الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا ترابط بين الاستحقاقين الرئاسيين اللبناني والسوري

لا ترابط بين الاستحقاقين الرئاسيين اللبناني والسوري

01.03.2014
ثريا شاهين


المستقبل
الجمعة 28/2/2014
ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، فُتح على المستوى الداخلي. وعلى المستوى الخارجي ثمّة اهتمام شديد به وبضرورة حصول هذه الانتخابات. لكنْ هل المنحى الذي يتم التعامل به دولياً مع الاستحقاق الرئاسي السوري، بالسعي إلى التأجيل، سيؤثّر في الملف الرئاسي اللبناني؟
تفيد مصادر ديبلوماسية بارزة، أنّ الدول الكبرى لا سيما الغربية منها، باشرت اهتماماً خاصاً بالاستحقاق الرئاسي اللبناني لكن من دون التدخّل في التفاصيل لا سيما الأسماء. المهم لديها هو حصول الانتخابات في موعدها الدستوري، وهذا موقف دولي ثابت، يُضاف إليه أنّ الهدف الذي يعمل عليه، هو تحييد لبنان عن أزمات المنطقة لا سيما الأزمة السورية. ثمّ هناك التشديد على الحفاظ على الاستقرار وانتظام عمل المؤسسات.
وبالتالي، ليس هناك من علاقة بين الاستحقاق اللبناني والاستحقاق السوري، وانتخابات الرئاسة في لبنان ليست مرتبطة بانتخابات الرئاسة السورية، فظروف كل من الاستحقاقين مختلفة، وكذلك ظروف البلدين مختلفة، كما أنّ التأثير السياسي للنظام السوري على لبنان بات مختلفاً عن السابق.
النزاع في لبنان ليس في حجم النزاع داخل سوريا. وما حصل في لبنان على صعيد التوافق على حكومة جامعة، ثم ما تبلور بعد ذلك على صعيد التفاهم على البيان الوزاري لهذه الحكومة، ليس مستبعداً أن ينسحب على التفاهم على الانتخابات الرئاسية والتوافق حول تفاصيلها. ولعب العمل الخارجي لتحييد لبنان قدر الامكان عن الأزمة السورية دوراً أساسياً في إرساء حالة التوافق. وتشكيل الحكومة يسمح بتوجيه الاهتمام الرسمي الداخلي نحو الأولويات اللبنانية من العزل عن الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار، ومعالجة مشكلة اللاجئين السوريين وتداعياتها.
صحيح أنّ الاستحقاقين غير مرتبطين بعضهما بالآخر، إنّما الأولويات التي يجب أن تعالجها الحكومة الجديدة والعنوان الأساسي لها، هو كيفية مواجهة تداعيات الأزمة السورية لا سيما في كل هذه الملفات المذكورة. وهذه التداعيات أصبحت يومية وفي كل المجالات، وباتت مرتبطة بالأزمة السورية ولا يمكن عزلها عنها.
لكن يبقى الفارق كبيراً بين الاستحقاقين. في 25 آذار تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، قد يتم انتخابه في أي وقت قبل 25 أيار موعد نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان. الثوابت الدولية حيال ذلك، تضغط لأجل حصول الاستحقاق، وتشكّل أرضية صالحة له لا سيما في ما خصّ الاستقرار وتحييد لبنان. العوامل التي تؤدي إلى انتخاب الرئيس الجديد في لبنان في الجو الدولي الموجود تصبّ بشكل مرتفع لمصلحة الانتخاب. وهذا الواقع غير متطابق مع الجو الدولي حيال الاستحقاق السوري. الغرب لا يريد الانتخابات في أيار لكي لا يُصار إلى انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد مجدداً، ولا يريدها لأنّه أيضاً غير قادر الآن على إزاحته من السلطة. والأسهل أمامه تأجيل الانتخابات السورية إلى وقت معيّن حتى اتضاح صورة التسوية الأميركية الروسية حول مصير الانتخابات ومصير الأسد. لذلك التأجيل هو الأوفر حظاً. فضلاً عن ذلك هناك فهم مختلف للوضع السوري وللاستحقاقات السورية بين واشنطن وموسكو ينعكس سلباً على تلك الاستحقاقات، وهذا الأمر غير موجود حيال لبنان. بالنسبة إلى واشنطن وموسكو، كلاهما تشددان على ضرورة انتخاب رئيس جديد للبنان في الموعد الدستوري، وكلاهما تشددان على الاستقرار وعلى تحييد لبنان عن الأزمة السورية، ولا يضع أي طرف شروطاً على الترشيح والشخصيات التي يمكن أن تترشح، خلافاً لما هو عليه الوضع بالنسبة إلى دمشق وترشيح الأسد. إذ إنّه لكل من واشنطن وموسكو مواقف مختلفة حول آلية الانتخابات السورية، وحتى إذا ما كان لازماً حصولها أو لا.
فضلاً عن ذلك، في سوريا هناك حرب أهلية تتخللها مشاركة الإرهاب، وثورة على النظام، أمّا في لبنان فالنزاع سياسي، ولدى الاستحقاق مهل دستورية ودستور، والبلدان ليسا في الحالة نفسها. فإذا، لا سمح الله، لم تحصل انتخابات لبنان، تكون الأسباب سياسية داخلية وليست دولية، إذ لا يوجد عرقلة دولية لإجرائها على الاطلاق.
لقد جرى توافق دولي على الاستقرار الداخلي، وهي النقطة الأساسية وعنوان المرحلة، وفي موازاة ذلك هناك توافق دولي على مكافحة الإرهاب.