الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فلاديمير بوتين منزعج من بشّار الأسد!

فلاديمير بوتين منزعج من بشّار الأسد!

01.03.2014
سركيس نعوم


النهار
الخميس 27/2/2014
اعتقد رئيس روسيا الإتحادية وزعيمها فلاديمير بوتين أنه نجح في إقصاء الغرب عن أوكرانيا المجاورة له والحيوية لمصالحه الاستراتيجية بعدما انتهى "ربيعها" من زمان بعودة رجله يانوكوفيتش إلى السلطة، وبإدخال زعيمة المعارضة الرافضة العودة إلى الأحضان الروسية تيموشنكو إلى السجن. وكاد أن يقتنع أنه قطع خط عودة أوكرانيا إلى الغرب المذكور عندما رفض حليفه يانوكوفيتش توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بعدما كان اتفق معه على ذلك. لكن ما حصل في الأشهر الماضية في العاصمة كييف ولاحقاً في مقاطعات أخرى من احتجاجات شعبية بلغت حد الثورة والإنتفاضة جعله يدرك أن النجاح لا يمكن أن يلازمه "على طول" كما يقال. فالمليارات من الدولارات الأميركية التي انفقها على أولمبياد الألعاب الشتوية الناجحة في "سوتشي" خلال الشهر الجاري، رغم حاجة بلاده إليها من أجل تحديث مرافقها الإنتاجية وبناها التحتية وفي مقدمها العسكرية، لم تفده في تعزيز صورته أمام العالم زعيماً واعياً وحضارياً لدولة حديثة، وقائداً لمسيرة عودتها شريكة في زعامة العالم. وانهيار نظامه في أوكرانيا أخيراً سيضطره إلى العمل الجاد من أجل حماية المدى الحيوي لبلاده من الاختراق الأوروبي والأطلسي الذي طالما قاومه. وسيدفع أخصامه الدوليين أو بالأحرى منافسيه وفي مقدمهم أميركا إلى الاعتقاد أنه ليس خالياً من نقاط الضعف كما حاول أن يوحي لشعبه ثم للعالم، وأن عودة بلاده لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط جراء حسن افادته من الأزمة – الحرب السورية وسوء إدارة أميركا وحلفائها من العرب لها قد يخف زخمها. طبعاً ربما يعتقد الزعيم الروسي أن حليفه الأوكراني لم يُحسِن إدارة المواجهة، لكنه إذا لم يدرك أن الأزمة في أوكرانيا أكثر عمقاً مما يتصور وأكثر تعقيداً، وأن مسؤوليته عن الخسارة المبدئية التي وقع فيها بسببها لا تقل عن مسؤولية هذا الحليف إن لم تفوقها، وإذا لم يعِ أنه طرف في أزمة قد تتسبب بتقسيم أوكرانيا، فإن انعكاسات ذلك على روسيا كبيرة ولا سيما في ظل "الانتشار" الشعبي الروسي في الدول التي كانت ومنذ الحرب العالمية الثانية جزءاً من الاتحاد السوفياتي الذي انهار قبل أكثر من عقدين، ولن تكون إيجابية. علماً أن معظمها لم "يدخل" الاتحاد المذكور بإرادة شعوبه.
هل يؤثر ذلك سلباً في الموضوع السوري؟
لا تعتقد مصادر ديبلوماسية مطلعة أن وضع النظام السوري سيتأثر سلباً وفوراً بما يجري في أوكرانيا، وبما أصاب راعيه بل حاميه الدولي بوتين وما قد يصيبه بسببها. فروسيا ليست دولة مهلهلة رغم ضعف الكثير من مرافقها. وعلى رأسها زعيم مصمِّم وقوي. والدول الغربية وفي مقدمها أميركا لا تبدو راغبة في العودة إلى لعبة الحرب الباردة معها. وقد أكد ذلك غير مسؤول أميركي وأوروبي أخيراً. لكن ذلك لا يعني أن صدر بوتين لن يضيق أحياناً بتصرفات الرئيس بشار الأسد ومواقفه المتحلِّلة من التزامات قطعها له أكثر من مرة، وعدم تجاوبه أحياناً كثيرة مع نصائحه. وتؤكد هذا الأمر معلومات روسية تفيد أن بوتين يعتقد أن الأسد أخطأ التصرُّف في "جنيف 2"، وسمح للمعارضين له باتهامه بإفشاله، وبرفض التوصل إلى تسوية سياسية إنطلاقاً من بيان "جنيف 1" المقبول من العالم كله. كما أعطى العرب المناهضين له وأميركا فرصة للتعبئة ضده سياسياً وعسكرياً ولتحميل موسكو مسؤولية تعنته. وتفيد المعلومات نفسها ايضاً أن ذلك جعل المسؤولين الروس يخشون قيام القوات الأميركية "بعملية جراحية عسكرية" ذات هدف واحد هو التخلص من الأسد كونه صار العقبة الكأداء أمام التسوية. وحصول ذلك يربك روسيا كثيراً. وتفيد المعلومات إياها أخيراً أن موسكو لا تقبل تبرير الأسد لمواقفه السلبية الذي يركز فيها على انقسام معارضيه وتقاتلهم. فهو صحيح مبدئياً. لكنه لا يعني نهاية المعارضة. فضلاً عن أنه لا يلغي حقيقة مهمة هي أن غالبية المجتمع الدولي تدعم هذه المعارضة. كما تفيد معلومات أميركية عن انزعاج واشنطن وعواصم غربية كثيرة من عدم التزام الأسد تنفيذ الاتفاق مع المجتمع الدولي القاضي بالتخلّص من "الأسلحة الكيميائية" التي يمتلك، وعن تعمّده تأخير تسليم كمياتها إلى الجهات المكلفة إتلافها وفق الجدول المحدد. وهو انزعاج، تؤكد المعلومات نفسها، تشعر به أيضاً روسيا ومعها زعيمها بوتين.