الرئيسة \  تقارير  \  لايف ساينس : رمز المقاومة والاضطرابات والثورات.. كيف بدأت قصة “قنابل مولوتوف”؟

لايف ساينس : رمز المقاومة والاضطرابات والثورات.. كيف بدأت قصة “قنابل مولوتوف”؟

08.03.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الاثنين 7/3/2022
يستعرض الكاتب الصحفي توم ميتكالف، الذي يهتم بالعلوم والفضاء وعلم الآثار والأرض والمحيطات، في تقريره المنشور في موقع “لايف ساينس” تاريخ قنابل مولوتوف الحارقة، ويُلقي نظرة على حقيقتها وكيف سُمِّيت بهذا الاسم.
يستهل الكاتب تقريره بتعريف زجاجات المولوتوف الحارقة بأنها عبارة عن قنابل حارقة مصنوعة ومحمولة يدويًّا، وتُعد رمزًا للاضطرابات المدنية والثورات، كما أن زجاجات المولوتوف رخيصة وخفيفة الوزن ويمكن إخفاؤها بسهولة، وربما تكون أكثر الأسلحة فتكًا التي يُمكن صنعها بسرعة من مكونات سهل الحصول عليها.
وأشار التقرير إلى أن “قنابل المولوتوف” ظلت الوسيلة التي يستخدمها المقاتلون غير النظاميين طيلة نحو 100 عام، وذلك منذ أول استخدام مسجَّل لها في الحرب الأهلية الإسبانية وحتى الحروب التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة، والتي تشمل الحرب  الروسية على لأوكرانيا، والتي بدأت في فبراير (شباط) عام 2022.
الاتفاق الألماني السوفيتي
يُوضح التقرير أن قنابل المولوتوف الحارقة أُطلِق عليها هذا الاسم نِسبةً إلى السياسي الروسي فياتشيسلاف مولوتوف، الذي كان وزير خارجية الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب العالمية الثانية، وذكر المؤرخ الأمريكي، ويليام تروتر، أن قنابل المولوتوف تُنطَق “مولوتوفين كوكتيلي” باللغة الفنلندية؛ إذ إن أصل الكلمة مشتق من اللغة الفنلندية.
وكان فياتشيسلاف مولوتوف أحد الموقِّعين على اتفاق مولوتوف-ريبنتروب (الاتفاق الألماني السوفيتي) السيئ السمعة في أغسطس (آب) لعام 1939. وعُرف الاتفاق آنذاك ظاهريًّا بأنه معاهدة عدم اعتداء بين الاتحاد السوفيتي تحت حكم جوزيف ستالين وألمانيا النازية تحت حكم أدولف هتلر، لكن القوتين اتفقتا سرًّا كذلك على تقسيم أوروبا إلى مناطق احتلال سوفيتية وألمانية. وفي ذلك الوقت، سقطت فنلندا، التي كانت سابقًا جزءًا من السويد، والتي قاومت استيعابها في روسيا لأكثر من قرن، في مناطق الاحتلال السوفيتي.
وأفاد التقرير بأن الاتحاد السوفيتي غزا فنلندا في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1939، بعد أشهر قليلة من الغزو الألماني والسوفيتي لبولندا، وهي حرب أطلق عليها اسم “حرب الشتاء”، ويقول تروتر “إن فياتشيسلاف مولوتوف، وزير خارجية الاتحاد السوفيتي آنذاك، ادَّعى خلال حديثٍ له في الإذاعة الرسمية أن القاذفات السوفيتية لم تكن تقصف قنابل، بل كانت تُسقِط إمدادات غذائية إنسانية للشعوب الجائعة في الدول المجاورة”.
وأوضح تروتر قائلًا إنه لهذا السبب أطلق الفنلنديون اسم “سلَّات نزهة مولوتوف” على هذه القنابل، وفيما بعد أطلقوا عليها تسمية مناسبة من خلال تسمية قنابلهم الحارقة المصنوعة يدويًّا بـ”زجاجات المولوتوف” الحارقة. وأضاف تروتر أن زجاجات المولوتوف التي ألقاها الفنلنديون كانت مؤثرة وفعَّالة ضد الغزاة على نحو استثنائي، لأن الدبابات السوفيتية آنذاك كانت تعمل بوقود البنزين، الذي تشتعل فيه النيران بسهولة، وهذا على عكس معظم الدبابات الحديثة التي تعمل بوقود الديزل وهو غير قابل للاشتعال.
يُنوِّه التقرير إلى أنه على الرغم من أن زجاجات المولوتوف اشتُقَّ اسمها من حرب الشتاء الفنلندية السوفيتية، فإن تاريخها يعود إلى أبعد من ذلك؛ إذ يعود على أقل تقدير إلى الحرب الأهلية الإسبانية التي اندلعت في الفترة من عام 1936 حتى أوائل عام 1939.
