الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لبشار ونصر الله .. زيف انتصاركما

لبشار ونصر الله .. زيف انتصاركما

10.06.2013
العزب الطيب الطاهر

الشرق القطرية
الاثنين 10/6/2013
لمن يدعى بشار الأسد ولمن يدعى حسن نصر الله أقول: زيف انتصاركما في القصير الصامدة بل هو خيبة كبيرة أو قل فضيحة عارمة. فالانتصار الحقيقي ينبع من إنجاز يتحقق ضد عدو يحتل الأرض أو سحق غزو مفاجئ للوطن. ولكن عندما يتجلى الأمر في قتل الشعب بحجة أنه يتمرد ضد السلطة الحاكمة ومواجهة الآلاف من الجند المدججين بكافة صنوف الأسلحة بما في ذلك استخدام الطيران والصواريخ والمدافع بعيدة المدى ضد500 مقاتل فذلك لا يعني انتصارا أو إنجازا أو تحولا استراتيجيا في المعركة بالمرة. إنه لا يعدو كونه مجازر ومذابح وتعبيرا عن حالة من فقدان البصيرة دفاعا عن وهم متوغل في عقول النخبة الحاكمة في دمشق بقيادة الأسد والزمرة التي جاءت إليه بالإسناد عبر الحدود خاصة من جند حزب يطلق على نفسه مسمى حزب الله في حين أنه ثبت بالدليل العملي- بعدما جرى في القصير وغيرها من مدن سوريا- أنه عكس ذلك تماما حزب يعمل للشيطان. بعد أن تخلى عن الله وعن هويته التي حاول أن يسوقها لنا على مدى العقدين المنصرمين بحسبانه قوة مقاومة ضد العدو الصهيوني.
لقد خدعتنا قيادة الحزب بخطابها السياسي الذي كان يستخدم مفردات المقاومة والكيان الصهيوني. للحد الذي رفعت فيه صور حسن نصر الله في العديد من المدن العربية. تقديرا للجهد الذي بذل في معركة يوليو 2006 وقبلها معركة تحرير الجنوب اللبناني وهو ما حاول أن يروج له في اختياره الوقوف إلى جانب نظام بشار في دمشق. باعتباره دفاعا عن مربع المقاومة والممانعة بيد أنه سرعان ما كشفت الحزب وقيادته عن وجه طائفي وهنا تتجسد الخطورة. فذلك يعني بوضوح استدعاء السمة الطائفية للأزمة في سوريا بل وفي المنطقة.
ولعل ما شوهد من شريط تلفزيون بث الأسبوع الفائت على "اليوتيوب" والذي يتحدث فيه عناصر حزب (...) عن أنهم جاءوا لنصرة الحسين ينبئ بقوة عن هذه الخطورة في المسألة السورية.
شخصيا لم أتصور أن نصر الله بهذا القدر من الحس الطائفي الضيق الأفق كنت أظنه أن سينحاز- انطلاقا من موقع حزب الله المقاوم - إلى ثورة الشعب السوري. لأن المقاومة لا تتجزأ فهي تتوهج ضد العدو الخارجي المحتل للأرض وبنفس القدر ضد الاستبداد. وهنا تكمن المفارقة بين رؤية نصر الله التي ثبت أنها طائفية بامتياز. ورؤية مقاوم شديد الشراسة ضد العدو الصهيوني هو خالد مشعل أبو الوليد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس. الذي أدرك قبل فوات الأوان أن ما يمارسه النظام السوري بقيادة بشار ضد شعبه هو جريمة ولا يدخل مطلقا في سياق الدفاع عن خندق المقاومة فانسحب من دمشق. وأعلن قطيعة مع النظام والذي لا ينكر المرء أنه احتضن مشعل وقيادات وكوادر حماس عندما سدت السبل بوجوههم، وذلك يعكس الفضاء الشديد الاتساع للمنظور السياسي الذي يتحرك فيه مشعل قارئا بعمق لحركة الشعوب وفي الوقت نفسه جسد مبدئيته وعدم انفصامه بين ما يؤمن به وبين الواقع الذي يتعامل معه. فانحاز إلى ثورة الشعب السوري ودفع ثمن ذلك هجوما متواليا وحادا من وسائط إعلامية مرتبطة بالنظام سواء في دمشق. وحتى من طهران التي خففت دعمها السياسي لحماس على خلفية هذا الموقف الشجاع والمبدئي لأبي الوليد.
