الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيف سيكون مستقبل سوريا؟

كيف سيكون مستقبل سوريا؟

05.01.2017
كمال أوزتورك


الشرق القطرية
الاربعاء 4/1/2017
لن يكون أي شيء كما كان من قبل في بلد أريقت بها الدماء. قتل 600 ألف شخص، وعدد الجرحى بالملايين، فيما أصبح 7 ملايين سوري في عداد اللاجئين، ومثلهم من المشردين والعاطلين عن العمل. لنترك كل هذا الألم جانبًا، لم يعد من الممكن إدارة سوريا بنفس النموذج السابق.
يجب إقامة نظام يجمع الشيعة والسنة والتركمان والأكراد والعرب تحت سقف واحد ويضمن عيشًا مشتركًا لهم. اليوم يهيمن على سوريا حكم دكتاتوري عسكري. هناك طلب من أجل سوريا ديمقراطية، لكن هل سيطبق هذا على أرض الواقع. هذا ليسَ واضحًا. هيكل اتحادي، أو نظام ولايات، أو سوريا مقسَّمة... لا شيء مؤكّدا، كل ذلك احتمالات.
*. هل سيبقى الأسد في السلطة؟
إنه من أكثر القضايا الشائكة، سيما وأن بشار الأسد هو المسؤول الأول عن مقتل 600 ألف شخص، وهو الذي استخدم أسلحة كيميائية، وقتل عشرات الآلاف من الأشخاص تحت التعذيب في السجون، وارتكب جرائم حرب ضد الإنسانية. بعض الأدلة على جرائم الحرب تم نشرها من قبل وسائل إعلام دولية بما في ذلك وكالة الأناضول للأنباء. تلك الأدلة موجودة الآن بمكتب محاماة في بريطانيا يتقاضى أجوره من قطر. سيتم استخدام تلك الأدلة في أول فرصة لمحاكمة الأسد.
على الرغم من كل شيء، الأسد لا يزال في السلطة، لكن كيف سيحكم الأطفال الذين قتل آباؤهم وأمهاتهم؟ تقول تركيا أن هذا مستحيل. إيران تدعم وستدعم بقاء الأسد حتى الرمق الأخير. روسيا كما ترون. الولايات المتحدة خارج اللعبة.
* ماذا سيحدث للنازحين في سوريا؟
هناك نحو 7 ملايين سوري، أصبحوا لاجئين في بلدان أخرى، ولكن البعض منهم أصبح نازحًا أو مهجرًا داخل البلاد. هناك نحو مليوني نازح على الحدود السورية مع تركيا، في أطمة واعزاز وإدلب. إنهم يقتاتون على المساعدات الغذائية التي تصلهم من تركيا، ويعيشون في خيام من النايلون، أو قماش، وفي ملاجئ مصنوعة من الصفيح. بينهم أسر مقاتلين في المعارضة. وضع هؤلاء الناس يلفه الغموض.
*. هل سيعود اللاجئون المنتشرون في أصقاع الأرض؟
هناك 2.7 مليون لاجئ في تركيا، و مليونان في لبنان، ومليون في الأردن. مجموع اللاجئين مع المنتشرين في أوروبا ودولٍ أخرى نحو 7 ملايين. ماذا سيحدث إذا أراد هؤلاء العودة إلى البلاد؟.
أين سيعيشون وكيف؟ ما هو مصير المنازل المدمرة، والممتلكات المنهوبة؟. هؤلاء السكان كانوا يشكلون تأثيرًا مهمًا على الخريطة السكانية والدينية في هذا البلد. الأسد لن يريد عودتهم مجددًا إلى سوريا.
*. هل سيرحل المقاتلون الأجانب إلى خارج البلاد؟
في سوريا مقاتلون من بلاد مثل إيران، والعراق، ولبنان، وأفغانستان، وطاجيكستان، واليمن، وباكستان. انضموا إلى الصفوف الأمامية للمعارك لدعم النظام السوري.
أما في صفوف المعارضة، فهناك مقاتلون من العراق واليمن والشيشان والأردن وبعض الدول الأوروبية.
تركيا تنظر بإيجابية إلى خروج المقاتلين الأجانب من كلا المجموعتين إلى خارج البلاد. لكن الأسد الذي فقد قواته العسكرية بات بحماية جيش عماده الميليشيات الأجنبية. لا يمكن أن نتوقع من طهران ودمشق أن ينظرا بإيجابية إلى تحرك كهذا. إذن ما الذي سيحدث؟.
*. وحدة الأراضي السورية وكانتونات منظمة "بي كا كا"
توافقت روسيا وإيران وتركيا على وحدة التراب الوطني السوري. وهذه الخطوة تسببت بانهيار المشروع الأميركي الهادف لإقامة كانتونات لمنظمة "بي كا كا" شمالي سوريا. تم الحيلولة دون اندماج تلك الكانتونات بعد إطلاق عملية "درع الفرات" وتحرير مدينة جرابلس. لكن مناطق مثل عين العرب (كوباني)، ومنبج، والحسكة، وعفرين لا تزال تحت سيطرة مسلحي منظمة "بي كا كا".
تم ترحيل العرب والتركمان والأكراد (المختلفين عن "بي كا كا" أيديولوجيًا) من تلك المناطق، وتغيرت التركيبة السكانية هناك. الولايات المتحدة تسعى لإقامة قواعد لها في المنطقة. ما الذي سيحدث لتلك الكانتونات ومسلحي "بي كا كا" فيها؟ خطر اندلاع نزاع جديد يلوح في أفق تلك المنطقة.
*. ماذا سيحل بداعش؟
كيف ستتم مكافحة تنظيم داعش الإرهابي الذي يسيطر على منطقتي الباب والرقة؟ داعش الذي لم يدخل حتى الآن في مواجهات واسعة النطاق مع قوات إيران والأسد، ما فتئ يهاجم قوات المعارضة، وتركيا. تركيا بدورها تُرِكت وحدها في هذا الصراع من قبل الجميع.
الولايات المتحدة أتت لقتال داعش إلا أنها نسيت الموضوع فيما بعد، واهتمت فقط ببناء الكانتونات. ماذا سوف تكون الخطوة التالية؟ هل ستتحالف إيران، ودمشق، مع روسيا والولايات المتحدة لانتزاع الرقة من داعش ؟.
... / ...
حتى تركيا، لا تملك تصورًا واضحًا حول مستقبل سوريا في الوقت الراهن. ركَّز الجميع على حلب. أي أحد لم يقم بإعداد أي مشروع حول ما سيحدث. الأنظار توجهت الآن نحو الأستانة التي من المقرر أن تستضيف قمة روسية، تركية، إيرانية. الولايات المتحدة تعيش ألم البقاء خارج اللعبة. ما الذي سيفعله ترامب بعد تقلده السلطة، ليس واضحًا بعد.
احتمالات نشوب صراعات شديدة مع الفاعلين الجدد باتت مرتفعة جدًا في هذه المرحلة.