الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا صوت يعلو فوق صوت إبادة الشعب

لا صوت يعلو فوق صوت إبادة الشعب

07.05.2013
سعيد السريحي

عكاظ
الثلاثاء 7/5/2013
يبدو أن دريد لحام لم يعد وحده بطل الكوميديا السوداء في سوريا، ولم يعد وحده القادر على أن يدفعنا إلى ضحك يشبه البكاء أو بكاء يشبه الضحك، النظام السوري دخل على خط الكوميديا السوداء بقوة تضمن له التفوق وذلك بعد أن برهن أركان النظام أنهم قادرون على انتزاع الابتسامة من أفواهنا في أشد الظروف حلكة وأقوى الأحوال مأساوية.
النظام السوري أكد في أعقاب الضربة الإسرائيلية التي تلقتها دمشق فجرا على اعتباره هذه الضربة إعلانا للحرب، وزاد على ذلك بأن أكد على أن سوريا تحتفظ بحق الرد في الزمان المناسب وبالطرق المناسبة، ويبدو أن النظام السوري قد نسي أنه توعد إسرائيل أكثر من مرة بمثل هذا الرد الذي يردده في كل مرة يتلقى فيها لطمة من إسرائيل حتى بات الجميع يعرفون أن النظام السوري عاجز تمام العجز عن أن يرد على ضربات تشبه الإهانة يتلقاها مرارا وتكرارا من إسرائيل وأن الحديث عن الرد المناسب والوقت المناسب لا يخرج عن كونه مسرحية هزلية وكوميديا سوداء لا تستدعي غير الضحك المر على نظام يريد أن يضحك على العالم فينتهي إلى أن يكون أضحوكة للعالم.
ولعل للنظام السوري العذر في أن يدير خده الأيسر كلما لطمته إسرائيل على خده الأيمن، فهو مشغول بحرب شرسة تستهدف إبادة شعبه، وشعاره في هذه المرحلة لا صوت يعلو فوق صوت إبادة المواطنين، ولعل الوقت المناسب الذي لوحت به سوريا هو الوقت الذي لا يبقى فيه سوري حر على أرض الشام وعندها يمكن للنظام أن يهب إسرائيل بقية سوريا بعد أن كان قد وهبها من قبل الجولان.
النظام السوري تركنا في نهاية مسرحيته الهزلية في حالة ارتباك فنحن عاجزين تماما عن أن نستنكر الضربة الإسرائيلية استنكارا خالصا كما لا يمكن لنا أن نتقبلها تقبلا خالصا، غير أننا ندرك أن صراعا تجاوز الستين عاما مع إسرائيل لم يسقط فيه من الشعب السوري ضحايا سقطوا خلال عام من صراعهم مع نظامهم الذي يدعي حمايتهم من إسرائيل، كما ندرك أن أي حرب محتملة مع إسرائيل لن تلحق بالأراضي السورية الدمار الذي ألحقه جيش النظام السوري بالمدن والقرى والأرياف السورية.
وحين تعلن إسرائيل التعبئة العامة على الحدود السورية واللبنانية تحسبا لأي رد فعل في أعقاب الضربة التي وجهتها لدمشق فإنها بدورها تشارك في هذه المسرحية الهزلية فهي تعلم علم اليقين أن سوريا لن تقدم على أي عمل يمكن له أن يؤدي إلى فضيحة جيشها في معركة تعلم أنها لن تحظى فيها بغير الهزيمة لجيش لا يحسن إطلاق النار إلا على شعبه.