الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا يصدّقون أن لا استراتيجية أميركية واضحة! واشنطن في سوريا تقترب من الموقف الروسي

لا يصدّقون أن لا استراتيجية أميركية واضحة! واشنطن في سوريا تقترب من الموقف الروسي

28.01.2016
روزانا بومنصف



النهار
 الاربعاء  27/1/2016
سارعت الديبلوماسية الاميركية الى توضيح ما نقل عن اللقاء الذي عقده الوزير جون كيري لدى زيارته الرياض ولقائه وفد المعارضة السورية فيها، والذي أظهر تراجعا في الموقف الاميركي لمصلحة التقاء هذا الموقف أكثر مع المنطق او المقاربة الروسية من موضوع المفاوضات. وقد صدر بيان عن المبعوث الاميركي الى سوريا مايكل راتني حمل جملة توضيحات تظهر وجود مغالطات في ما نقل على نحو بدا مفيدا وفق بعض المتابعين الديبلوماسيين. والمحصلة التي تمثلت في الحصول على توضيحات او ضمانات مكتوبة وعلنية كانت جيدة بالاستناد الى البيان، نظرا الى الخشية التي اثارها، وهو ما يمثل تراجعا في الموقف الاميركي من التطورات السورية. والتراجع الذي شهده الموقف الاميركي من موضوع الرئيس السوري بشار الاسد على الاقل، واضح، وقد تدرج من وجوب رحيله وصولا الى فقدانه الشرعية ثم الى تقرير السوريين مصيره واحتمال ترشحه للانتخابات المقبلة على نحو يظهر اقترابا أكثر للموقف الاميركي من موقف روسيا على هذا الصعيد، خصوصا انه تم الاخذ بشروط موسكو ايضا في شأن وفد المعارضة الذي يدور في فلكها واعتباره استشاريا للموفد الدولي ستافان دو ميستورا. وهؤلاء المتابعون يخشون في الواقع تغييرا في الموقف الاميركي في ضوء جملة عناصر، من أبرزها أن الولايات المتحدة لا تملك استراتيجية محددة لها في سوريا على عكس ما تقوم به روسيا. وهناك ما دأب الرئيس الاميركي باراك اوباما على التعبير في شأنه طيلة السنوات الخمس الماضية من ان الموضوع السوري لا يكتسب اهمية كبرى بالنسبة اليه، وهو لا ينوي الانخراط فيه، باستثناء رغبته في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية. كما يخشى هؤلاء ان اوباما قد يحتاج في السنة الاخيرة من ولايته الثانية الى ان يختتمها بإنجاز يقول فيه ان مسارا للعملية السياسية السورية بدأ في الاشهر الاخيرة من عهده، وهو ما قد يدفعه الى مسايرة روسيا في طموحها لقيادة المسار السياسي وفق ما يناسب مصالحها واهدافها في سوريا. فالاداء الاميركي من الموضوع السوري لا يوحي الثقة، حتى لأبرز الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة لجهة التمسك بموقف صلب من الاساس في وجه الشروط الروسية أمام وفد المعارضة. اذ ان مجرد تخصيص وزير الخارجية الاميركية الجزء الاكبر من زيارته للرياض من اجل ايصال رسالة من هذا النوع الى المعارضة السورية يعني وجود خطأ جوهري انطلاقا من تنكب كيري بنفسه هذه المهمة، بدلا من التصدي للارادة الروسية في فرض شروطها على تشكيلة المعارضة. والمآخذ الاوروبية على الموقف الاميركي هو الحجم المتزايد من التنازلات، فيما تفتقد اوروبا القيادة الاميركية من جهة وعدم قدرة اوروبا في ذاتها على قيادة سياسة مختلفة أو أكثر صلابة في الشرق الاوسط. والواقع أن عددا من وزراء الخارجية الاوروبيين لم يخفوا تأييدهم لوفد المعارضة الذي تألف في الرياض وعدم مسايرة شروط موسكو، أكان ذلك مسايرة للراعي المعنوي لهذه المعارضة، أي المملكة السعودية، أم اقتناعا بأحقية أن تشكل المعارضة وفدها من دون أن يفرض الخارج، أي خارج، شروطا عليها، خصوصا متى كان كروسيا، باعتبارها طرفا منخرطا في الحرب وليس وسيطا حياديا.
 
والمشكلة وفق ما تظهر لهؤلاء المتابعين هي عدم استيعاب الاوروبيين كما دول عدة في منطقة الشرق الاوسط اختلاف الدور الاميركي في شكله الجديد مع ادارة اوباما، على رغم مشارفة الولاية الثانية لهذا الاخير على الانتهاء. ولا يزال هؤلاء جميعهم يحاسبون الولايات المتحدة او ينتقدونها بناء على ما هو متوقع منها. فمع أن هناك دراسات كثيرة تحدثت عن ذلك، فضلا عن ان محطات عدة أثبتت ان اميركا التاريخية ما بعد الحرب العالمية الثانية ليست هي نفسها اميركا التي لم تعد ترى مصالح كبيرة لها في المنطقة، اللهم باستثناء بعض المصالح كـأمن اسرائيل في الدرجة الاولى والعلاقات الجيدة مع المملكة السعودية. فمنذ تراجع الولايات المتحدة عن قيادة الغرب في محطة بارزة أكثر ما تجلت إبان الحملة الغربية لدفع معمر القذافي الى التنحي والرحيل، وسرى ما بات يعرف بالقيادة الاميركية من الخلف، لا يزال ذلك قائما. والتسليم لروسيا في سوريا، أيا تكن طبيعة الاتفاق في ما بينهما، وان كان يتضمن ان تتخلى روسيا لاحقا عن بشار الاسد او تدفعه الى الرحيل بغض النظر عما إذا كانت روسيا ستلتزم ذلك او تبدله على الطريق الى الحل السياسي، فإن ما يبدو واضحا على الاقل ان الادارة الاميركية لا تزال تعتمد الاسلوب نفسه، بمعنى ان سوريا غير مهمة بالنسبة اليها، خصوصا بعد نزع السلاح الكيميائي الذي كان يمكن ان يهدد اسرائيل. وسوريا نفسها لم تعد تشكل أي تهديد، فيما تعول الادارة الاميركية على انتخابات ايران لكي تأتي بالفريق الاصلاحي، على أن يساهم وصول هذا الاخير في هدايا معينة بعد حين تضمن أمن اسرائيل، أكان الأمر يتناول اسلحة "حزب الله" أم سوى ذلك.