الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا تظلموا الأسد!

لا تظلموا الأسد!

23.01.2014
محسن علي السُّهيمي


أيُّ جُرم هذا الذي يمارسه بشار بحق شعبه؟ وتحت أي مسوغ يمكن تبرير تدميره الشامل لسوريا إنسانًا ومكانًا؟

المدينة
الاربعاء 22/1/2014
لا تظلموا الأسد!مهما شدَّدْنا في خطابنا بحق الأسد، ومهما كانت الحدة طاغية في مفرداتنا تجاهه؛ وذلك بفعل ممارساته الوحشية بحق الآخرين، ومهما كانت نظرتنا تملؤها الريبة من سلوكه الدموي بحق غيره، ومهما كانت أدواته ذات فتكٍ إلا أنه يظل محتفظًا بشيء من خصال الرحمة، ويظل متحلِّيًا ببعض الصفات الإنسانية التي تمنحه علامات الإعجاب وعبارات الثناء والامتنان. بل إنه وبفضل بعض ممارساته الراقية التي أخفق فيها غيره فإن ذلك يدعونا لنُكبر فيه هذا السلوك العظيم، وهذا النُبل في التعامل. ومهما اختلفنا على الأسد إلا أنه يظل محتفظًا بشيء من صفات الرحمة والحنان، ويظل صاحب مواقف تُذكر فتُشكر، ويظل صاحب مبدأ لا يحيد عنه، وتظل جذوة النخوة لديه متقدة لا تخبو بفعل تمرد غيره عليه. باعتقادي أن الدهشة قد بلغت منكم مبلغَها، وأن أيديَكم حرثت شعرَ رؤوسكم؛ استغرابًا وحيرة من هذه السجايا الرفيعة، والخصال الجميلة التي تحلَّى بها الأسد الذي هو بظنّكم (بشار) في حين أن ما أعنيه هو ملك الغابة (الأسد المهاب) الذي دانت له الحيوانات كلها بالطاعة؛ رهبةً منه، وخوفًا من بطشه وفتكه. مناسبة الحديث عن الأسد (ملك الغابة) تأتي بفعل مقطع (يوتيوب) تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي. المقطع يبدأ بتسليط الكاميرا على (عِجْل) صغير يتهادى بين حشائش غضة في منطقة برية كثيرة المرعى تكسوها الخضرة من كل مكان، وقد صُحِب المقطع بأنشودة مؤثرة تدعو للتأمل في صنع الله وإطلاق الفكر ليتدبر في قدرة الخالق سبحانه. يستمر المشهد ليصور لنا لحظات مراقبة أسدٍ عظيمٍ لخطِّ سيرِ العجل الصغير، وفجأة يبدأ الأسد المهيب بالعدو خلف العجل، في الوقت نفسه كان منظر فزَع العجل يدعو للشفقة، ومع أن عدوَ الأسد خلف العجل لا تظهر فيه الجدية والحدة إلا أنه يخلع القلوب وهي تراقب لحظات اقترابه من العجل. يستمر المشهد ليصور لنا لحظة قبض الأسد على العجل ثم محاولة إطباق فكيه على رقبة العجل إلا أن العجل سارع بالدخول بين يدي الأسد، فما كان من الأسد إلا أن أصابته نفحات من رحمة قُسِّمت بين الخَلْق فبدأ بمداعبة العجل وتحسس أذنيه. وكم كانت حركات العجل بريئة ومدهشة وهو يعمد لـ(نطح) الأسد على صدره وتارة على رأسه، والأسد يتقبل ذلك بالمسح على رأس وظهر العجل الصغير وكأنه مولوده.لم ينتهِ المشهد بعد؛ فقد ظهر على مقربة منهما (لبوة) ذات جسم عظيم ما إن رأتِ العجل يلهو أمام الأسد إلا وانقضت صوبه كالسهم لتفترسه، عندها تنبه الأسد ليقوم باعتراض اللبوة بكل قوة في حادث تصادم عنيف لا يتحمله إلا أولو البأس الشديد، ثم يحمل الأسدُ العجلَ من رقبته ويبتعد به عن اللبوة قليلاً واللبوة تلاحقه، ثم يرمي به على بعد أمتار من ميدان المعركة ليلتفت للبوة التي تقهقرت وتراجعت صاغرةً أمام سطوته ليعود العجل الصغير بسرعة إلى أحضان الأسد ويبدأ الأسد بمداعبته واحتضانه، وتظل اللبوة ترقب المشهد عن بعد وهي في غاية الأسى على الحيلولة دونها ودون غنيمتها الباردة.
هنا نُسدل الستار على المشهد المثير لنزيح ستارًا آخرَ أحمرَ عن المتأنسن (بشار) لنرى فظاعةَ المجازرِ التي ارتكبها بحق شعبه، ونرى حجم المأساة التي يعيشها السوريون جراء ديكتاتوريته، ونرى الجانب (البشع) للإنسان حينما يتجرد من إنسانيته المزيفة.
وبعد.. أيُّ جُرم هذا الذي يمارسه بشار بحق شعبه؟ وتحت أي مسوغ يمكن تبرير تدميره الشامل لسوريا إنسانًا ومكانًا؟ وهل أصبح الأسد الحيوان في مملكته أكثر إنسانيةً من بشار المستأسد على السوريين خوفَ زوالِ مُلْكِه؟!