الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيف يفكر بوتين ؟

كيف يفكر بوتين ؟

23.06.2013
جهاد المومني

الرأي الاردنية
الاحد 23/6/2013
فكرة الرئيس الروسي بوتين تقوم على ما يلي :
لا يمكن للغرب ان يستحوذ على اي مكسب سياسي او اقتصادي في المنطقة العربية بعد اليوم بدون ان تكون لروسيا حصة الاسد , وسوريا بالنسبة لروسيا كعكة كبيرة اصبحت أكثر اهمية بعد الحرب الاهلية لأن النظام الان يحتاج الاسلحة كما يحتاج الهواء وما من مورد لهذه الاسلحة غير روسيا .
سوريا هي الدولة الوحيدة في العالم التي منحت روسيا قاعدة عسكرية استراتيجية على ضفاف المتوسط في مدينة طرطوس ذات الاغلبية العلوية , وليس في نية روسيا اغلاق هذه القاعدة بعد ان تكبدت المليارات لاقامتها في بيت المصالح الاميركية الممتد من المحيط الاطلسي غربا وحتى البصرة في جنوب العراق.
وفكرة بوتين ايضا تقوم على مبدأ منافسه الغرب عند تزاحم الاقدام ,اذ بعدما اغلقت الساحة الاوروبية شرقها وشمالها والاسيوية جنوبها وغربها وتاخم الناتو اطراف الجمهوريات الحليفة تاريخيا لروسيا وعلى حدودها ,صربيا وجورجيا وليتوانيا ولاتفيا وملدافيا واذربيجان وازبكستان وغيرها ,لم يعد لروسيا من فرصة اثبات القوة والتأثير الا من خلال المنطقة العربية وفي سوريا بالذات الدولة المهددة بسقوط نظامها وبالتقسيم ,ثم ايران المشتري الاكبر للسلاح الروسي والممول لصفقات السلاح الروسي لسوريا .
بقية الفكرة تقوم على اساس انه يمكن لبوتين تحقيق احسن التنازلات الاستراتيجية والاقتصادية من خلال التشدد في القضية السورية مع الحرص على عدم ايصاد الباب كليا بوجه المفاوصات والحوار حول ما يمكن فعله كمجتمع دولي وليس كدول اوروبية لا تكترث بغير مصالحها ولا يهمها الدم السوري بقدر ما هي معنية بأمن اسرائيل ومرة أخرى اثبات الدور والحفاظ على مصالحها في المنطقة المأزومة .
لروسيا كل الحق ان يكون لها مصالح استراتيجية في المنطقة العربية ,ولها كل الحق ان تزاحم الغرب الذي ما زال يعتقد انه قادر على احتكار النفوذ في المنطقة العربية بقوة السلاح والهيمنة وليس بقوة الروابط الحضارية والأثر التاريخي كما هي حال العلاقة الروسية بالشعوب العربية ,فروسيا لم تكن دولة مستعمرة في منطقتنا ولم تخض يوما حربا ضد اي شعب عربي ,وهذه الحقائق لا تنطبق على علاقة اي دولة غربية بالعرب ,فاوروبا قديمها وحديثها خاضت حروبا ودخلت مؤامرات ضد الشعوب والمصالح العربية وضد الثقافة العربية وقدمت لاسرائيل سلاحا نوويا فتاكا لتضمن تفوقها الى الابد على العرب مجتمعين ,فرنسا وايطاليا وبريطانيا واسبانيا جميعها ما زالت تتعامل مع المناطق العربية على انها اراضي انتداب لها وللولايات المتحدة وتعمل لمصالحها فقط بدليل سكوتها على الفظائع في سوريا وحرصها على استمرار الحرب وعدم سقوط النظام ,وهذا الموقف قريب جدا من الموقف الروسي المؤيد والداعم للنظام الدموي في دمشق في تناقض حاد من مشاعر العرب ومع مصالح السوريين انفسهم .