الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا عودة إلى الوراء !

لا عودة إلى الوراء !

30.09.2015
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الثلاثاء 29/9/2015
حتى لو اتفقت الولايات المتحدة وروسيا ومعهما كل الدول العظمى والكبرى على بقاء الرئيس بشار الأسد ونظامه فإن هذا لن ينهي هذه الأزمة السورية المستفحلة فسوريا قبل عام 2011 وقبل بداية ما سمي: "الربيع العربي" كانت تنعم باستقرار فُرض عليها منذ العام 1970 وقبل ذلك بالقوة وبالمذابح المتلاحقة وأبشعها مذبحة حماه في عام 1982 التي أشارت التقديرات السابقة واللاحقة أن ضحاياها تجاوزوا الأربعين ألفاً وهذا بالإضافة إلى الدمار والخراب وإلى الجرحى وإلى المشردين الذين فرَّوا بأرواحهم إلى اللجوء الداخلي وإلى اللجوء الخارجي الذي شمل دولاً عربية قريبة وبعيدة وإلى العديد من دول العالم .
 لنفترض أن اللعبة الروسية نجحت في الإبقاء على بشار الأسد إنْ خلال المرحلة "الانتقالية" حسب جنيف"1" وإنْ بعدها فهل يعتقد "دهاقنة" العالم الكبار, بعضهم أو كلهم, أن شلالات الدماء في سوريا ستتوقف وأن الشعب السوري, الذي ثار على الظلم والطغيان والاستبداد وعلى الإستئثار الطائفي, ليس بالسلطة فقط وإنما بالدولة أيضاً, سوف يرفع يديه استسلاماً كما استسلم بعد مذبحة حماه الأولى 1964 ومذبحة حماه الثانية 1982 وبعد المذابح الكثيرة المتنقلة والمعروف أن هذا الاستسلام لم يستمر عندما لاحت في مارس (آذار) عام 2011 أول فرصة للنهوض والثورة
 إنه غير ممكن بل مستحيل إعادة الشعب السوري إلى بيت طاعة هذا النظام الذي أوصل هذا الشعب إلى ما وصل إليه حتى وإنْ أصبحت سوريا كلها قاعدة عسكرية روسية وحتى وإن نقل الولي الفقيه علي خامنئي حراس الثورة الإيرانية إلى "القرداحة" وحتى وإن تم ترحيل "الحشد الشعبي" بقيادة هادي العامري ليستوطن جبل قاسيون فالسيف بالإمكان إعادته إلى غمده حتى وإن كان يقطر دماً أما الشعب الذي ثار على الظلم والطغيان في ظروف أصعب كثيراً من هذه الظروف فإنه من غير الممكن إعادته إلى ما كان عليه من استسلام و"طاعة".
 الآن هناك شبه توافق بين الدول التي تعتبر نفسها "الوصية" على الشعب السوري بأن يكون لبشار الأسد دور في المرحلة الانتقالية وفقاً لخطة جنيف"1" وهذا كان قد عُمل به في جنيف"2" من خلال الوفد الذي ترأسه وزير الخارجية وليد المعلم لكن المعضلة تكمن في ما بعد المرحلة الانتقالية إذ أنَّ "تعويم" هذا الرئيس و"تعويم" نظامه يعني القفز من فوق نحو خمسة أعوام من شلالات الدماء ومن فوق مئات الالوف من الجرحى والمعتقلين والمفقودين ومن فوق ملايين الذين فروا بأرواحهم وأرواح أطفالهم إلى دول "المهاجر" التي أغلقت بعضها أبوابها في وجوههم .
إنه من غير الممكن عودة عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة سوريا إلى ما كانت عليه قبل "حادثة" درعا المعروفة في عام 2011 وذلك حتى وإن تفاهمت الولايات المتحدة مع روسيا وحتى وإن تحول هذا البلد العربي كله إلى قاعدة روسية وحتى وإن لم يبق من الشعب السوري إلَّا من بقي صامداً فوق أكوام أتربة وحجارة المدن والبلدات والقرى المهدمة .
 لقد استهزأ بشار الأسد وأكثر من مرة بالحلول السياسية معتمداً على الروس والإيرانيين وعلى ميوعة الدول الكبرى المعنية وتردد الولايات المتحدة الأميركية وكل هذا كان قبل أن تتحول سوريا إلى قاعدة عسكرية روسية وإلى معسكر كبير لحراس الثورة الإيرانية مما يعني أنَّ القبول به في المرحلة الانتقالية سيعني العودة إلى ما قبل عام 2011 وكأن كل هذه الدماء التي نزفت لم تنزف وكأن هذا النظام لم يعد يسيطر إلَّا على نحو عشرين في المائة من سوريا وكأن الشعب السوري البطل فعلاً لم يقدم كل هذه التضحيات التي قدمها .