الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لابد مما ليس منه بدُّ !

لابد مما ليس منه بدُّ !

16.06.2013
صالح القلاب

الرأي الاردنية
الاحد 16/6/2013
هناك تقديرات كثيرة تتفق على أن النظام الإقليمي الشرق أوسطي يواجه حالة إنهيار وهذا يعني أنه ستكون هناك خرائط سياسية وربما جغرافية أيضاً جديدة ولعل ما يجري في العراق وفي سوريا وفي ليبيا وما كان حدث في السودان ،بإنقسام الجنوب عن الشمال وإقامة دولة مستقلة فيه، يشير إلى الكثير من الصحة في هذه التوقعات والإفتراضات إستناداً إلى ما يجري على الأرض في هذه الدول.
ولذلك وعندما نسمع حسن نصر الله بإطلالته التي تذكر ،الذين قرأوا وقائع تاريخنا الإسلامي البعيد والقريب، بتلك الفتنة التي ضربت هذا الدين الحنيف وهو في بداية ألقه والتي تجسدت لاحقاً في توظيف المذهب الشيعي ،الذي كان يعتبر خامس المذاهب الإسلامية الأربعة، في تمزيق وحدة الأمة وكل هذا لحساب إحياء النزعة الفارسية القديمة التي تجسدت في الدولة الصفوية التي دخلت في حروب مدمرة مع دولة الخلافة العثمانية دامت سنوات طويلة.
كنَّا ،قبل تدخل حزب الله بدوافع مذهبية لم تعد خافية على أحد في هذه الحرب التي يشنها بشار الأسد على الشعب السوري، نستبعد تشظي سوريا لتبرير إقامة دولة طائفية علوية لها إرتباط جغرافي بدولة حزب الله المذهبية في الجنوب اللبناني وفي ضاحية بيروت الجنوبية وأيضاً في منطقة بعلبك والهرمل وحقيقة أننا بدأنا نراجع هذا الإستبعاد بعد هذا التطور الآنف الذكر وبعد توظيف إيران كل قدراتها العسكرية والسياسية والمالية.. وأيضاً قدرات طائفييي العراق لضمان إنتصار هذا النظام الذي بات يقف على رِجْلٍ واحدة والذي بدأ طائفياً وإنتهى بإشعال نيران هذه الحرب الطائفية التي قد تستمر لعدة أعوام قادمة.
ثم وألا يشير كل هذا الذي يجري في العراق الذي سلَّمه الأميركيون للإيرانيين ،إمَّا لسوء تقدير وحسابات خاطئة وإما لدوافع غير معروفة ستكشفها مقبلات الأيام، أنَّ هناك عملاً جاداً لتقسيم هذه الدولة العربية التي تعتبر الخاصرة الشرقية بل القلعة الأمامية المتقدمة للوطن العربي وإنشاء دولة مذهبية في الجزء الجنوبي منها لتستكمل إيران بعد ذلك مشروعها الفارسي التمددي في المنطقة.
لقد كانت هذه التصورات كلها تعتبر ،قبل أن تتأكد الأبعاد الطائفية لهذه الحرب التي يشنها بشار الأسد على الشعب السوري وقبل دخول إيران على خط هذه الحرب بكل ثقلها وبكل إمكانياتها ومن بين هذه الإمكانيات حزب الله وجيشه، ضرباً من الأوهام أما بعد ذلك كله فإنه من «قلَّة العقل» البحث عن أثر الذئب والذئب يقف أمامنا مكشراً عن أنيابه.
وهنا فإنه علينا هنا في الأردن ،وقد بتنا نلمس أبعاد كل هذا الذي يجري حولنا وبخاصة من الشمال والشرق، أنْ ندرك كم أننا بحاجة إلى الحفاظ على تماسكنا الداخلي وكم أنه علينا أنْ نغلِّب مصالح بلدنا على كل الحسابات الشخصية وكذلك كم أنَّه علينا أن نكون أكثر جرأة في عدم التردد في الإستعانة بأي إمكانيات شقيقة وصديقة نرى أنها ضرورية لإبعاد كل هذه الإحتمالات المرعبة عن بلدنا..وأيضاً أن ندرك أنه إذا فُرضت علينا المواجهة فيجب ألاَّ تكون على الأرض الأردنية وفي كل الأحوال!!.
إنه عندما تكون هذه المنطقة تغلي على هذا النحو وعندما تكون التحديات تحيط بالأردن من كل جانب فإنه علينا أنْ ندرك كم أنه بمثابة الإنتحار أن نبقى نتحدث عن «النأي بالنفس».. فهل يمكن أن يكون هناك نأي بالنفس ونحن نسمع مع كل طالع شمس من يهدد بتصدير حرائقه إلينا..؟..إنه علينا أن ندرك في ظل كل هذا الذي يجري حولنا أنه لابد من مما ليس منه بدُّ.. وأنه علينا أن نكون في ذروة الإستعداد لِلَحْظةٍ باتت قريبة.. إنه علينا ألاَّ نوفر أي وسيلة للدفاع عن بلدنا وعن شعبنا وإنه علينا ألاَّ نتردد في الإستعانة بمن لديه الإستعداد لإعانتنا وحتى بالأسلحة التي قد تصبح حاجتنا إليها ملحة في وقت قريب.