الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كي لا نخسر المرحلة المقبلة

كي لا نخسر المرحلة المقبلة

13.10.2014
فايز سارة



الشرق الاوسط
الاحد 12-10-2014
من المقرر اليوم أن تختار الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري، في آخر أيام انعقادها، رئيسا للحكومة السورية المؤقتة، ليشكل حكومة جديدة، تحل مكان حكومة أحمد طعمة التي أقالها الائتلاف الوطني، وكلفها بتسيير أعمال، قبل نحو شهرين، على خلفية تقصير الحكومة في وضعها العام، خاصة في أدائها، وضعف إنجازها، الذي قيل إنه أقل بكثير مما هو مقدر ومتوقع، حتى في ظل الإمكانات المتواضعة، التي توفرت للحكومة.
أهمية تكليف رئيس جديد للحكومة المؤقتة لا تنبع من ضرورة تشكيل حكومة تخلف حكومة تسيير الأعمال، وإنهاء هذه المرحلة فقط، وهو أمر ضروري، بل من طبيعة المرحلة التي تجتازها القضية السورية في ضوء بدء عمليات التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب وجماعاته في سوريا، التي لا شك أنها تمثل بداية لمرحلة لم تشهدها البلاد من قبل.
أهمية المرحلة السورية الجديدة تكمن في عنوانها الأساسي؛ الحرب على الإرهاب، يقف خلفه تحالف دولي كبير، مما يجعلها تمثل تحولا مهما في القضية السورية، ليس فقط بسبب التدخل الدولي، وإنما بسبب ما سيؤول إليه التدخل من نتائج، لا سيما على الصعيد السياسي، وما ستفرزه بالنهاية من احتمالات على مستقبل الوطن السوري ومستقبل الشعب السوري معا.
فإذا كانت القضية حربا على الإرهاب، فإنها سوف تستهدف الإرهاب كله، وإن بدأت بتنظيم «داعش»، فسوف تشمل أيضا الجماعات المماثلة، لا سيما المنتمية إلى «القاعدة» والقريبة منها في بناها الفكرية والعسكرية، وسوف تشمل في مرحلة لاحقة نظام الأسد الذي لا شك أنه يمثل أبشع أشكال إرهاب الدولة في التاريخ المعاصر، وقد لعب دورا مركزيا في وجود الجماعات الإرهابية وتوسعها، ليس بنتائج أعماله وممارساته فحسب، بل عبر مشاركته وحلفائه الإقليميين والدوليين في توليد هذه الجماعات، عبر أساليب وآليات كثيرة، وهذه ليست من باب التخمينات، إنما من باب المعطيات والأدوار التي لعبها هؤلاء في تمرير قيادات وعناصر التطرف والإرهاب إلى سوريا طوال نحو 4 سنوات مضت، وفي تقديم الدعم المادي والتسليحي إلى الجماعات الإرهابية، خاصة إلى «داعش».
ولأن حرب التحالف الدولي على الإرهاب لا يمكن أن تكون حرب قصف صاروخي وجوي، على نحو ما يجري حاليا، فإنها سوف تكون في فصولها اللاحقة حربا على الأرض بقوات تستكمل الفصول التالية لحرب القصف الصاروخي والجوي، من أجل القضاء على الانتشار الإرهابي، خاصة في التجمعات السكنية، وهو الإجراء الذي توجه إليه إرهابيو «داعش» بعد بدء عمليات القصف في أكثر من منطقة سورية، وسيكون السوريون المعتدلون الرافضون لفكرة التطرف ولممارسة الإرهاب القوة الأساسية على الأرض التي ستدخل الصراع ضد الإرهاب وعصاباته، من الجماعات إلى نظام الأسد، لكنها سوف تحتاج إلى دعم ومساندة متعددة الأشكال والمستويات من القوى الإقليمية والدولية الحليفة والصديقة، وقد تحتاج إلى الدعم والمساندة بقوات صديقة، لا سيما من دول الجوار، التي كانت الأكثر تضررا من سياسات الأسد وتطورات القضية السورية.
وحيث إن الصراع في مرحلته التالية، فسيترك آثاره على مجمل الأراضي السورية، خاصة تلك التي تنتشر أو تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية من «داعش» وأخواتها، فثمة حاجات ملحة ستتزايد في المجالات الطبية والإغاثية والإدارية والأمنية والتنموية البسيطة، التي يحتاجها السوريون في تلك المناطق، وفي الأخرى التي يمكن أن يمتد إليها الصراع من مناطق تحت سيطرة النظام، مما يفرض الحاجة لوجود إدارة حكومية تكون معنية بإدارة تلك المناطق وتوفير احتياجات السكان فيها، وهذا يطرح موضوع الحكومة السورية المؤقتة، التي يسعى الائتلاف إلى إعادة إطلاقها بتشكيل جديد، يستجيب لمهمات المرحلة المقبلة، وهي عملية تبدأ من رئيس للوزراء يفهم، ويتفهم طبيعة المرحلة من جهة، ويكون مستعدا للتعامل معها، وأن تتوفر فيه القدرات والإمكانات الشخصية التي تساعده على العمل بنجاح، وأن يختار وزراءه بما يتناسب وطبيعة مهمات حكومته لخدمة السوريين في مرحلة صعبة لم تواجهها سوريا من قبل؛ فهل ينجح الائتلاف في القيام باختيار رئيس للوزراء؟ وهل ينجح رئيس الوزراء المكلف في اختيار وزراء يحملون أعباء المرحلة المقبلة، التي سيمر بها السوريون؟
ما تؤشر إليه حالة الائتلاف في اجتماعاته الحالية أن هناك رغبة في توفير كل سبل النجاح في المرحلة المقبلة، التي تشمل ليس فقط ضرورة إنجاح تكليف رئيس للحكومة المؤقتة، بل استكمالها بأقرب وقت ممكن للقيام بدورها المنتظر، وإقرار وثائق أساسية، منها النظام الأساسي، وتحسين مستوى الأداء، ومعالجة بعض المشاكل المعلقة، والهدف الأساسي أن لا يخسر السوريون احتمالات المرحلة المقبلة في تصفية الإرهاب، والخروج بالقضية السورية إلى حل ينقل سوريا إلى السلام وإقامة نظام جديد وبديل لنظام الأسد، يوفر الحرية والعدالة والمساواة للسوريين.