وأبرز تروتر أن زجاجات المولوتوف الحارقة استخدمها الجنود القوميون الإسبانيون ضد الدبابات السوفيتية التي تدعم الجمهوريين الإسبان في معركة سيسينا عام 1936، إذ قال توم وينترينجهام، متطوع إنجليزي في الألوية الدولية (وهي وحدات عسكرية قاتلت مع القوات القومية خلال تلك الحرب الأهلية)، إن الجمهوريين استخدموا زجاجات المولوتوف الحارقة أيضًا ضد دبابات القوميين.
ويستشهد التقرير بما قاله وينترينجهام لمجلة “بيكتشر بوست” في عام 1940 “إن المقاتلين أخذوا عبوات زجاجية مليئة بـ”البنزين” وأحكموا إغلاقها بقِطَع قماشية من البطاطين أو الستائر؛ بعد غمر قِطَع القماش تلك في الوقود وإشعال النار فيها، وبعد ذلك يرمونها أمام أي دبابة”.
وأضاف وينترينجهام: “لا شك أن الغطاء القماشي سيتعلَّق بجنزير الدبابة أو بأي عجلة ترس مسنَّنة، ومن ثم يلتف حول محور عجلة الدبابة. وستتحطم الزجاجة، لكن البنزين بالتأكيد سيغمر الغطاء القماشي جيدًا بالقدر الكافي لإشعال حريق قوي حقًّا، والذي سيحرق العجلات المطاطية التي يسير عليها جنزير الدبابة، أو يشعل النار في الكاربراتير، ولا تلعبوا بهذه الأشياء، إنها خطيرة جدًّا”.
يلفت التقرير إلى أن البريطانيين استخدموا قنابل حارقة يدوية الصنع في أوائل الحرب العالمية الثانية، عندما كانت بريطانيا تخشى الغزو الألماني، ووفقًا للسجلات التاريخية لعام 1943 للحرس الداخلي البريطاني للكاتب تشارلز جريفز، وصف الجنرال إدموند أيرونسايد، رئيس الحرس الداخلي البريطاني، في يونيو (حزيران) 1940 “زجاجات المولوتوف” بأنها “هذا الشيء الذي ابتكره الفنلنديون، عبارة عن زجاجة مليئة بالراتنج أو البنزين أو القطران، والتي إذا ألقيت على دبابة ستشتعل فيها النيران”، وبعد بضعة أشهر، أصدر مكتب الحرب البريطاني تعليمات لتصنيعها لكي يستخدمها الحرس الداخلي البريطاني.
وأفاد موقع “قاعدة بيانات الحرب العالمية الثانية” أن الجنود، في مراحل لاحقة من الحرب، وضعوا موادًّا أخرى تشتعل فيها النيران عند الاصطدام، مثل الفوسفور الأبيض المُستخدَم في القنبلة البريطانية الخاصة رقم 76، بدلًا من الفتيل الأولي المشتعل؛ أو استخدموا خليط حامض الكبريتيك وكلورات البوتاسيوم والسكر الذي طورته حركة المقاومة البولندية، بحسب ما كتبته خبيرة الكيمياء آن ماري هيلمنستين في موقع “ثوت كو”.
واستدرك التقرير موضحًا أن النسخة البدائية الأصلية لا تزال موجودة. وقد استخدمت زجاجات المولوتوف الحارقة مرارًا وتكرارًا في موجات الاضطرابات التي شهدتها الولايات المتحدة؛ إذ أفادت بعض التقارير الصادرة عن صحيفة “نيويورك تايمز” بأن زجاجات المولوتوف استُخدِمت في أعمال الشغب التي اندلعت في مدينة لوس أنجلوس عام 1992، كما أفادت تقارير شبكة “إيه بي سي نيوز” الأمريكية أنها استخدمت في أعمال الشغب التي اندلعت في جميع أنحاء الولايات المتحدة في عام 2020 بعد مقتل المواطن ذي البشرة السوداء جورج فلويد. وأسفر عدد من هذه الحالات عن إداناتٍ جنائية لمستخدمي زجاجات المولوتوف.
ويختم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أنه قد يكون من حسن الحظ أن جرى تصنيع نسخ من زجاجات المولوتوف التي لا تشتعل على الإطلاق، وأشهرها “puputovs”، وهي عبارة عن عبوات زجاجية مليئة بالبراز البشري، استخدمها المتظاهرون خلال الاحتجاجات السياسية التي اندلعت في فنزويلا في عام 2017 ضد المسؤولين الحكوميين وقوات الأمن، بحسب ما ذكرت صحيفة “لا ناسيون” الأرجنتينية.