الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لاجئون برسم الفقر والضياع

لاجئون برسم الفقر والضياع

18.01.2015
حسن احمد الشوبكي



الغد الاردنية
السبت 17-1 -2015
الأرقام الصادمة التي أعلنها في عمان، الأربعاء الماضي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس، عن الواقع الاقتصادي والتمويلي لاحتياجات اللاجئين السوريين في الأردن ودول الجوار السوري، تتطلب مراجعة اقتصادية على مستوى المفوضية والحكومة، لحض المانحين على الحركة؛ إذ ليس مقبولا الصمت حيال هذا الخذلان المتواصل، والذي ينذر بكارثة ستطال مجالات عديدة.
إذا تمكنت مفوضية اللاجئين من توفير تمويلات لنحو 58 % من احتياجات اللاجئين السوريين في العام الماضي، فإن من الممكن أن تنخفض النسبة هذا العام إلى ما دون 50 %. وهذا يعني أن التهديد يطال حياة اللاجئين من زاوية المعيشة والمتطلبات الأساسية، ما يشكل بحد ذاته خطراً، لاسيما أنه يؤثر مباشرة على حياة الأطفال والنساء.
لاجئ من بين ستة لاجئين يعيش فقرا مدقعا، وأكثر من ثلثي اللاجئين تحت خط الفقر، ناهيك عن غياب فرص التعليم، وعدم توفر أبسط شروط الرعاية الصحية وسواها، وانعدام إمكانية العمل. ويمكن دق جرس الإنذار من خلال العشوائيات التي باتت تنتشر على أطراف المدن والقرى الأردنية. ففي مادبا والزرقاء والمفرق والجنوب هناك خريطة للجوء السوري ضمن مواصفات مرعبة، لا كهرباء فيها ولا ماء ولا بيوت إسمنتية، بل خيام لأناس ليس أمامهم إلا افتراش الأرض. وكل ذلك يؤشر على أوضاع مأساوية على صعيد المعيشة، ستنعكس سلبا على المشهد الاقتصادي العام، كما قد تطال الوضع الأمني العام للمجتمع، مهددة بارتفاع منسوب الجريمة.
من المؤكد أن اللاجئين استنزفوا كل المدخرات التي جاءت معهم عندما اجتازوا الحدود، وإن كان معظمهم عبر الحدود ولا يملك دينارا واحدا. وفي ظل عدم السماح لهم بالعمل، فإن المسألة تصبح مركبة ومعقدة. وازداد تعقيدها من خلال نقص التمويل المزمن. فالمانحون مترددون، وبالكاد يصل ما يغطي نصف احتياجات اللاجئين. وكل مناشدات المفوضية تذهب أدراج الرياح، ما دفع إلى تقليص قيمة الدعم الشهري للاجئ السوري من 24 دينارا إلى 13 دينارا. وهناك كثيرون ممن لم يروا المبلغ الأخير. وبما يعني، في المحصلة، أن اللاجئين سيموتون من الجوع إن استمر النسق على هذا المنوال البائس.
من أجل التكفل بالسوريين من خلال برامج الدعم وحاجات الإيواء، طالبت المفوضية بنحو ثلاثة مليارات دولار للأردن كي يتسنى له وللمفوضية القيام بالدور المطلوب منهما من دون ضغوطات على اقتصاد الأردن المنهك. لكن ما يلوح في الأفق ليس مطمئنا. فالمطالبات ببيوت جاهزة من قبل أربعة آلاف أسرة في مخيم الزعتري قد أتمت العامين، لكن لا يوجد من يحسم هذه الإشكالية وينهي عذابات أمهات ليس لهن حول أو قوة، ولا يستطعن صنع فرق ولو بسيط في حياة أطفالهن.
فسيفساء اللجوء السوري في الأردن تحتاج إلى مراجعات اقتصادية؛ فلا الجهات المانحة تقدم التمويلات اللازمة، كما ليس متاحا الاستفادة من اللاجئين في قوة العمل، في موازاة انتشار مقلق للعشوائيات، ومخاوف من أمراض وأوبئة قد تتسلل إلى المدن والقرى بفعل غياب الرعاية الصحية، وعدم توفر المأكل والمشرب بأدنى شروطه الممكنة.
للأسف، أمسى السوري ضحية لنظام استبدادي استحالت معه الحياة، فيما الصورة قاتمة لما يسمى "عيشا" خارج الحدود.