الرئيسة \  مشاركات  \  كيف يخافون من رحيل الأسد.. ولا يخافون من بقائه؟

كيف يخافون من رحيل الأسد.. ولا يخافون من بقائه؟

01.10.2015
الطاهر إبراهيم





منذ اليوم الأول لقيام الثورة السورية بدأ القوم في غربٍ وشرقٍ يظهرون خوفهم على سورية إذا ما رحل بشار أسد فجأة دون أن يتم ترتيب الوضع في سورية بعده. بل إنهم يتصورون أن تقوم قيامة سورية ولا تقعد إذا استلم زمام الأمور فيها الفصائل الجهادية. نستعجل فنتساءل:هل تم خراب سورية إلا على عهد بشار أسد وعهد أبيه؟ نستعجل ثانية فنقول: هل يتصور أن يأتي عهد على سورية تقصف فيه بلداتها يوميا بالبراميل، أويتم قصفها بالكيماوي فيموت من جراء ذلك أكثر من 1300 طفلا وامرأة وشيخا كما حصل في عهد بشار؟وهل حصل مثل ذلك في الحربين الكونيتين عندما كانت ألمانيا تحارب الحلفاء ويتم تبادل القصف بينهما؟
لن نخضع للابتزاز في رحيل الأسد، ونقبل أن الفوضى سوف تعم سورية عندما تتفكك أجهزة أمن السلطة وينهار جيش النظام. لكننا نسأل: هل كانت أجهزة الأمن تعمل لاستتباب الأمن في سورية، وهل الجيش كان واقفا على حدود سورية يقاتل إسرائيل؟ فقد أصبح القاصي والداني يعلم أن أجهزة الأمن كان شغلها الشاغل أن تعد على المواطنين أنفاسهم، بل وتبتكر الوسائل الشيطانية في اختراع ما يضيّق على المواطنين سبل عيشهم.
فعلى سبيل المثال: خلال 40 عاما من حكم بشار أسد وأبيه أصبح افتتاح صالون حلاقة يحتاج إلى موافقة أمنية. وإنشاء كشك في ناصية الشارع لبيع الفلافل لا يتم إلا بعد أن يدوخ المواطن السبع دوخات في مراجعة جهاز الأمن السياسي وجهاز أمن الدولة و.. ثم بعد ذلك قد لا يعطى ترخيصا بذلك. أما إن تكلم مواطن ضاقت به الحال فقال هذه ليست عيشة! فوصلت الكلمة إلى آذان مخبر يتلصص ويسترق السمع، فيسحب على وجهه إلى الأقبية إياها وقد يضيع خبره فلا يعرف أهله له أثرا، ويكون محظوظا إن عاد إليهم بعد شهرين أو أكثر محطم الأعصاب. ولا نتكلم هنا عما كان من أمر أجهزة الأمن في حربها على المواطنين أثناء الثورة، فهذا معروف للكل شرقا وغربا،حتى اضطر هؤلاء المواطنون إلى أن ينزلوا إلى الشوارع بسلاحهم الفردي يقاومون الأجهزة ويدافعون عن أهليهم وأعراضهم.
وأما الجيش النظامي الذي كان يبتلع أكثر من 70% من ميزانية الدولة، وكان يعتبر من أقوى الجيوش العربية تسليحا، ولا يزيد عليه في عديد أفراده إلا الجيش المصري، وكان يدرس لنا في مدارس الابتدائي والإعدادي أن الجيش السوري مدرسة للوطنية. هذا الجيش الوطني لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل منذ عام 1974 منذ المعاهدة بين سورية وإسرائيل التي كتبها هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا في حينه. عندما قامت المظاهرات في سورية في آذار عام 2011 نزل هذا الجيش الوطني إلى الشارع يأمر جنوده بتوجيه رصاصه لصدور المتظاهرين، وإذا رفض أحد الجنود توجيه رصاصه إلى المتظاهرين كان رؤساؤه الضباط يطلقون عليه الرصاص من الخلف فيردونه شهيدا ويحمل إلى أهله جثة هامدة.
هذا الجيش الذي تخاف واشنطن وموسكو من تفككه أنشق عنه أكثر من نصفه والتحق أكثرهم بفصائل الجيش الحر يقاتلون من تبقى من الجيش مع بشار أسد. فأي جيش هذا يخافون تفككه؟ أهو من بقي في صفوف بشار وقتل أكثر من نصفه أم الذين انشقوا عنه؟ أم أن الخوف من أن يتفكك هو تمسك بأشلاء جثة جيش سوري، أصبح يقاتل بدلا منه جنود حزب الله والمليشيات الشيعية وجنود فيلق القدس الذين يرسلهم قاسم سليماني من طهران. واشنطن وموسكو معنيتان  أن تبقى سورية بعيدة عن حكم أبنائها وأن ترجع كماكانت بأيدي رجالها كما كانت يوم استقلت عن فرنسا، فتكون قلعة ضد واشنطن وموسكو.
يبقى أن نقول للعواصم الأوروبية وواشنطن وموسكو:إنكم تنفخون في قربة مقطوعة، وتبثون الروح في جسد بشار الذي لم يعد له من الأمر شيء في حكم سورية. وهاهي طهران تفاوض أحرار الشام لمقايضة التهدئة في الفوعا وكفريا الشيعيتين مقابل التهدئة في الزبداني ومضايا، وتدفع طهران من حساب بشار بإطلاق سراح 40.000 معتقلا و1000 امرأة في معتقلات بشار أسد وأن يمتنع الطيران من قصف إدلب. والثمن الأخير مضمون لأنه لو استأنف النظام قصف إدلب فسيتم احتلال الفوعة وكفريا.