الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لؤي حسين.. مناسبة للتذكير

لؤي حسين.. مناسبة للتذكير

16.11.2014
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 15-11-2014
إن بقي من مكان لانطباق وصف "غريب" على ممارسات نظام بشار الأسد منذ اندلاع الثورة السورية؛ وبقي من مجال للحرج لدى حلفائه وأنصاره من تلك الممارسات، فيُفترض أن يبدو منتهى الغرابة وباعثاً على شديد الإحراج والخجل، إقدام هذا النظام على اعتقال المعارض السوري لؤي حسين يوم الأربعاء الماضي.
فإذا كان المعارض المصنف من قبل النظام ذاته على أنه "وطني معتدل"، قد أعلن مباشرة عن تضامنه مع أهالي درعا وجميع السوريين في الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير (يوم كان الحديث يتم عن "ثورة" مصورة في استديوهات تلفزيونية!)، إلا أن لؤي حسين وتياره "بناء الدولة السورية"، لم يتزحزحا عن موقفهما المبدئي الرافض للعنف "لإنهاء النظام الاستبدادي".
رغم ذلك، فإن اعتقال الشيوعي العتيق قد يبدو من وجهة نظر النظام وحلفائه، أقرب إلى "ضربة معلم"؛ كونه يذكر ب"الوطنية الجامعة" لهذا النظام، وبالسيادة السورية غير المستباحة أبداً!
فمن حيث أن لؤي حسين هو مواطن سوري من أبناء الطائفة العلوية (وإن لم يكن السوري العلوي الأول ولن يكون الأخير الذي يواجه هذا المصير)، فلا يبدو مستبعداً أبداً استناد البعض إلى اعتقاله على أنه دليل دامغ على عدم طائفية نظام الأسد الذي يساوي -فعلاً- بين السوريين، بالقمع والاضطهاد والتنكيل!
لكن، هنا يحق التساؤل: أليس هذا ما يفعله تنظيم "داعش" أيضاً، وهو يبيد السُنّة، مع الطوائف الأخرى، في العراق وسورية؟ فإن لم يكن نظام الأسد "داعشياً"، ولو بمظهر آخر، فلا بد من الإقرار في المقابل، وفق معيار الأسد وأنصاره هذا، أن "داعش" يصبح بفضل جرائمه فقط غير طائفي أيضا، بل هو فوق ذلك "وحدوي" حقيقي؛ إذ أزال الحدود التي أحكم إغلاقها "بعثا" بغداد ودمشق المتعاديان لعقود، وجعلاها خطوط تماس قابلة للاشتعال!
لا يقل أهمية عن ذلك أن اعتقال لؤي حسين هو مناسبة نادرة للتأكيد على "السيادة" السورية الكاملة. فروسيا "العظمى" التي تتحدى الولايات المتحدة والغرب كله بشأن كل قضية ربما، وتصعّد عسكرياً بلا وجل؛ وقبلها إيران وحزب الله اللذان يرسلان الميليشيات والمستشارين العسكريين فقط لإبقاء الأسد رئيساً، هؤلاء جميعاً سيغدون الآن عاجزين أمام "السيادة" السورية عن إطلاق سراح "الرفيق" القديم والمعارض الوطني "المعتدل"؛ تماماً كما هو مصير
د. عبدالعزيز الخيّر ورجاء الناصر، ومعهما عشرات المعارضين الآخرين ضمن آلاف المواطنين السوريين، المغيبين في سجون النظام منذ انطلاق الثورة، بل وقبلها بسنين طويلة.
الحقيقة أن جوهر "السيادة" المزعومة هذه، إذ لا تظهر إلا في مواجهة المواطنين السوريين، هو فكر "داعشي" خالص، طالما أنها "سيادة" لا تعني إلا حق النظام في قمع كل المتهمين/ المدانين بمعارضته، مهما كانت أدواتهم سلمية!
بالمحصلة، يكون اعتقال لؤي حسين مناسبة للتذكير بأمر حقيقي واحد، هو أن "داعش" التنظيم ليس إلا انعكاساً، بل والابن الوحيد لداعش نظام الاستبداد والفساد. لكن الأهم هو التذكير بأن الحرية ما تزال قادرة على جمع كل السوريين في وطنهم، وبما يقتضي القضاء على كل "الدواعش"؛ بإنهاء الاستبداد والفساد، وبناء الدولة السورية الجديدة التي تتسع لكل مواطنيها.