الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لئلا تنشأ أفغانستان ثانية

لئلا تنشأ أفغانستان ثانية

11.10.2015
سميح صعب



النهار
السبت 10/10/2015
إلى حين بدء التدخل الروسي العسكري في سوريا في 30 أيلول الماضي، كانت الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج العربي والى حد ما فرنسا (كما هو الوضع في الحالة الليبية)، تستأثر برسم المسار السياسي والعسكري في الشرق الاوسط منذ 2011. ولكن بعد دخول روسيا عسكرياً لمساندة الدولة السورية ومع تبلور تحالف رباعي قوامه موسكو ودمشق وبغداد وطهران لمكافحة الارهاب، دخلت المنطقة في مرحلة معاكسة لتلك التي تعيشها منذ أربع سنوات ونصف سنة.
وأولى النتائج التي يرسيها التحالف الرباعي الجديد، هي ربما صعوبة أو استحالة تحقيق تغيير في الوضع الجيوسياسي في سوريا كما كانت تعمل له اميركا ودول الخليج العربية وتركيا. وبعدما كانت اليد العليا للولايات المتحدة وحلفائها ولا سيما منهم تركيا في السنوات الاخيرة في سوريا، أتت روسيا لترسم خطوطاً حمراً أمام الطموحات التركية في جارتها الجنوبية بحيث لم تعد أنقرة مطلقة اليدين في دفع المقاتلين الجهاديين من أنحاء العالم الى القتال على الاراضي السورية لإسقاط الدولة السورية وإقامة إمارات جهادية في سوريا متحالفة مع انقرة لا فارق بين "داعش" و"جبهة النصرة" ما داما يؤديان دوراً وظيفياً في تدمير الدولة السورية.
ويضع التدخل الروسي العسكري، الغرب والعرب وتركيا أمام خيارات ضيقة، إما اللجوء الى حرب بالوكالة في سوريا سيكون عمادها الجهاديون من "داعش" و"النصرة" بدعم عربي خليجي في مشهد مستعاد لأفغانستان وتالياً انتاج ما هو أشد تطرفاً من أسامة بن لادن و"القاعدة" واحتمال خروج هؤلاء لاحقاً على اجندة الدول الداعمة لهما. وإما القبول بتسوية تلبي مصالح روسيا وايران والعضو الخامس غير المعلن في التحالف الرباعي ألا وهو مصر، التي لم تخف تأييدها الغارات الروسية في سوريا على رغم علاقتها المميزة مع السعودية.
لن يكون أمام الغرب سوى هذين الاحتمالين حيال الاندفاع الروسي في سوريا. فالعودة الى الاعتماد على الجهاديين لتدمير روسيا في سوريا على غرار ما فعل الجهاديون في أفغانستان أواخر القرن الماضي لها محاذيرها، التي دفعت الولايات المتحدة والعالم ثمناً باهظاً ربما لو علم الاطراف الداعمون آنذاك ان النتائج ستكون على النحو الذي أتت لما كانوا قدموا الدعم للجهاديين.
ان الذهاب الى تسوية في سوريا هو الذي من شأنه ان يجنّب العالم قيام "قاعدة" جديدة، في حين ان الاصرار الغربي والتركي والعربي الخليجي على مطالب المرحلة الماضية، من شأنه ان يدفع سوريا والمنطقة الى مديات لن يكون في مقدور احد التحكم بنتائجها.