الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا وصفة غربية لردع الروس في سوريا عزل موسكو دولياً لا يوقف زحف سيطرتها

لا وصفة غربية لردع الروس في سوريا عزل موسكو دولياً لا يوقف زحف سيطرتها

11.10.2016
روزانا بومنصف


النهار
الاثنين 10/10/2016
ردت روسيا على بعض اصوات في واشنطن تحدثت عن امكان توجيه ضربات محدودة لمواقع النظام السوري لردعه عن تدمير حلب بالقصف الجوي والبراميل المتفجرة بمساعدة الطيران الروسي بمجموعة اجراءات يتفق اكثر من مصدر ديبلوماسي على اعتبارها اجراءات مغالية ازاء ما تعرفه روسيا جيدا وتوظفه ألا وهو المرحلة الانتقالية التي تجتازها الادارة الاميركية عشية انتخابات رئاسية من المرجح ان تترك واشنطن من دون قرار اساسي لاربعة اشهر على الاقل خصوصا مع ادارة باراك اوباما الذي رفض طوال سنوات القيام باي خطوة عملانية ازاء الوضع السوري. فقبيل استعدادات منذ اسبوع من اجل قرار دولي في مجلس الامن تحضره فرنسا مع اسبانيا من اجل وقف تدمير النظام لحلب بمساعدة روسيا، صدرت مواقف عن مسؤولين روس يحذرون من ان اي ضربات عسكرية ضد قوات الاسد ستعتبر اعتداء على روسيا. وهو موقف متقدم في تقديم الحصانة للنظام السوري ابعد من الفيتو الذي استخدمته روسيا قبل يومين للمرة الخامسة من اجل منع اتخاذ قرار دولي حول سوريا يلجم وحشية النظام وداعميه. وفي موازاة هذا الموقف صادق مجلس النواب الروسي الجمعة الماضي على الاتفاقية التي وقعتها موسكو مع نظام الاسد في 26 آب من العام الماضي والتي تقضي ببقاء القوات الروسية في سوريا الى اجل غير مسمى وبحصانة ديبلوماسية للجنود الروس ازاء ما يقومون به فضلا عن منع النظام من دخول القواعد العسكرية للقوات الروسية، وذلك في خطوة ترمي الى صد الغرب وسعيه الى مواجهته انفلات روسيا في مساعدة النظام على تدمير حلب وضمها الى سيطرته مجددا بتدعيم موقفه وموقعه في سوريا، عبر مجلس النواب الروسي من جهة وبدعم النظام من جهة اخرى. وهناك الاهم وهو ارسال صواريخ اس 300 الروسية المضادة للطائرات الى طرطوس غرب سوريا علما ان القواعد الروسية غير مستهدفة ولا يملك اي من فصائل المعارضة ما يهدد روسيا كما ان الولايات المتحدة ليست في هذا الوارد. هذا الاستعراض السياسي - العسكري من جانب روسيا واكب الاستعراض الديبلوماسي في مجلس الامن لجهة السعي الى افشال مشروع قرار فرنسي - اسباني لوقف تدمير حلب بفيتو روسي على القرار وبمحاولة طرح مشروع بديل يتبنى بعض بنود المشروع الفرنسي ولكن لا يطلب وقف الضربات الجوية فوق حلب، ويطلب التمييز والفصل بين المعارضين في حلب على نحو يقفل عمليا ابواب الحل الديبلوماسي راهنا وتحديد الارجحية للخيار العسكري من خلال السعي الى فرض امر واقع في سوريا في تمكين النظام وحلفائه من السيطرة على ما يسمى سوريا المفيدة قبل وصول الادارة الاميركية الجديدة.
 
بعض المصادر الديبلوماسية لم تر في مشهد مجلس الامن محاولة ناجحة لردع روسيا خصوصا بعد فشل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الى روسيا ومحاولة اقناع موسكو بوقف العمليات العسكرية ضد حلب خصوصا ان روسيا لا تزال تقول بالاتفاق على الهدنة الذي وقعته مع واشنطن في 9 ايلول الماضي . اذ ان تعليق واشنطن محادثاتها مع روسيا حول واشنطن واستعانة الاخيرة بالحلفاء الاوروبيين ليس بالضرورة وصفة ناجحة لاقناع الروس في الوقت الذي يشعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انه في موقع قوة، في حين ان واشنطن محرجة وما لا تستطيع اللجوء اليه مباشرة لن تحصل عليه بالواسطة. ولا تعتقد هذه المصادر ان الدول الغربية كانت تأمل في نجاح المشروع الفرنسي بل ثمة حاجة لهذه الدول ان تحاول من جهة ان تظهر للرأي العام لديها او الخارجي انها لم تتخل عن حلب وعن المعارضة السورية وتتركهما لمصيرهما في الوقت الذي لا تقدم للمدينة والمعارضين السوريين مساعدة كبيرة. ولا تعبر هذه الدلالات فقط عن اتساع الخلاف الاميركي - الروسي الذي اشتد حول سوريا اخيرا عقب فشل اتفاق الهدنة الذي وقع بينهما او تعبر ايضا عن النية في حشر روسيا دولياً من خلال عزلتها في موقفها على رغم ان مشروعها نال دعم تصويت دولة عربية هي مصرعلى نحو لافت، علما ان مصر تجاهر منذ بعض الوقت بمواقف اقرب الى موسكو من الدول العربية الخليجية الداعمة للقاهرة، بل تعبر ايضا عن تضاؤل الهامش المتاح امام الدول الغربية ازاء تعميق روسيا سيطرتها في سوريا وتعزيز موقعها فيها وتاليا امتلاكها القدرة على انتزاع ما تراه من حلول لسوريا في المرحلة المقبلة وفق رؤيتها او قواعدها للحل.
هل لا يزال الخيار العسكري الذي فكرت به واشنطن بصوت مرتفع قائما او انه لم يكن واردا اصلا في الوقت الذي لم تكن ادارة اوباما تخاطر بأي ضربة للنظام في عز التعاون مع موسكو، فكيف بلحظة خلاف كبير؟ المصادر الديبلوماسية المعنية لا ترى ذلك خصوصا غداة تسريب محضر اجتماع لوزير الخارجية الاميركي جون كيري مع وفد من المعارضة السورية قال فيه انه لم ينجح في اقناع ادارة اوباما بتوجيه عمل عسكري ضد النظام . فالحرب متى كانت جدية لا تخاض اعلاميا على نحو سابق للخطوة التي يعتزم اتخاذها وفق ما جرى الحديث عن خيارات موضوعة على الطاولة امام اوباما. كما لا ترى هذه المصادر خيارات ديبلوماسية متاحة على رغم المحاولات للاشارة الى ان الجهود لا تهدأ على هذا الصعيد. لكن يخشى ان استسلام واشنطن لروسيا في الموضوع السوري منذ زمن ليس بقصير اقفل الاحتمالات على الحصيلة التي تؤول اليها الامور راهنا في سوريا ما لم تحدث مفاجأة تقلب الاوضاع ، وهذا لا يبدو محتملا.