الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا علاقة بين سوريا وأوكرانيا

لا علاقة بين سوريا وأوكرانيا

27.04.2014
د. عبدالله جمعة الحاج


الاتحاد
السبت 26/4/2014
منذ أن نشبت الأزمة الحالية في أوكرانيا، يحاول بعض المحللين السياسيين العرب الربط بين المسألتين السورية والأوكرانية بطريقة مبالغ فيها، فلا يوجد رابط حقيقي بين الأمرين من وجهة النظر الروسية على الأقل، فأوكرانيا بالنسبة لروسيا مسألة وجود وخطر داهم يهدد الأمن القومي الروسي في عقر داره لو أن الغرب تمكن كلية من أوكرانيا.
في حين أن سوريا لروسيا هي تواجد استراتيجي مرتبط بمصالح سياسية واستراتيجية واقتصادية، وتنظر إليها روسيا نظرة مختلفة مقارنة بنظرتها نحو أوكرانيا. وبالتأكيد أن الاهتمام العربي يجب أن ينصب بشكل أكثر أهمية وعمقاً على السياسة الروسية تجاه سوريا أو غيرها من الدول العربية التي تشهد ضروباً من الفوضى وعدم الاستقرار منذ ديسمبر 2010، ويناير 2011.
وعبر مسيرة عدم الاستقرار تلك كانت روسيا تميل إلى الوقوف إلى جانب عدم التغيير والمحافظة على الأوضاع القائمة ساعية إلى الإبقاء على النظم الحاكمة ضد خطر إسقاطها إما من قبل مواطنيها بمفردهم أو أولئك الذين يعملون بالتنسيق مع الخارج. والجدير بالملاحظة أن الموقف الروسي هذا يأتي على النقيض من مواقف الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة، وكأن العالم لا يزال يعيش في فترة الحرب الباردة المنقرضة، فالولايات المتحدة رفعت صوتها منادية بالتغيير، وقامت بمساندة "الإخوان" في مصر، وأعلن رئيسها بأن "الربيع العربي" يشكل فرصة على قوس التاريخ في منطقة رزحت لعقود تحت حكومات غير فعالة أدى فشلها إلى خلق أرضية لتفريخ "الجهاديين" الذين يسعون إلى إثارة الفوضى.
إن النظرة الروسية للأوضاع في البلاد العربية تأتي جزئياً من رغبة موسكو في البقاء ذات دور ذي مستوى عال في السياسة الدولية، والذي يشكل المسار الذي تحقق روسيا عبره مصالحها الأعم والأشمل في المنطقة. تلك المصالح ليست ذات علاقة بما يحدث في أوكرانيا، وذات علاقة أقل بعلاقات روسيا المباشرة بالولايات المتحدة، بل هي مصالح تتعلق بحماية وضع روسيا كقوة رئيسية على الصعيد العالمي وصعيد المنطقة العربية وجوارها الجغرافي، في الوقت نفسه الذي يتم فيه أيضاً احتوائها للتهديد المحتمل القادم من سيطرة الإسلام السياسي المتطرف على المنطقة.
وبالنظر إلى الإرث الذي ورثته روسيا من سياسات الاتحاد السوفييتي السابق في المنطقة فإن روسيا بقيت لمدة طويلة لاعباً على الساحة السياسية الأوسع للمنطقة معتمدة على العلاقات الوطيدة مع سوريا والعراق واليمن الجنوبي السابق، واستخدمت شراكاتها معها كوسيلة للنفاذ إلى قضايا المنطقة، ووفرت وزناً مقابلاً للكتلة الموالية للولايات المتحدة ودول الغرب الأخرى، وعليه فإن سوريا الأسد تبقى المعقل الأخير للنفوذ الروسي في العالم العربي، وهو نفوذ يكره الروس رؤيته يتلاشى. وبالتأكيد أن روسيا اليوم لا تريد لنفسها أن تبقى أسيرة للإرث السوفييتي، لكنها عوضاً عن ذلك تسعى نحو شراكات جديدة عبر المنطقة تقوم على أسس جديدة لكي تقوم بإعادة تواجدها وحضورها كلاعب رئيسي وذلك بعيداً عن كل ما يحدث في محيطها القريب في أوكرانيا أو غيرها. وإذا كان هناك أي مبدأ يوضح سياسة روسيا الخارجية الجديدة، بما في ذلك تجاه سوريا، فهو دعمها لنظام عالمي يقوم على الدور القيادي لمجلس الأمن الدولي كحكم في الحرب والسلام، وفي مبدأ السيادة كأساس للعلاقات الدولية، حيث تجد روسيا نفسها وهي تمارس دور القوة العظمى من خلال حق النقض "الفيتو".