الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لابد مما ليس منه بدُّ!

لابد مما ليس منه بدُّ!

28.05.2014
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الثلاثاء 27/5/2014
لأن الأردن ،الدولة والحكومة والشعب، قد تعامل مع سفير النظام السوري بالترفع عن الصغائر وبطول النفس وعلى أنَّ هناك قضايا وروابط أخوية يجب تغليبها على تجاوزات ضابط إستخبارات سابق.. وربما لاحق أيضاً فإن هذا قد تمادى كثيراً في إساءاته وإنه لم يقدِّر أن للصبر حدوداً وأن الحليم يجب إتقاء غضبته إن هو غضب والحقيقة أنَّ هذا الرجل بقي يتصرف ليس كدبلوماسيٍّ من المفترض أنْ يراعي الأوضاع المأساوية في بلده وأن يلتزم بالأعراف والتقاليد الدبلوماسية المتَّبعة وان يحاول الإبتعاد عمَّا يسيئ لعلاقات أصبحت مشروخة بسبب كل هذه المجازر التي يرتكبها نظامه ضد شعب شقيق وعزيز بل أنه تصرف بطريقة إستفزازية تؤكد على لو أنه ليس سفيراً في هذا البلد لكان قد تم إلقاءه وراء الحدود مع أول إساءة من إساءاته الكثيرة.
لقد قلنا ،ونحن لم نعد نحتمل إساءات هذا التي تجاوزت كل ما يمكن احتماله وكل الحدود وكل الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، أنَّ رموز هذا النمط من الأنظمة الكبار منهم والصغار يخافون ولا "يختشون" وأن مسؤولي هذا السفير ،الذي لم يتصرف إطلاقاً كسفير دولة من المفترض أنها عاقلة وراشدة قد فهموا صبر الأردن على أنه ليس من قبيل إحترام النفس أولاً وأنه ليس من قبيل إعطاء هذا الرجل الفرصة تلو الفرصة للتراجع عن تجاوزاته واخطائه وإنتظار أن تصحح حكومته مساره وإنما من قبيل الضعف والخوف وتحاشي المواجهة مع مثل هكذا تصرفات.
لقد كان على هذا السفير ما دام أن سوريا تعيش كل هذه الظروف الصعبة أنْ يتصرف كسفير لدولة وأن يراعي وجهات النظر المتعددة في هذا البلد الديموقراطي الذي يستضيفه ولقد كان عليه ان يدرك أن الشعب الأردني بغالبيته ،إن ليس كله، يرفض كل هذا العنف الذي يمارسه نظام بشار الأسد ضد شعب من المفترض انه شعبه وأن الصحافة الأردنية حرة وأن الأردن تحلَّى بصبر تجاه الأزمة السورية كصبر أيوب وأنه تحمَّل من موقع القوة والتفوق وليس من موقع الخوف أو الضعف كل محاولات إختراق حدوده وكل محاولات تصدير الفوضى المسلحة التي يعيشها "القطر العربي السوري" إليه..!.
 هذا لم تفهمه حكومته التي كان عليها وقد وصلت الأمور عندها إلى ما وصلت إليه ان تضبط نزوات سفرائها وأن تتصرف هي على نحو يعزز إحتمال هذا البلد المملكة الأردنية الهاشمية ويعزز صبر الأردنيين الذين لو أنهم لا يتمسكون بتقاليد حضارية وتقاليد عربية أصيلة لكانوا لجأوا إلى ما لجأوا إليه أمس منذ فترة طويلة.
نسي السفير والذين شجعوه على تماديه الذي بقي متواصلاً منذ أكثر من ثلاثة أعوام، أن لصبر هذا البلد حدوداً وأنه قد يتحمل التجاوز لكنه لا يمكن ان يتحمل التطاول وأنه قد يصبر لكن صبره سرعان ما يتحول إلى غضب إذا مُسَّت كرامته وكرامة شعبه.
إن هذا السفير ،الذي لم يتصرف كسفير لدولة مصلحتها تقليص عدد أعدائها وتشجيع سكوت الساكتين وإن على مضض على أخطائها وتجاوزاتها لم يدرك أنه لابد من أن يطرد من هذا البلد شر طردة وأنه لابد ،بعدما صبر الأردن عليه كل هذا الصبر الطويل ومن موقع القوة والإقتدار والثقة بالنفس، أن يُلقى به خلف الحدود وأنه لابد أيضاً من هذا الإجراء الذي لابد منه والذي كان مطلباً مُلحاً لأبناء سوريا المقيمين هنا ضيوفاً عند الشعب الأردني والذين لا زالوا في وطنهم يكابدون عنفاً وفي النهاية فإنه لابد من القول ورمة أخرى :"أنه لابد مما ليس منه بدُّ"!!.