الصواريخ والدفاع الجوي وقواعدها في سوريا، وهي الأسلحة التي يستخدمها الأسد للإيقاع بضحاياه من المدنيين الأبرياء ومن دون حساب. ولم يقصّر المواطنون السوريون الذين يتحلّون بقدر عالٍ من المسؤولية عن الدعوة إلى الاحتكام للحلول السياسية عبر المفاوضات، إلا أنهم سئموا وفشلوا، لأن الأسد لا يرغب في التفاوض باعتباره يتمتع بميزة التفوق العسكري، كما أن المعارضة لم تنجح في مسعاها لأنها في موقف عسكري بالغ الضعف.
ولا يمكن أن ينطوي مبدأ التفاوض على أي احتمال للنجاح ما لم يتم تغيير موازين القوى. ولهذا السبب، يكون من الضروري أن تقوم الولايات المتحدة بضربة جوية محدودة تهدف إلى إضعاف القوة العسكرية للأسد تكون متبوعة بحملة لتدريب وتسليح العناصر المعتدلة للمعارضة التي تدعم الديموقراطية، وتسعى إلى تحرير سوريا من النظام وتنظيم "القاعدة" وبقية الفصائل المتطرفة.
وينبغي على الكونجرس الموافقة على قرار يجيز لإدارة أوباما أن يفرض هذه السياسة. ويتركز الهدف من هذه الحملة على تحجيم القدرة السياسية والعسكرية للنظام السوري ودفعه إلى مشاركة القوى الديموقراطية من المعارضة لتشكيل حكومة انتقالية يمكنها أن توقف الحرب وتحمي السوريين جميعاً (بمن فيهم العلويون وبقية الأقليات) وملاحقة عناصر تنظيم "القاعدة"، وربما كان من الصعب تحقيق هذا الإنجاز الذي قد يتطلب تنفيذه بعض الوقت.
وأما الاحتمال البديل لهذا السيناريو فيتمثل في انتصار الأسد وتزايد نفوذ تنظيم "القاعدة" وبقية التنظيمات المتطرفة وسقوط سوريا في دوامة الفوضى، وكلها عوامل من شأنها أن تهدد المصالح الأميركية في المنطقة.
وطالما أن أوباما سعى إلى طلب موافقة الكونجرس للقيام بالعمل العسكري، فلقد بات في حكم المستحيل من الناحية النظرية أن يقوم بهذا العمل لو أن الكونجرس صوّت ضده. وحتى تتمكن الإدارة الأميركية من تجنب التداعيات المؤلمة لرفض الكونجرس، فسوف يتوجب عليها القيام بأعمال بالغة الأهمية للحفاظ على مصالحها.
وبالنسبة لسوريا بالذات، هذا يعني ضرورة توسيع وتسريع مهمات تدريب وتسليح العناصر المعتدلة من المعارضة المسلحة، وتفعيل المساعدات الإنسانية وخاصة في المناطق التي تم تحريرها من قبضة النظام. ويعني هذا الأمر في أفغانستان، الإبقاء على عدد كبير من القوات العسكرية الأميركية بعد الانسحاب الذي ينتظر أن يتم أواخر عام 2014 وذلك من أجل الحفاظ على استقرار البلد ومراقبة النشاطات الإيرانية المشبوهة هناك. وأما في العراق، فإنه يعني ضرورة زيادة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للحكومة من أجل محاربة تنظيم القاعدة والحد من الضغط الإيراني. وأما في المنطقة برمتها، فهو يعني ضرورة تفعيل الدعم الدبلوماسي والأمني للحلفاء الذين يعتورهم القلق من التوسع الإيراني.
وفيما عدا ذلك فإن عدم قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد سوريا سيُقرأ على أنه انتصار لإيران وبما يقوي من احتمال أن تصبح دولة نووية وبما يزيد من قدرتها على توسيع نفوذها في المنطقة.
مستشار الأمن القومي في إدارة بوش الابن
ينشر بترتيب مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"