لا ينبغي لبشار أو نصر الله أن يظهرا البهجة أو بالأحرى الخيبة الكبيرة بعدما جرى في القصير’ فليتذكر الأسد أن قواته استعادت أحياء في حمص وغيرها من المدن الثائرة في مراحل سابقة من الثورة التي مضى على انبثاقها أكثر من عامين ’ لكن سرعان ما استعادها الثوار ولن تكون القصير استثناء. فقد انسحب منها مقاتلو الجيش الحر على نحو تكتيكي بعد أن حوصرت المدينة من كل الجهات بمليشيا حزب (...). وما يسمى بشبيحة وقوات النخبة من الجيش العلوي - عذرا لاستخدامي مفردات تنطوي على مفاهيم طائفة أمقتها – مسلحين بالعتاد الروسي. فضلا عن إسناد رجال قدموا من إيران والعراق وباكستان ينتمون للأسف للمذهب الشيعي.
أظن أن بشار ونصر الله أرادا من خلال معركة القصير توجيه عدة رسائل في مقدمتها للطرف العربي الذي أيد في أغلبيته الثورة السورية خاصة في اليوم الذي كان يجتمع فيه مجلس الجامعة العربية في اجتماع طارئ بالقاهرة – يوم الأربعاء الفائت - على مستوى وزراء الخارجية وتجلت هذه الرسالة بوضوح في تصريح لمسؤول بالخارجية التابعة للنظام والذي اعتبر فيه الجامعة العربية جزء من المشكلة وأنها لا تعني النظام في شيء غير أن وزراء الخارجية ردوا على هذه الرسالة بتوجيه أقوى عبارات التنديد بتدخل حزب الله بل والتوافق جميعا على أن تكون المرحلة الانتقالية التي سيتم التوافق عليها في مؤتمر جنيف2 المزمع عقده في شهر يوليو المقبل من دون بشار الأسد الذي لن يكون له موقع في المشهد السوري الجديد وفق ما أكد عليه وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو والذي ترأس الاجتماع الوزاري العربي.
أما الرسالة الثانية لهذا الانتصار الزائف فقد كانت موجهة للغرب. خاصة الولايات المتحدة التي ارتمت في مربع الدب الروسي وأخذت تنادي بالحل السياسي للأزمة من خلال إقرار مقترح موسكو بحوار بين النظام والمعارضة. ومؤداها أن النظام قادر على القيام بتعديلات هيكلية في المواجهة مع الثوار الذين حققوا تحولات نوعية في الأشهر الأخيرة مما جعلهم أكثر قربا من دمشق ومن قصر الرئاسة فيها. مما يؤكد الانطباعات السائدة بأن الغرب وفي المقدمة واشنطن غير مهيأ لإحداث تغيير حقيقي وجوهري في النظام السوري الذي ثبت أنه أكثر قدرة على التعاطي مع متطلبات الإستراتيجية الصهيو أمريكية في المنطقة. فهو على مدى أكثر من أربعين عاما لم يطلق رصاصة واحدة ضد قوات الاحتلال في هضبة الجولان والتي فصلتها عمليا عن سوريا وضمتها رسميا للكيان الصهيوني.
غير أن الرسالة البالغة الأهمية التي انطوت عليها معركة القصير. تكمن في أن ما اعتبره النظام انتصارا فيها. لم يتحقق بقوات الجيش الحكومي بمفرده - والذي كان يعد من أقوى جيوش المنطقة- وإنما عبر الإسناد الذي قدمه بشكل رئيسي عناصر الحزب إياه وهو ما يعكس - وفقا لمقولة أحد الخبراء - يأس النظام من إمكانية كسب المعركة، أو حتى تجنب الهزيمة؛ كما يعكس حقيقة تخلي نظام دمشق عما تبقى له من مظاهر السيادة.
السطر الأخير: يا رب يا حنان يا منان احتويتني بفضلك. فصرت مقصرا عن الوفاء بشكرك. لم يكن لي سواك أوجه إليه دموعي ورغائبي وأشواقي. فتفضلت عليّ برحمتك فأنت واهب الحياة ومانح العافية.