الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا أمن في بيروت

لا أمن في بيروت

22.02.2014
اليوم السعودية


الجمعة 21/2/2014
ظل لبنان طوال تاريخه، أسيرا للتوافقات الدولية، منذ توزيع تركة الرعاية المسيحية، وتوزيعته الطائفية، غير أن لبنان كان بلدا للفكر والثقافة، وليس بلدا للمليشيات، ولم يشهد لبنان طوال تاريخه السياسي، انتهاكا لسيادته وقراره السياسي، مثلما يشهد اليوم.
بالأمس كانت سوريا الأسد، تحكم لبنان وتتحكم في مفاصله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية، وظل علي مملوك، ورستم غزالي، وآخرون يرون في لبنان حديقة خلفية لسوريا، وتضاعف الأمر بعد نشأة حركة أمل وحزب الله، وبعد تغييرات ديمغرافية علوية لصالح دمشق، وبعد اعتبار طهران كلا من دمشق وبيروت نقطتين في استراتيجية مد النفوذ الإيرانية.
في الأزمة السورية الأخيرة، انكشف حزب الله، وانكشفت المقاومة والممانعة، وأصبح من اللازم إعادة قراءة المواقف السابقة لحزب الله وسوريا، في سياق ما يجري اليوم، من تخادم سياسي، وعنف طائفي، والمشاركة في قتل السوريين بدم بارد.
في كل أدبيات العلوم الاستراتيجية والعسكرية، فان المعتدي عليه أن يتجهز لملاقاة العدوان في بيته، ومن كان بيته من زجاج فلا يقذف الآخرين بحجر، وحزب الله الذي أجج العاطفة الطائفية بين ابناء لبنان، عليه ان يتوقع بان قتل السوريين لن يذهب هدرا، وأن أمن بيروت سيكون هدفا لتنظيمات مقاتلة ومتطرفة، والعتب دائما على من أيقظ الشيطان.
بالأمس القريب، شهد لبنان سلسلة من التفجيرات، في ضاحية حسن نصر الله، ومربع حزب الله الأمني، ولم تحم نصر الله تكنولوجيا الاستخبارات الايرانية، مثلما سارعت طهران بكل قوة للوقوف على القاعدي ماجد الماجد، الذي لو اسعفته الحياة قليلا، لباح باسرار علاقاته مع طهران، لكنه مات، ولا أحد يعلم كيف كان وتم ذلك، سوى ما قاله الإعلام اللبناني.
واليوم، يزداد الضغط على حزب الله، والتفجيرات تعود يوما بعد يوم، رغم الاجراءات الامنية المعقدة، كان آخرها التفجير في بئر حسن مقابل المستشارية الايرانية، أو كما يصفه البعض محطة الاستخبارات الايرانية في بيروت.
قرار نصر الله بالحرب نيابة عن الأسد في سوريا، هو قرار أيضا بفتح لبنان ساحة للصراع والنزاع، وهو ما ترغب به دمشق وطهران، لكنه هذه المرة يطال جمهورية حزب الله، وقيادته، ومربعه الأمني، وبذلك يكون قد جر لبنان الى منزلق خطير، وفوضى لا تحمد عقباها.
ثمة معارضة كبيرة لقرار دخول قوات حزب الله في خط الأزمة السورية؛ لحساسية الحسابات الأمنية وتداخلها، لا بل إن قياديين كبارا رفضوا قرار الحزب بالذهاب الى سوريا، غير ان قرار الحزب قرار ايراني، وليس أمام حسن نصر الله سوى الطاعة والامتثال.
ولا زال صوت العقل لدى عقلاء الشيعة في لبنان واضحا منذ بداية الأزمة السورية، وهو يؤكد أن المنطق السياسي والتاريخي، يفرض علينا الوقوف مع الشعب السوري لا مع جلاديه، لكن موقف نصر الله كانت تفرضه المعايير الطائفية ومعايير ولاية الفقيه.
حاول حسن نصر الله أن يخفي عن العوائل الشيعية، صدمة ما جرى في المدن السورية، التي حصدت أرواحا كثيرة، عمل على اخفاء الحقيقة والزعم بالنصر والبطولة، ولم يفصح عن عدد القتلى، بينما توصلت هذه الاسر الى الحقيقة عبر اطراف أخرى، لتكتشف ان الحزب وقائد الحزب يخدعونهم كل يوم، وانهم يخفون جثث الموتى كي يبقى النصر قائما، وان كان على كرامات الموتى.
بالأمس القريب، فقد الحزب 70 مقاتلا، لم يبلغ عنهم، بل اتخذ نظرية القطعة، وأعلن عن عدد قليل، لكن الحقيقة لا تغطى بغربال، وسرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم، لتفرض نفسها ليس على قيادات الحزب، وإنما على قيادات لبنان، كل لبنان، بألا وقف للتفجيرات في بيروت؛ إلا بعد انسحاب حزب الله من سوريا.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم، متى سيتم لجم الأحزاب التي ترى نفسها أكبر من الدولة، متى تقرر الأحزاب أن يكون لها جيوش مقاتلة واستخبارات، وتشارك بحروب خارجية دون إذن وقرار الدولة؟