الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيف لموسكو أن تختار ممثلي المعارضة السورية وهي تحاربهم؟

كيف لموسكو أن تختار ممثلي المعارضة السورية وهي تحاربهم؟

26.01.2016
الطاهر إبراهيم



القدس العربي
الاثنين 25-1-2016
تستطيع موسكو أن تقصف المستشفيات وأفران الخبز ومدارس الأطفال ومخيمات النازحين في سوريا. وتستطيع أن تقتل فيها كل من يتحرك في الشارع السوري أو تقتل العجزة والنساء والمقعدين الذين لا يستطيعون الهرب من القصف الروسي الغاشم، لكنها لا تستطيع أن تفرض إرادتها على السوريين فتفرض هيثم مناع وقدري جميل وصالح مسلم وغيرهم ليكونوا ممثلين لها في مفاوضات تجرى مع نظام بشار الأسد، لأن هؤلاء ليسوا من معارضي بشار، بل يمكن أن يكونوا في وفد النظام لا في الوفد المفاوض عن الشعب السوري.
موسكو كشفت عن وجهها القبيح يوم أن دفعت أسطولها الجوي والبحري لصب حممها فوق رؤوس السوريين، فجعلت من نفسها عدوا للسوريين، فلا يحق لها أن تقترح ممثلين ليفاوضوا باسم الشعب السوري، ولا يحق لها أن ترفض ممثلين من فصائل سورية جهادية أو من الجيش الحر ليفاوضوا إيران أو بشار أسد. لا أدل على ذلك من أن أحرار الشام وهو فصيل جهادي، فاوض مندوبين عن طهران لعقد هدنة لإخراج الجرحى من الزبداني مقابل إخراج جرحى من الفوعا وكفريا، ولم تنتظر أحرار الشام لأخذ الأذن من موسكو ولا من واشنطن.
وحتى جبهة النصرة التي تخوض حربا ضروسا للدفاع عن الشعب السوري وتقدم الشهداء، فلم تشترط على الشعب السوري ولا على المقاتلين معها أن يلتزموا الفكر القاعدي. جنود جبهة النصرة هؤلاء هم من الشعب السوري اختلطت دماؤهم مع دماء السوريين على تراب سوريا ، فهم منه وهو منهم.
رغم التزام "أبو محمد الجولاني" البيعة لأيمن الظواهري، لم يشعر السوريون أن هذا يضع حاجزا بينهم وبين جبهة النصرة، فشكلت أحرار الشام وفصائل أخرى جيش الفتح مع النصرة، استطاع هذا الجيش تحريرمحافظة إدلب ومناطق واسعة من ريف حماة. قبل ذلك يوم وضعت واشنطن جبهة النصرة على اللائحة السوداء وجدنا أن "برهان غليون"، وهو معارض سوري ليبرالي كان رئيسا للمجلس الوطني يقول: (محاربة جبهة النصرة ليست أولوية عندنا).
ورغم العداوة بين أحرار الشام وداعش حتى وصلت إلى حد الاقتتال، أعلنت أحرار الشام أنها لن تقاتل داعش تحت راية التحالف الدولي الذي أنشئ لمحاربة داعش، لذلك أرسل النظام من يفجر اجتماعا لأحرار الشام قبل أكثر من عام قتل فيه أكثر من 30 مقاتلا من قادتها، منهم قائد الحركة حسان عبود.
عودا على بدء، إن ما بيننا وبين موسكو حرب تقتل فيها موسكو الأطفال والنساء، وهي تزعم أنها جاءت لحرب داعش. لكنها وبعد أكثر من 100 يوم لم تقصف داعش إلا نادرا، وقصرت قصفها على فصائل المعارضة السورية وعلى المدنيين. في هذه الحالة إنما تفرض وصايتها على السوريين وتريد أن تفرض أشخاصا لا نعرف عنهم إلا أنهم أعداء للسوريين ويحاربون في صف بشار الأسد ويقفون إلى جانبه.
تستطيع موسكو أن تقف في الموقع الذي يناسبها، لكن لا تستطيع أن تجعل من نفسها قيما على السوريين وأن تختار من يمثلهم في المفاوضات، وقد اختارت أن تحارب إلى جانب بشار الأسد وقد قتل منهم 400 ألف سوري. وهي تختبئ وراء مبعوثها ومبعوث واشنطن وطهران "دي ميستورا" الذي يسمى زورا وبهتانا مبعوث الأمم المتحدة. ولا أدل على ما نقوله ما قاله جواد ظريف وزير خارجية إيران أن على دي مستورا أن يختار ممثلي المعارضة إلى التفاوض لأنه يضمن اختياره أنه سيكون لصالح إيران وموسكو وواشنطن.
يبقى أن نقول أن السوريين لم يتركوا دولة صديقة ولاشقيقة إلا وطلبوا منها المعونة لرد إجرام بشار منذ اليوم الأول للثورة في 18 آذار/مارس عام 2011.اتصلوا مع موسكو فخيبت موسكو أملهم. وخاطبوا واشنطن فخيبت رجاءهم وقد كانت على رأس الدول التي زعمت أنها صديقة للشعب السوري، في وقت كانت طائرات بشار الأسد تسقط البراميل القاتلة المدمرة فوق رؤوس الأطفال والنساء والعجزة السوريين. وقد رفضت اشنطن أن تسمح لتركيا والسعودية بـأن تسلم الفصائل السورية صواريخ ستينغر المضادة للطائرات التي تسقط طائرات البراميل.